في ميس الجبل، صحن الفتوش بات يُصنع من منتوج حديقة المنزل، ما يوفر على الصائمين مبالغ كبيرة. «الحواكير»، أو أحواض الزرع بجوار المنازل في البلدات والقرى، ضمنت توافر الخضر على أنواعها، ووفرت جزءاً من تكاليف شهر الصوم.
في ميس الجبل الحدودية (قضاء مرجعيون)، توارث كثر تلك العادة القروية التي يعتاش منها البعض. لكن آخرين استفادوا من مشروع «زراعة الحاكورة» الذي نفذّه اتحاد بلديات جبل عامل.
بسبب أزمة «كورونا» وفرض التعبئة العامة، عادت عشرات العائلات للإقامة بشكل دائم في مسقط رأسها.، ومع ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية والخوف من فقدان بعض أنواعها بسبب الأزمة الإقتصادية، استُحدثت «حواكير» بجوار المنازل لتأمين اكتفائها الذاتي من بعض أنواع الخضر.
لم تكن الزراعة فعلاً جديداً على البيوت الريفية، نظراً لتوفر الأراضي والبيئة المناسبة، لكن مع بداية سنة 2020، طوّر أهل ميس الجبل زراعتهم لتشمل أصناف جديدة وكميات أكبر من المزروعات.
عرفات قاروط، أحد أبناء ميس، أنشأ مشروع خيم زراعية، لإنتاج محصول زراعي على مدار السنة، اعتمد فيه على أصناف أساسية كالبندورة والخس والخيار والباذنجان والفليفلة. «حققت اكتفاءً غذائياً ذاتياً وخففت من الفاتورة الغذائية للعائلة، كما أن المشروع وفّر أرباحاً جيدة، وصرت أصرّف إنتاجي في بلدتي».
أما فاطمة، فإنها تستثمر كل شبر في حقلها المجاور للشريط الحدودي، حيث تزرع «الحشائش والخضار على أنواعها. «لا أُضطر لشراء ضمة كزبرة واحدة من السوق». وللطبخ، تحتفظ بعصير البندورة الذي موّنت منه خلال الصيف الفائت.
عدد من بلديات الجنوب واتحاد بلديات جبل عامل، لعبت دوراً كبيراً في إنجاح مشروع «زراعة الحاكورة». الاتحاد أمّن بالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني، حصصاً تحتوي كل منها على كمية من الشتول تكفي لزراعة دونم من الأرض بأسعار زهيدة، في إطار تشجيع الناس وحثهم على الزراعة. وأُقيمت الورش التعليمية لمساعدة المبتدئين وأصحاب الخبرة، للخروج بأفضل النتائج.
ويقول المهندس الزراعي ورئيس اللجنة الزراعية في بلدية ميس الجبل، علي طه، إن «بلديات الجنوب ومن ضمنها بلدية ميس الجبل، وزّعت القمح مع نهاية العام 2019، لأن التخوف كان من تفاقم الأزمة الإقتصادية إلى حد توقف الإستيراد، فركّز المزارعون على زراعة القمح والشعير والعدس والحمّص، لأنها منتجات بنسبة كبيرة منها مستورد».
لكن، وبعد غلاء المنتجات الزراعية ووفود الكثير من العائلات إلى الجنوب، استُغلّت «الحاكورة» بشكل مكثّف خلال عام 2020، واتجه الناس إلى زراعة أصناف كثيرة للتخفيف من العبء الإقتصادي. وأوضح طه، أن كثراً استعادوا سلوكيات أجدادهم الغذائية، بتخزين المحصول عوضاً عن زراعة الخيم البلاستيكية، التي توفر مختلف الأنواع على مدار السنة. الزراعات الشتوية (بقدونس، كزبرة، خس، ملفوف، قنبيط، سلق، سبانخ) كما الزراعات الصيفية (فول، بازلاء، كوسى، بندورة، بامية، خيار) أصناف «كانت البيوت اللبنانية تخزّن منها من موسم إلى آخر، وهذا ما استُعيد خلال السنة الفائتة من خيرات الأرض».
وتوقع طه بأن يزدهر القطاع الزراعي ويعود إلى سابق عهده، لأن الناس تعود إلى الأرض.
تعليقات: