تصوير نبيل اسماعيل
"اللبنانيي عيّيش"، وصف صدَق على مدى سنوات. فرغم كلّ الظروف التي مرّ بها لبنان، استطاع شعبه أن يجد في كلّ أزمة أوقاتاً للترفيه وتناسي الأزمات. لكنّ ما يمرّ به البلد اليوم لا يشبه أبداً ما حصل حتى في ظلّ الحرب الأهلية؛ أزمات لا تعدّ ولا تُحصى، من حجز أموال المودعين في المصارف، وشحّ الدولار الذي أدّى إلى ارتفاع سعر صرفه في السوق السوداء، وما ترافق ذلك مع الارتفاع الجنوني لأسعار السلع والخدمات، إلى ارتفاع نسبة البطالة.
لا بل الحديث عن مجاعة مع اقتراب رفع الدعم، الذي بدأت ملامحه تظهر بطوابير السيارات أمام المحطّات، والتقنين المتزايد في الكهرباء وانقطاع الأدوية وحتى البنج والكواشف المخبرية، وغيرها الكثير.
باختصار، يعيش اللبناني منذ فترة في حالة حرب اقتصادية ومالية واجتماعية، تجبره على أن يصارع من أجل الاستمرار. وفي خضمّ كلّ ذلك يطرح السؤال، هل ما زال "عيّيش" وبإمكانه قصد #مكاتب السفر كما اعتاد للقيام برحلة سياحية إلى دول يختارها للترفيه؟
تحسّن طفيف
"بعدما كان مؤشر الموسم الماضي تحت الصفر، بدأ هذا الموسم بالارتفاع" بحسب مود نخال، المسؤولة عن رحلات السفر في "شركة نخال".
وشرحت: "يوجد إقبال على السفر أكثر بكثير من السنة الماضية، وأكثرية مَن يقصدنا عرسان لتمضية شهر العسل، وعائلات. لكن بالتأكيد بميزانية الحد الأدنى. نحن نقدم عروضات، وباستطاعة زبائننا الدفع إلى حدود الـ 50 في المئة من المبلغ المترتب عليهم من خلال شيك باللبناني، ما يشجّع اللبنانيين على السفر". وعن وجهة اللبنانيين قالت: "أغلبيتهم إلى تركيا والمالديف، فالسفر إلى هاتين الدولتين مُسهَّل".
للإفراج عن أموال المودعين
وعن مدى تأثير قرار شركة طيران الشرق الأوسط، فرض التعامل مع زبائنها بالدولار على مكاتب السفر أجابت: "بالتأكيد سيؤثر. لذلك سينخفض الإقبال على هذه الشركة. مع العلم أنّ أسعار بطاقات السفر التي نقدّمها إلى تركيا مدروسة جداً ومنخفضة بشكل كبير".
وعن مطالبها للمسؤولين، قالت: "أن يعيدوا الأموال إلى المودعين كي يتمكّنوا من السفر، فاللبناني بحاجة فعلاً بعد كل الضغوط التي يمرّ بها إلى الترفيه عن نفسه. لكن للأسف هناك مَن وصل به الحال إلى عدم قدرته حتى على التفكير بالسفر. قسم كبير من زبائننا لم يعد بإمكانه السفر، فمَن كانت ميزانيته مرتفعة للسفر أصبحت متوسطة، ومَن كانت ميزانيته متوسطة أصبحت منخفضة".
حركة خجولة
الحركة في مكاتب السفر في لبنان خجولة جداً بحسب ما قاله وليد تمساح، مالك tala tours ووكيل شركات طيران عالمية. لكن ذلك لا يعني أنه مع انطلاق موسم الصيف لن ترتفع النسبة، ولا سيما بعد خفض إجراءات كورونا، وما تسبب به هذا الفيروس من حجر منزلي لفترات طويلة.
وعن كيفية الدفع قال: "كما تدفع مكاتب السفر لشركات الطيران تقبض من زبائنها. وبحسب الاجتماع الأخير لشركات الطيران سيتحوّل كل الدفع إلى الدولار، والجميع يعلم أنّ كل متمّمات السفر من فنادق وتنقّلات بالعملة الصعبة".
للانتباه قبل السفر
وتوضيحاً لحادثة حصلت مع عائلة في مطار رفيق الحريري، إذ مُنعت من السفر إلى إسبانيا رغم حصول أفرادها على فيزا سياحية لمدة سنة، شرح تمساح: "بسبب إجراءات كورونا في أوروبا ممنوع السفر بفيزا سياحية، إلا إن كان هناك سبب وجيه. هذا الأمر ينطبق على الفيزا القديمة إذا كانت الوجهة كل الدول الأوروبية ما عدا فرنسا، لكن ليس من المفترض منع سفرهم إذا كانت الفيزا قد صدرت حديثاً. لذلك كان يجب مراجعة ممثّل الاتحاد الأوروبي في المطار لحسم الأمر".
صيفية "قويّة"
وفي خبر سارّ بشأن الموسم السياحي في لبنان، أكّد تمساح أنّ الحجوزات من ألمانيا إلى لبنان "فوّلت" حتى شهر آب، والصورة مشابهة تقريباً في ما يتعلق بباقي الدول الأوروبية. أي إنّ الحركة إلى لبنان واعدة وقويّة جداً، ولا سيما أنّ المسافرين اعتادوا إجراءات كورونا، ولم يعودوا يُبدون انزعاجهم. باختصار ستكون الصيفية "كتير قوية".
وضع صعب
الصورة سوداوية في مكاتب السفر، بحسب ما قالت لينا غازي مالكة مكتب "غازي ترافل"، مشيرة إلى أنّ الوضع صعب: "كثير من المؤسسات أغلقت أبوابها، وبعضها خفض عدد موظفيه، فالعبء كبير علينا، من بدل إيجار ورواتب. فأنا على سبيل المثال، اضطررت إلى الاستغناء عن مكتبي الرئيسي بسبب ارتفاع بدل الإيجار وذلك بعد 25 سنة، وانتقلنا جميعاً إلى المكتب الصغير، فليس في اليد حيلة".
انحصار الوجهات
وعن وجهة اللبنانيين، قالت: "أغلبية الذين يقرّرون السفر في هذه الظروف يختارون تركيا، لا العاصمة بل الشاطئ كبودروم، مارماريس، أنطاليا، وكذلك أضنا وهي مدينة جميلة على النهر وأسعارها رخيصة. وذلك لكونها لا تحتاج إلى فيزا وقريبة من لبنان، ومنهم مَن يختار شرم الشيخ، فيما السياحة في اليونان مكلفة وتتطلب فيزا. كما أنها لم تفتح أبوابها بعد للّبنانيين بسبب كورونا، وكذلك أسعار قبرص مرتفعة".
الإغلاق غير مستبعد
وعن مدى تأثير حجوزات السفر أونلاين على عملهم، قالت غازي: "بالتأكيد أثّر، لكن ليس على وجهات الشارتر، لكون هذه الطائرات غير موضوعة أونلاين، وهذه السنة لا شارتر حتى الآن".
في ظلّ سعر صرف الدولار المتذبذب لا تخاطر غازي، لذلك "أتعامل مع الزبائن بالدولار"، لافتةً: "إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه فسأُضطر كما غيري إلى مغادرة هذه المهنة، وذلك بعد أربعين عاماً من العمل فيها".
تعليقات: