ضرائب البنزين والمازوت ترتفع 30% منذ مطلع العام!

أسعار المحروقات في حلّتها الجديدة
أسعار المحروقات في حلّتها الجديدة


في كل مناسبة، وعند كل حديث عن الوضع المالي للدولة، يردد رئيس مجلس الوزراء، فؤاد السنيورة، وعدد من الوزراء المعنيين، وعدد من الوسائل الإعلامية أن إيرادات الدولة من المشتقات النفطية أصبحت صفراً، إلا أن الأرقام تثبت العكس. إذ يبيّن احتساب رسوم الاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة على المازوت والبنزين فقط منذ مطلع عام 2008 حتى حزيران الحالي أن هذه الإيرادات بلغت أكثر من 221 مليار ليرة!

ـ«بات دخل الدولة من البنزين يتنازل تدريجاً، وقد استنفدت رسوم الاستهلاك والرسوم الجمركية على المشتقات النفطية بالكامل»، هذا ما يردده دائماً رئيس مجلس الوزراء، فؤاد السنيورة.

ـ «لقد أصبحت إيرادات الخزينة من الرسوم على المحروقات صفراً»، وهذا ما يعيد ترداده وزير المال جهاد أزعور.

ـ «الدولة تتكبّد خسائر من جراء أسعار المحروقات»، وهذا أيضاً وأيضاً ما تردده وسائل الإعلام المختلفة من دون أي تدقيق أو تمحيص.

■ ما هي الحقيقة؟

لقد أصبحت هذه العبارات «محط كلام» في كل تصريح صحافي تعلنه الحكومة، لتبرر وجهتها الاقتصادية الداعمة لخيار صندوق البنك الدولي في ما يتعلق بزيادة الرسوم على البنزين إلى ما لا يقل عن 6000 ليرة عن كل صفيحة، وقد ورد هذا الموضوع بنداً أساسياً في ورقة باريس 3، وبرنامج «ايبكا»، ولكن هل أصبحت إيرادات الخزينة من المحروقات صفراً في الحقيقة؟ وهل استنفدت الرسوم والضرائب على المشتقات النفطية «بالكامل»؟ وهل حقاً لا تستطيع الحكومة المبادرة لتثبيت أسعار المحروقات التي ترهق المواطنين بارتفاعها الأسبوعي؟ وهل كان يجب زيادة تعرفة النقل إلى 2000 ليرة في ظل هذه الظروف الصعبة؟ أم كان هناك بديل يعوّض القيام بهذا الإجراء الإفقاري؟

■ رسوم وTVA

احتسبت «الأخبار» الرسوم على الاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة التي حصّلتها الحكومة من المازوت والبنزين منذ 8 كانون الثاني من عام 2008 حتى حزيران الحالي، وذلك وفق مؤشرات حجم استهلاك هذه المواد يومياً، أي 50 ألف صفيحة من البنزين 98 أوكتان، و200 ألف صفيحة بنزين 95 أوكتان، و150 ألف صفيحة من المازوت، و50 ألف صفيحة من الديزل أويل.

وتبيّن أن إيرادات الدولة حتى الآن (من دون احتساب العائدات الضريبية من الكاز والغاز المنزلي الذي يستهلك على نطاق واسع في لبنان) وصلت إلى 221 ملياراً و203 ملايين و450 ألف ليرة لبنانية «عدّاً ونقداً»! لا بل إن هذه الإيرادات شهدت تطوراً ملحوظاً في هذه الفترة على أساس المقارنة الشهرية، إذ كانت 32 ملياراً و596 مليوناً و300 ألف ليرة في كانون الأول، لتصبح 42 ملياراً و165 مليوناً و750 ألف ليرة في حزيران الحالي، أي إن زيادة الإيرادات بلغت في هذه الفترة 29.36 في المئة ! ألا يكفي هذا المؤشر لدحض كل ادعاءات السنيورة وأزعور والإعلام عن أن هذه الإيرادات أصبحت صفراً؟!

■ تطور الإيرادات

وفي تفاصيل تطور إيرادات الدولة من الرسوم والضرائب المفروضة على المازوت والبنزين من دون احتساب الكاز والغاز المنزلي، وكذلك من دون احتساب أرباح الدولة من حصرية استيراد المازوت الأحمر، إذ إنها لا تزال تحتسب جعالة لها بنسبة 5 في المئة من السعر، فقد بلغت في كانون الثاني من عام 2008 حوالى 32 ملياراً و596 مليون ليرة، بينها مليار و800 مليون ليرة رسوم استهلاك، وحوالى 30 ملياراً و796 مليون ليرة ضريبة على القيمة المضافة. وشهدت هذه الإيرادات ارتفاعاً خلال شهر شباط الماضي بقيمة 883 مليوناً و800 ألف ليرة قياساً إلى الشهر السابق، واستمر هذا الارتفاع في آذار ليبلغ مليارين و216 مليون ليرة، وكذلك في نيسان 242 مليوناً و500 ألف ليرة. أما في أيار، فقد بلغ ارتفاع الإيرادات رقماً قياسياً، إذ وصل إلى 5 مليارات و388 مليون ليرة قياساً إلى الشهر السابق، و8 مليارات و730 مليون ليرة قياساً إلى كانون الثاني.

أما في حزيران الحالي فقد ارتفعت إيرادات الخزينة من الضرائب والرسوم على البنزين والمازوت إلى 42 ملياراً و165 مليوناً و750 ألف ليرة، أي بزيادة بلغت 9 مليارات و569 مليون ليرة قياساً إلى كانون الثاني، و839 مليون ليرة قياساً إلى شهر أيار.

■ هل يمكن خفض الـ TVA؟

وتوضح مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» أن ثبات رسوم الاستهلاك المفروضة على البنزين منذ منتصف شهر آذار الماضي على قيمة 3500 ليرة على البنزين عيار 95 أوكتان و6500 ليرة على 98 أوكتان (الرسوم على أساس الكيلو ليتر) يعود إلى أسباب تتعلق بقرار جمركي يمنع انخفاضها عن هذه القيمة، وبالتالي كان الارتفاع الأساسي في إيرادات الخزينة من المشتقات النفطية يعود إلى تحصيل ضريبة النسبية على القيمة المضافة (10%)، التي تشهد ارتفاعاً مع تطور أسعار المشتقات النفطية المستوردة. وتشدد المصادر على أنه لا يمكن القول إن إيرادات الدولة من الرسوم والضرائب على المشتقات النفطية هي صفر، إلا إذا كانت الحكومة ترى أن الضريبة على القيمة المضافة لا تدخل ضمن الإيرادات وهذا غير منطقي. وأكدت المصادر أن رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة يقول إن الإيرادات على المشتقات النفطية كانت 500 مليار ليرة، وبالتالي فإن انخفاض هذه الإيرادات إلى 221 مليار ليرة يعني أنها انخفضت حوالى 44 في المئة، وليس 100 في المئة، كما يجري التسويق له إعلامياً.

وأشارت المصادر إلى أن معظم دول العالم غير المنتجة للنفط تخفض الضريبة على القيمة المضافة أو تلغيها كلياً عن استيراد المشتقات النفطية، وخصوصاً البنزين، فسوريا مثلاً ثبتت أسعار المشتقات النفطية وألغت الضريبة على المحروقات، وكذلك الأردن، بحيث أصبح فارق سعر صفيحة البنزين بين الأردن ولبنان 15 ألف ليرة.

تعليقات: