قصة جديدة من قصص التضحية والعطاء والايثار ، قصة تسطر معنى الاخوة وصلة الرحم ، حيث لم تتوانى محاسن ابراهيم وهبي (35 عاما أم لثلاثة اولاد يتامى الاب) عن تقديم هدية ثمينة من جسدها لتهب أخاها الوحيد علي (26 عاما) حياة جديدة خالية من المعاناة والالم، بعدما وهبته احدى كليتيها في عملية ناجحة تمت يوم الجمعة في مستشفى حمود في صيدا.
الشاب علي ابراهيم وهبي ابن بلدة الدوير الجنوبية ، يعمل في تعاونية ابو عامر الاصلي عند دوار حاروف -النبطية ، متزوج منذ عام ، يعاني من قصور كلوي خلقي ، بات يهدد صحته وحياته، وكانت نتيجة الاستشارات والمعاينات الطبية والفحوصات التي كان يجريها في السنوات القليلة الاخيرة ان الامور تزداد سوءا، والبديل "زرع كلية " على الاقل ، والا سيدخل في معاناة الغسيل وغيرها، ولم يصل صدى رأي طبيبته نينا مراد الى مسمع شقيقته محاسن بأن شقيقها يحتاج الى زرع كلية حتى بادرت دون تردد لان تكون هي الواهبة للكلية، وعندها بدأت رحلة " الفحوصات الطبية " ومن مختبر الى مختبر معا، وترافقا ايضا الى الاطباء المعالجين ، الى ان تم تحديد موعد اجراء العملية في 30 نيسان .
شقيقة علي ، محاسن أم لــــ 3 اولاد هم رؤى (16 عاما) ، غدير ( 13 عاما) ومحمد (6 اعوام) فقدوا والدهم نادر قانصو منذ 5 سنوات في حادث سير، ذاك الشاب الخلوق ، الطيب ، الذي لا تنساه الدوير ابدا، لفتت محاسن الى ان " شقيقها الوحيد علي عانى من قصور كلوي خلقي، واشار الاطباء الى ان وضعه قد يزداد سوءا ، الا اذا تم زرع كلية له، وقررت ان أتبرع بكليتي دون النظر او التفكير في اية مخاوف، تفكيري فقط في إنقاذ أخي ، فهو السند والعون ومصدر القوة ولا يمكن أن يعوض بكنوز الدنيا".
يوم الخميس في 29 نيسان 2021 ادخل علي ومحاسن وهبي الى مستشفى حمود في صيدا ، لاجراء الترتيبات الطبية والصحية لاجراء العملية التي ادخلا اليها يوم الجمعة 30 نيسان 2021 الساعة السابعة صباحا، على يد رئيس قسم زراعة الكلى في مستشفى حمود الدكتور الجراح محمد وهبة ويعاونه فريق طبيب متخصص وبمتابعة من اخصائي الكلى الدكتور هلال ابو زينب ، واستمرت العملية زهاء 3 ساعات ونصف ، وتكللت بالنجاح ، خرجت محاسن الى الغرفة رقم 338 في الطابق الثالث ووضعها مستقر، فيما ادخل شقيقها علي غرفة العناية المركزة، بحيث ان وضعه يحتاج الى مراقبة شديدة ومتابعة طبية، وكانت اول البوادر الجيدة ان الجسم تجاوب سريعا مع الكلية الجديدة.
منذ يومين وحتى اجراء ونجاح العملية اليوم الجمعة ضجت وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة الصفحة الخاصة ببلدة الدوير والاصدقاء والمعارف بطلب الدعاء لعلي ومحاسن بنجاح عمليتهما، ومعهم تفاعلت مواقع التواصل ، بالدعوات لرب العالمين، وبالشعور العظيم بالعطاء والتضحية عندما " تعجز الادوية عن العلاج" ، فتهب الاخت كليتها لاخيها لتزرع في جسده املا جديدا للحياة باذن من الخالق العزيز، في زمن غابت عنه التضحية و الوفاء كثيرا، وليس حدثًا عابرًا أن تتقدم إحداهن لتهب شقيقها جزءًا حيويًا منها، فالحياة شراكة كما يقولون، والارواح عندما تهب نصفها لمن يحتاج النصف، لهو في عرف الحياة قمة التضحية.
كلمات رددتها محاسن قبل ان تدخل غرفة العمليات اليوم هي وعلي " خذ كليتي ولو كان الامر لي لوهبتك الكليتين. لا يطيب العيش لنا وانت عليل. فثق، وثقتنا بالله كبيرة، أنك ستعود إلينا، كما عاد يوسف إلى أبيه".
عائلة علي ومحاسن وهبي تتوجه بجزيل الشكر لكل من وقف الى جانبهم معنويا وماديا، في هذه المرحلة الصعبة التي لا يتمنونها لاحد، كما يخصون بالشكر ادارة واطباء وممرضي مستشفى حمود الجامعي على ما اولوه من اهتمام ورعاية..
الشكر الكبير للدكتور محمد وهبة ابن بلدة كفرحمام البطلة، ولفريقه الطبي..
الشكر للدكتور هلال ابو زينب وللدكتورة نينا مراد..
والشكر الجزيل لادارة الضمان الاجتماعي ولكل مفتش وموظف فيه على رعايتهم ، والشكر لكل محب وصديق اتصل مطمئنا ووقف الى جانبنا بكل ما يملك .
تعليقات: