فضفضة لأمي:
عادة ماأهاتف أمي، فتنهمر الدموع الغزيرة حتى تظن أن سوءا خبيثا أصابني،بت أتحاشى أن أكلمها والناس بقربي،رغم أنني أكون في غاية الفرح والمرح،لكن صوت أمي يبكيني كثيرا،فتبقى أمي مرآتي.
كل الأشياء التي تخيفها باتت تسهويني،علمت أنها مدرسة للعمل على تقوية نقاط ضعفي،وعلى كبح غضبي،أمي هي مرآتي،أرى فيها وجهي،وعندما أرى أخطاءها أحاول تصحيحهم وتغييرهم في ذاتي،أمي لاتحب الهدوء والبساطة في الحياة؛دائما ماتحاول أن تقنعني بأن أساير عصري،وأن تعلم الطبخ ضروري لاهروب منه، لم ترغمني ولم تكسر جناحي أبدا.
ليت الحياة تعود كالسابق يا أمي ،ليت طفلتك الصغيرة لم تكبر بعد فتنعم بحضنك الدافئ الذي لم أكن أأبه به، حضنك المنيع يا أمي هو الحصن الحصين الذي طالما كان يحمي طفلتك من قساوة الأيام ، كانت عندما تتعثر صغيرتك و هي تحبو تفر إليك وتحشر وجهها داخلك، فتخبر العالم أجمع بأن وحدك الحضن الحامي يا أمي، فيض من المشاعر الصادقة لم أكن أشعر بها و أنا بجوارك يا سندي الحنون ، ليت طفلتك لم تكبر يوما ، كانت كل دمعة تذرفها عيناها البنيتين تمسح أثرها على صدرك ، يدك الدافئة كانت وحدها البلسم الشافي ، روحك يا أمي أصبحت تعانق قلبي فأستشعر حياته حينها ، و حبك يهطل عليه بغزارة فتنبعث من جديد نسخة منك ، يكن في سويدائه حبا يتجاوز عرض السماء والأرض ، يا منبع العطاء الذي لا يعكر صفوه رياء ولا مقابل، فلو تجسد بشرا لكنت أنت، يا أملي البعيد أعد لي طفولتي بجوار أمي ، في داخلي حكايات لا يسعها إلا صدرها الحنون سأحكي لها عن واقعنا المشؤوم ، ما هكذا علمتني يا أمي أخبرتني أن الناس سواسية لا فرق بين كبيرهم وصغيرهم ولا غنيهم وفقيرهم و أن أكرمهم عند الله أتقاهم، لكنني وجدت الحياة غير خاضعة لقانون أمومتك النقية الصفية، بل لقانون الغاب أصبح كبيرنا يأكل صغيرنا ينهشه وينخر عظمه،فتطغى بهيميته على إنسانيته،أخبرتني يوما أن أعمالنا ستوزن على ميزان الحق ولو كانت مثقال ذرة من خردل، فقلت لي بنبرة حكيمة : لذلك أيقظي الضمير يا ابنتي وأخرجيه من نومه" ، ولكن ضمائرنا اليوم ياأمي مازالت في خبر كان.
أمي، أريد أن أخبرك بأن اليدين الرحيمتين التي كانت تظفر شعري استبدلت بيدين قاسيتين، وبدل تصفيفه وفتل ظفائره، باتوا يتفننون في جره ومده،آه نسيت أن أخبرك بأن الشفتين الحمراوتين الباردتين التي كانت تقبل وجنتاي استبدلت بآلة حديدية صارت تؤلمني وتغير ملامحي،رباه كيف نسيت إخبارك بأن الاختفاء تحت السرير بغاية المرح والبسط أصبح ملاذي الذي أؤمن فيه جسدي من حر الضرب لفترة قصيرة،وكيف تصدقين فتوة جسدي المنهم الذي أضحى محطة للبقع الزرقاء من شدة فرط ألم وقسوة الأنامل العنيفة،وكيف يمكنني إخبارك أنني أعاني وأقاسي الويلات؟
ترى هل تصدقين مستواي الدراسي الكارثي؟
هل تصدقين كميات الدموع التي ذرفتها وأنا أجوب الشوارع والأزقة بحثا عنك؟ أو بالأحرى بحثا عن شخص يشعرني بأنك بخير؟
لا ورب الكعبة أنني مانسيتك في سجودي وركوعي، ناديتك راجية بأن تأتي، لكنك لم تسمعي كلامي، فانطويت على الرصيف أصرخ وأتألم لكنني لم أجدك.
أمي قومي أرجوك قومي، يتيمتك بحاجة إليك أرجوك قومي،أرجوك أن تردي على الألسنة اللاذعة، وأن تكفي الأيادي القاسية للطمي، وأن تضعي ذراعك كي أتسندها بدل صخرة الرصيف.
#قلم_رصاص
تعليقات: