الأفران تتوقّف عن توزيع الخبز.. بانتظار نبيه برّي!

أصحاب الأفران يريدون رفع سعر ربطة الخبز (علي علوش)
أصحاب الأفران يريدون رفع سعر ربطة الخبز (علي علوش)


تهافَتَ اللبنانيون مساء أمس الخميس، على شراء ما توَفَّرَ من خبز في المحال التجارية والسوبر ماركت، لتلافي توجّههم إلى صالات عرض الأفران، بعد إعلان اتحاد نقابات الأفران والمخابز، عدم توزيع الخبز على المناطق، بدءاً من يوم الجمعة 9 نيسان، واقتصار البيع على صالات العرض.

ما وُجِدَ مساءً لم يؤمِّن كامل الطلب على الخبز. فاصطفَّ طالبو الخبز صباحاً أمام صالات العرض، في مشهد يُكرِّر ما حصل منذ نحو عام، حين امتنعت الأفران عن التوزيع بحجّة الأكلاف الإضافية التي تتكبّدها، فيما سعر ربطة الخبز لا يؤمِّن الأرباح المطلوبة، حسب قولهم.


تنصّل من المسؤولية

لا تجد الأفران والمخابز حرجاً في التنصّل من مسؤوليّتها إزاء ما يحصل. فتقدّم لنفسها حُكماً بالبراءة، فهي أعلنت أنها لا تتوقّف عن صناعة الخبز بل عن توزيعه. ويرفض نقيب أصحاب الأفران والمخابز، علي إبراهيم، تهمة عدم توفير الخبز، وبرأيه "طالما الخبز مؤمَّن في الأفران يعني أنه متوفر".

لا يريد إبراهيم تصعيد المواقف ضد وزارة الاقتصاد بشكل مباشر، لكنه أظهَرَ امتعاضه من قرارها زيادة وزن الربطة الكبيرة 15 غراماً، وعشرة غرامات للربطة الصغيرة، من دون الرجوع إلى النقابات المعنية. وما استفزَّ إبراهيم أكثر، هو "إصدار وزير الاقتصاد القرارات ليلاً وإرسالها إلينا عبر الواتساب". وكل ذلك يحصل في مقابل التزام الأفران بسعر ربطة الخبز 2500 ليرة.

قرار الأفران موجَّه ضد وزارة الاقتصاد، بشخص الوزير راوول نعمة. لكن المواطن هو مَن يدفع الثمن. أما نعمة، فلا يبخل على الأفران بالكثير من المساعدة، وعلى رأسها التغاضي عن الكلفة الحقيقية لصناعة الخبز، والتي تتيح للأفران تحقيق أرباح مرتفعة. كما أن الأفران تستفيد من الطحين المدعوم بأموال المودعين، لصناعة الحلويات والمنتجات الأخرى التي تباع بأسعار مرتفعة، في حين يفترض تخصيص الطحين المدعوم لصناعة الخبز.


بانتظار برّي

ترفع الأفران سقف مطالبها، وتتخذ خطوات تصعيدية تصل إلى حد الإقفال، لكنها تترك مسرباً مفتوحاً للحل، باتجاه رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، الذي "يَمون" على الأفران والمخابز، وعادة ما يُكلِّف المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، إبن هذا القطاع، إيجاد الحل وتقريب وجهات النظر بين الأفران ووزارة الاقتصاد. ودائماً ما يكون الحل مِن كيس الناس وصغار أصحاب الأفران الذين انتفضوا مؤخراً ضد ما يمارسه أصحاب القرار داخل الاتحاد. فهؤلاء منتفعون من سياسات الدعم العشوائية، ويحققون أرباحاً كبيرة، وهذا ما دفع رئيس نقابة صناعة الخبز في لبنان أنطوان سيف، ورئيس نقابة أصحاب الأفران في الشمال طارق المير، للاستقالة من الاتحاد، نتيجة "التجاوزات، والكيل بمكيالين، ودعم المحسوبيات". والاستقالة التي حصلت منذ نحو شهر، قدّمَت دليلاً على استفادة كبار النافذين في الاتحاد من دعم مواد الخميرة والسكّر والنايلون، وما إلى ذلك من مواد تدخل في تحديد كلفة صناعة الخبز وتحديد سعر الربطة.

الطوابير التي احتشدت أمام صالات العرض، لم تعد غريبة عن أذهان اللبنانيين، فهي تتكرر على محطات المحروقات وأبواب السوبرماركت كلّما دعت الحاجة، بفعل تدهور الأوضاع. وإن كان أصحاب الأفران ينتظرون ما سيقرره برّي، إلاّ أن الحل لا يكون مستداماً، والعودة إلى وقف التوزيع بعد استئنافه خلال يوم أو يومين، قابل للتكرار. ومن غير المستبعد تفاقم الأزمة وصولاً إلى ارتفاع في أسعار ربطة الخبز إلى ما يزيد عن 3000 ليرة، ولجوء بعض الأفران إلى الإقفال النهائي أو تقليص حجم الإنتاج. وهو ما لا يستطيع برّي أو غيره من السياسيين حلَّه، لأنه جزء من السياسات العامة التي يفترض بالحكومة رسمها.

في المحصلة، تستدرج الأفران وزارة الاقتصاد لتبنّي رفع سعر ربطة الخبز، كمدخل لاستئناف التوزيع. والوزارة لا تُمانِع، لكنها تلعب في البداية دور الحامي لمصالح الناس، لتوافق على رفع السعر، وتبرره بدراسات تخلص إلى أن السعر المرتفع هو نتيجة حتمية لأسعار الطحين عالمياً ولضغط أزمة الدولار محلياً. وعليه، لا أزمة خبز في الأفق، بل أزمة أسعار وجشع.

تعليقات: