مشايخ الشمال في طابور انتظار مقابل 20 دولاراً!


تمخّض «جبل» مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان، فولد فأراً. هذا ما يقوله مشايخ الشمال، بعدما تحققت وعود سماحته بتلقيهم قسائم شرائيّة بقيمة 300 ألف ليرة من دولة الإمارات، معتبرين أنّهم تعرّضوا للذل خلال عمليّة تسلّم القسائم

طال انتظار الجهاز الديني في الشمال، وتحديداً في عكار، لـ«المفاجأة» التي وعدهم بها مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان، بعدما لم يترك هؤلاء باباً إلا طرقوه بسبب تدهور أوضاعهم الاقتصاديّة وعملهم في المساجد من دون مقابل. تنفّس المشايخ الصعداء، أخيراً، عندما وعدهم دريان بأّنّ مساعدة ماليّة شهريّة ستصلهم من إحدى الدول العربيّة. وبالفعل، تلقّى هؤلاء الذين يتعدّى عددهم الـ850، الأسبوع الماضي، اتصالات من دائرة الأوقاف تطلب منهم الحضور إلى مدرسة عمر بن الخطّاب في حلبا بين الواحدة والرابعة من بعد ظهر السبت الماضي، لتسلّم مساعدة قدّمتها «مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانيّة» بالتعاون مع السفارة الإماراتيّة في بيروت.

غير أنهم اكتشفوا أن المساعدات لم تكن مخصصّة للجهاز الديني فقط. فقد تلقّى العديد من العائلات اتصالات مماثلة للحضور إلى المدرسة نفسها في التوقيت نفسه، حيث فوجئوا بغياب التنظيم، فيما «التدبير الوحيد المنظّم» كان نشر يافطات كُتب عليها «شكراً دولة الإمارات».

أكثر من ساعتيْن قضاها المشايخ عند المدخل الرئيسي، قبل أن يُطلب منهم الانتظار أمام الباب الخلفي المُخصّص أصلاً للخروج. وتبيّن لاحقاً أنّ إرسالهم إلى الباب الخلفي كان بقصد إدخال القائم بأعمال السفارة الإماراتية فهد الكعبي بهدوء. لذلك، لم تصل إلى مسامع الكعبي صرخات الغضب نتيجة الإهانة التي تعرّض لها المشايخ الذين انتظروا دورهم لساعات على باب المدرسة. وما زاد الطين بلة هو الخطأ الحاصل في المستندات المطلوبة، إذ طُلب منهم إحضار إخراج قيد لتسلّم المساعدة، قبل أن يُطلب منهم داخل المركز إبراز صورة عن الهوية، فيما لا يوجد ماكينة لتصوير المستندات بالقرب من المدرسة.

انتهى يوم المشايخ الذي قضوه في الطابور تحت أشعة الشمس بانتظار دخولهم إلى باحة المدرسة، ظناً منهم أن المساعدة الإماراتيّة تستحق كلّ هذا العناء. ولكن المفاجأة كانت حينما تسلّموا قسائم تصلح لشراء مواد غذائية لشهر واحد بقيمة 300 ألف ليرة، أي أقل من 23 دولاراً. والأنكى من ذلك، أنّه لا يمكن الاستفادة منها إلا في فرع «المخازن» في طرابلس، من دون الأخذ في الاعتبار ما يعانيه اللبنانيون من جراء أزمة البنزين.

ورغم أنّ المشايخ ومعهم العديد من العائلات الفقيرة، يلفتون إلى أنّهم تعرّضوا للإهانة خلال تسلّمهم القسيمة التي بالكاد تكفي لشراء وجبة عائليّة، يرفض معظمهم إعلان موقفهم خوفاً من استثنائهم في المرة المقبلة من لائحة المستفيدين. وحدها «لجنة متابعة حقوق العلماء في عكار» اجتمعت وأصدرت بياناً أشارت فيه إلى أنّ «طريقة التوزيع كانت غير لائقة، وكان الأجدر أن يقسم العدد على أيام عديدة حتى تُحفظ كرامات الناس»، مطالبين الإمارات بإعادة «المنحة الشهرية والتأمين الصحي للجهاز الديني في لبنان».

أما في طرابلس، فقد ساد هرج ومرج أمام «معرض رشيد كرامي الدولي»»، إذ فوجئ البعض من عدم حصولهم على المساعدة، مع العلم بأنهم تلقوا رسائل نصيّة تطلب منهم الحضور. وشكّك البعض في توزيع المساعدات، معتبراً أنّ «دائرة الأوقاف في طرابلس اعتمدت المحسوبيات في التوزيع».

ويشير المتابعون إلى أنّه لا معايير مُحدّدة لإدراج أسماء العائلات المحتاجة، تماماً كما حصل في طرابلس مثلاً، حيث يفوق عدد العائلات المحتاجة المُسجّلة في دائرة الأوقاف الـ90 ألفاً فيما المساعدة الإماراتيّة مُقدّمة لأقل من 9 آلاف شخص، على أن تكون الأولويّة للجهاز الديني. ولأنّ الرقم المرصود لعكار كان قليلاً مع الحديث عن إدراج «هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانيّة» التابعة لدار الفتوى أسماء 20 ألف شخص من الشمال، تواصل المعنيون مع السفارة الإماراتيّة ليرتفع العدد في عكار من 1000 إلى 2500 مستفيد.


تعليقات: