«معركة» جديدة بين عويدات والعونيّين: نقابة المحامين تحتجّ على «الدولة البوليسيّة»


اشتعلت الحرب مجدّداً بين التيار الوطني الحر والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات. التيار غير راضٍ عن مدّعي عام الجمهورية. يتهمه بعرقلة فتح ملفات فساد، فيما يرد مقربون من عويدات بأنه سبق أن أحال جميع ما ورد إليه من شكاوى إلى النيابات العامة المختصّة، مثل ملفَّي وزارة المهجرين وكازينو لبنان اللذين باتا في عهدة النائبة العامة في جبل لبنان غادة عون، منذ مدة طويلة. ردُّ المقربين من عويدات يهدف إلى إحراج العونيين، على قاعدة أن المدعية العامة في جبل لبنان محسوبة عليهم، وسبق أن دعموها في وجه النائب العام لدى محكمة التمييز، عندما قرّر توزيع مهامّ النيابة العامة في جبل لبنان، ليُبعد القاضية عون عن مباشرة العمل بالقضايا المالية.

آخر المواجهات أتت بعد توقيف فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، مؤسس تحالف «متّحدون»، المحامي رامي عليق، أول من أمس، بناءً على شكوى تقدم بها مجلس القضاء الأعلى ضده على خلفية فيديو صوّره علّيق أمام المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي الخميس. و«الجرم» المنسوب إليه هو شتم القضاء وتهديد عدد من القضاة. وعزّز من شدة المواجهة عدم تراجع القاضي عويدات عن قراره بإبقاء عليق موقوفاً. فقد استمع المحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري إلى إفادة علّيق على مدى ٣ ساعات أمس حيث أصرّ على التوصيفات التي أطلقها ضد القضاء. وأحاله موقوفاً على قاضي التحقيق الأول بالإنابة القاضي شربل أبو سمرا الذي سيباشر استجوابه مطلع الأسبوع المقبل.

في الفيديو، وجّه علّيق اتهامات مباشرة الى القاضي عويدات واصفاً إياه بالمجرم وحمّله مسؤولية التغطية على كارتيلات الفساد. ووصف القضاء بـ«المعفّن» و«المكمّخ» معتبراً ما معناه أن بعض القضاة سيذهبون إلى المزابل. هذا الفيديو استفزّ مجلس القضاء الذي رأى فيه تطاولاً غير مسبوق من محامٍ ضد الجسم القضائي وتحقيراً لعدد من قضاته واعتبر أنّ عليق اقترف جريمة مشهودة لا تحتاج إلى إذنٍ مسبق من نقابة المحامين لملاحقته في غضون 24 ساعة. وبحسب المصادر القضائية، بعد الاتصال بعلّيق للحضور ضمن مهلة الجرم المشهود تمنّع عن الحضور، عندها أصدر المحامي العام التمييزي غسان خوري مذكرة إحضار بحقّه. أُوقف علّيق أمام مكتبه من قبل ثلاثة عناصر قيّدوه بالقوّة واقتادوه إلى مقر المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. هذه الخطوة أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي التي تضامن عدد كبير من روادها مع المحامي علّيق، استنكاراً لـ«التصرّف القمعي الذي يهدف إلى كمّ الأفواه». وأعلنت نقابة المحامين الإضراب ليومين احتجاجاً على «توقيف المحامي علّيق والانزلاق نحو الدولة البوليسية».


شبّه رئيس التيار التحقيق مع أوريان ورزّوق بما تعرّض له العونيون قبل عام 2005

وسبق توقيف علّيق، اقتياد الناشطين في التيار الوطني الحر شربل رزوق وطوني أوريان، إلى التحقيق، على خلفية تعليق لافتة ضد مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، «بهدف الاستماع لإفادتهما لكشف هوية مموّل حملة الذمّ بالنائب العام لدى محكمة التمييز والذي يُشكّل جرماً تبعاً للمادة ٣٨٦ من قانون العقوبات وجرم زعزعة الثقة بالقضاء وتضليل الرأي العام عن طريق إشاعة وقائع كاذبة حول مصير الملفّات المتضمّنة جرائم الفساد». وأعلنت النيابة العامة عبر حسابها على «تويتر» أن «لا قرار بتوقيف أي شخص في الملف، إنما وجود هؤلاء لدى الضابطة العدلية يهدف إلى أخذ إفادتهم فقط». وقد أُطلق سراح أوريان ورزّوق، بسند إقامة، ما يعني إمكان استدعائهما مجدداً.

ونأت قيادة التيار بنفسها عن لافتات أوريان ورزّوق، معتبرة أن حملتهما على عويدات كانت بدافع شخصي منهما، وأن رئيس التيار، النائب جبران باسيل، كان قد اعترض على «تسميتهما لعويدات». لكنّ باسيل قام ودعم موقفهما، مشبّهاً، في تغريدة على موقع «تويتر»، توقيفهما بالملاحقات التي كان يتعرض لها ناشطو التيار قبل عام 2005. وفيما نشر باسيل تغريدته بعد توقيف المحامي علّيق، أكّدت مصادره أن لا صلة للأخير بالتيار، وأن موقف رئيس «الوطني الحر» محصور بدعم الناشطين العونيين الذين تعرضوا للاستدعاء على خلفية التعبير عن موقفهم، «فيما رئيس الجمهورية يتعرّض للشتم علناً، من دون أن تتحرك النيابة العامة لملاحقة مطلقي الشتائم بحقه».

تزامن كل ذلك مع حملة أطلقها مناصرو التيار الوطني الحر ضد القاضي عويدات تحت عنوان: «شو عملت يا غسان بأكثر من ٣٥ ملف؟»، فيما بعث مجلس القضاء الأعلى برسالة إلى عويدات يتحدّث فيها عن ورود اتصال من مجهول إلى المجلس، هدّد فيه المتصل «بإلحاق الضرر الجسدي بكل من رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود ومدعي عام التمييز غسان عويدات وعائلتهما». وطلب المجلس من القاضي عويدات اتخاذ الإجراءات المناسبة لمعرفة هوية المتصل وتوقيفه ومعرفة دوافع الاتصال.

وقد دخلت على خط المواجهة أمس القاضية غادة عون عبر حسابها على «تويتر» قائلة: «انو انا ما عم افهم. هل في ناس فوق المساءلة. ممنوع تحميلهم اية مسؤولية. مدعي عام تمييزي في جريمة العصر التي دمرت نصف بيروت وقتلت ٢٠٠ ضحية وشردت المئات... وثبت أن التفجير ناتج عن التلحيم الذي أمر به حضرة مدعي عام التمييز ثم يحفظ الملف وتدمر بيروت. وين المساءلة؟ هذه مسخرة لا عدالة».


تعليقات: