عن شاشة «أو تي في»
الجميع انتظر افتتاح «أو تي في». «اهل العريس» البرتقاليون، وأيضا من لا يتحمل طعم البرتقال أصلا. البعض لكي يتلذذ بعلنية خطاب قمع لسنوات «يلعلع» على شاشة خاصة به، والبعض الآخر ليصطاد ثغرات أدائه في شباك نقده. الجميع انتظر والجميع فوجئ او صُدم. ولعل المفاجأة «السارة» كانت لدى «الخصم»، الذي لم يتوقع ان يعلق في شباكه كل ذلك الصيد الوفير من الثغرات والأخطاء. وهذا ما يفسر حالة الصدمة أو «الخيبة» التي أصيب بها جمهور عريض أيّد خطاب ميشال عون المبني أساساً على مكافحة الفساد والمحسوبيات. وعندما يرى على شاشته الصغيرة المحبوبة سلوكاً لا يمتّ الى الكفاءة الإعلامية ولا الى روحية التيار التقدمية بأي صلة، يكتشف أن الشاشة التي وعدت بالتغيير لم تف، على الأقل حتى اليوم، بوعدها، و«طلائع» من يفترض أن يحدثوا هذا الاختراق لا تبشر بالخير.
في نشرات الأخبار هناك «حلقة مفقودة» ما. فغالبية التقارير الإخبارية إما مقابلات خاصة أو معدة من داخل التلفزيون. ما يشي بمشكلة ما على صعيد التعاطي مع المراسلين. فهل هناك قرار بخفض المراسلات الميدانية الى حدها الأقصى أم ماذا؟ لا أحد يعلم. هل السبب انهم غير أقوياء؟ ليستبدلوا أو يدربوا إذاً! أم هي مشكلة نظرة فوقية الى المراسل؟ ويختلط ضعف فريق المراسلين بنوع من تجميع المهام في يد رئيس التحرير جان عزيز، الذي يظهر بوتيرة مقلقة مهنياً على شاشة «أو تي في»، تارة بصفته المهنية وأخرى بصفته الحزبية. هذا ما بدا جلياً لدى متابعتنا تغطية «أو تي في» لأعمال الحوار الوطني في الدوحة الشهر الماضي. حيث وقفت المراسلة المسكينة نتالي عيسى، كما لو أن مهمتها هي أن تكون آلة التسجيل لرب عملها، أمام الكاميرا، تسأله (بصفته الحزبية) عن أجواء الجلسات وهو يجيب مثنياً (بصفته الحزبية أم المهنية؟)على... مقدمة نشرة أخبار المؤسسة الإعلامية التي يرأس تحريرها، والتي من المحتمل بشكل كبير أن يكون هو من كتبها، او هذا على الأقل ما يظنه جمهور الشاشة البرتقالية.
لم نتكلم بعد عن أداء المذيعات، ولا عن نوعية البرامج التي تبث، حيث يتولد انطباع لدى المشاهد ان الإدارة اشترت «ستوك» ما، أخذوا بعرضه علينا من دون اي روح او تخطيط او الإيحاء بأن هناك اهتماماً سوى بملء فراغ ساعات البث.
وإن كان يسجل للمحطة اهتمامها بالإنتاج المحلي وعرضه، اضافة لتقبلها النقد علي شاشتها كما حصل في حلقة النائب نجاح واكيم منذ ايام ، الا إن مشاكل كثيرة تطالع كل من يشاهد المحطة البرتقالية. وليس آخرها «غياب الهوية» لكل من برنامجي «نقطة فاصلة» الذي يقدمه الزميل حبيب يونس، و«في التفاصيل» للزميلة رلى معوض، على اعتبار أن الهوية السياسية لكل من البرنامجين أطاح بها الوافد الأخير على البرامج السياسية، أي «الحق يقال» مع ماغي فرح. هكذا، بدا للمشاهد ان حاجة ملحة دفعت تلك البرامج الى «التموضع» في هوية أخرى وإلا ذهب البرنامج في خبر كان. يضاف إلى هذه الحيرة في الهوية، «تشابه في الأسماء» وتكرار في معنى وشكل عنواني البرنامجين (فواصل وتفاصيل) بشكل يشي بالافتقار الى الحد الأدنى من متطلبات التسويق، وبشكل رئيس: قلة خبرة الزميلين في البرامج التلفزيونية. لكن إعادة التموضع تلك لم تنجح، برأينا، في أي من البرنامجين حتى الآن. إذ ما زال «الحنين» الى السياسة «المحرمة» طاغياً عليهما. هذا على الأقل ما بدا من نوعية بعض الموضوعات المختارة كطرح موضوع «النكتة السياسية» في حلقة «نقطة فاصلة» الأخيرة للزميل يونس. وإذا كان ما يتردد عن حصر المواضيع السياسية بالزميلة ماغي فرح صحيحاً، ما الذي يمنع إعطاء هذين البرنامجين استراحة صغيرة تمكن المشاهدين من نسيان بداياتهما حيث كان التسابق على «نجوم السياسة»، على أشده كما كان يظهر من خلال «التضارب» في ضيوف البرنامجين. ولعل تعدد وتضارب البرامج السياسية كان الخطأ الوحيد الذي عادت عنه قناة «أو تي في» حين حصرت التطرق الى السياسة في برنامج مسائي واحد. ولو ان هناك الكثير ليقال في «تلفزيونية» فقرة البرنامج الأولى التي تذكر بمنشأ ماغي فرح الإذاعي.
ويبقى «الرجوع عن الخطأ» في بقية «الظواهر» التي عرضنا لها حاجة ملحة للتلفزيون البرتقالي، اولاً كي يكون شعار التغيير اسما على مسمى، وثانياً لكي يكون هذا التغيير جاذباً للمشاهدين من كل طرف و...لون.
تعليقات: