فرض الموقع الجغرافي للعرقوب بمحاذاة الجولان وفلسطين، على أهل المنطقة المقاومة المبكرة ضد العدو الصهيوني. أهالي البلدات المتنوعة، اتّحدت على نصرة القضية الفلسطينية والصراع ضد العدو الإسرائيلي. انخراط غالبية العرقوبيين منذ العشرينيات في الأحزاب اليسارية والوطنية والقومية، حوّل المقاومة إلى عقيدة متوارثة.
باكراً دفعت بلدات العرقوب ثمن مناصرتها للقضية الفلسطينية. أول شهدائها من كفرشوبا، سقط في فلسطين عام 1937 بوجه عصابات الهاغاناه، قبل أن يطوبها اتفاق القاهرة عام 1969 «فتح لاند» حيث تمركز العمل الفدائي الفلسطيني حتى عام 1978، تاريخ الاجتياح الإسرائيلي الأول للجنوب.
سريعاً، بدأت إسرائيل تعتدي على بلدات العرقوب، قبل احتلال الجنوب بسنوات. في 12 أيار 1970، سجل أول عدوان من نوعه عندما نسفت إسرائيل منزلَي الشيوعي جريس خليل والقومي جورج معلوف في راشيا الفخار، لدعمهما الفدائيين لوجستياً وعسكرياً. البلدة نفسها، دفعت الثمن الأكبر باجتياح 1978. قصفت كنيستها وهُجِّر أهلها وجُرفت بيوتها.
كفرشوبا وكفر حمام وراشيا الفخار والخريبة نذرت أهلها وبيوتها على طريق المقاومة. عائلات بأكملها دفعت ثمن رفض الإذعان للمحتل وعملائه. كفرحمام تنتظر استعادة رفات ابنها يحيى الخالد منذ 34 عاماً وراشيا الفخار ترفع ذكر جريس خليل. الوالد اعتقل في أنصار عام 1983 وأبعد مرات عدة. أولاده وسيم وحفيظ وطلال توالوا على معتقل الخيام. فقدوا الاستقرار وفرصة متابعة دراستهم. رجاء ابنة جريس، توقفت قسراً عن متابعة دراستها الجامعية، بعدما كان العملاء يقتادونها إلى التحقيق كلما عادت من بيروت لتزور أهلها. خسرت حلمها والتزمت البلدة.
بمسحة سريعة، يبدّد وسيم الذكريات العصيبة. «كل شيء هان أمام فرحة التحرير». وبالرغم من أن «المحتل انقلع» منذ 21 عاماً، لا يتوقف عن «تحدّي نفسي بأن أكزدر في الليل والنهار بمحاذاة الشريط الشائك بين العديسة والمطلة والحمامص لأصدق أننا تحررنا». يعكف وسيم على استصلاح الأراضي في بلدته لزراعتها. «لاشعورياً، أحفر التراب بيدي لأشمّ رائحته».
باكراً، أضاءت المنارات عند سفوح جبل الشيخ. على غرار المقاومة المبكرة في العرقوب، سجل ابن مشغرة، قاسم محيدلي أول عملية ضد المحتل الإسرائيلي تلبية لنداء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في أيلول 1982. بمسدس حربي، أطلق النار على سيارة «جيب» تقلّ جنوداً قرب سدّ القرعون. وبعدها بعامين، اغتيل ضابط استخبارات العدوّ «أبو النور» في مجدل بلهيص.
تعليقات: