ازدادت الطوابير طولاً وعرضاً أمام محطات الوقود، برغم تسليم الشركات المستوردة ما يزيد عن 22 مليون ليتر من البنزين بين الأمس واليوم، أي أكثر من ثلاثة أضعاف حاجة السوق في اليوم الواحد. هل تصل الكمّيات كاملة إلى خزانات المحطات؟ لا أحد يحسم في شبه الدولة المكتفية بجولات كشف فولكلورية. وفي سياق أزمة المحروقات الأعم، «يتحفّظ» رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب عن مشروعٍ لدعم سائقي الأجرة في حال رفع الدعم عن المحروقات، بحسب ما علمت «الأخبار». وبعدم حماسته تلك قد تصل تعرفة «السرفيس» إلى «16 ألف ليرة لبنانية»
يشهد لبنان «أعلى نسبة طلب على المحروقات في تاريخه»، بحسب ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا. وعلى قاعدة العرض والطلب، فإن «الكمّيات المعروضة في السوق غير كافية مقارنة بحجم الطلب الحالي». إلا أنها أضعاف حاجة السوق الطبيعية، حيث «يستهلك لبنان يومياً 6 ملايين ليتر من البنزين، في حين أن الشركات المستوردة سلّمت 12 مليون ليتر يوم أمس الإثنين، وما يزيد عن 10 ملايين ليتر اليوم»، وفق عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس. الأخير يؤكد لـ«الأخبار» أن «تسلّم المحطات للكمّيات تلك ليس أمراً محسوماً»، في إشارة إلى إمكانية توزيع جزء منها بطرق غير شرعية قبل وصولها إلى خزانات المحطات.
سيناريوات عدة قد تفسّر استمرار الأزمة مع ما يرافقها من ازدحام وإشكالات تتطور أحياناً إلى إطلاق نار. وبعيداً من ما هو مرتبط بتجار الأزمات، إن لجهة بيع المحروقات غير الشرعي في السوق السوداء انطلاقاً من الداخل إلى أسواق ما بعد الحدود، أو لجهة التخزين للاستهلاك الفردي أو في بعض المحطات كشكلٍ من الاحتكار، يدخل عامل إضافي على خط تعقيد الأزمة: «حاجة الناس إلى الوقود التي ارتفعت على خلفية الهلع من فقدان المادة الحيوية نتيجة عدم ثقتهم بالدولة»، وهو عامل يُجمِعُ عليه كل من البراكس وأبو شقرا. إذ يحرص الفرد على إبقاء خزان مركبته ممتلئاً، ولا مانع من الانتظار لساعة وأكثر لتعبئة البنزين بمقدار 10 آلاف ليرة لا غير للحفاظ على «السيارة مفوّلة». هو سلوك جديد «يرفع استهلاك السوق من الوقود بفارق يساوي مقدار حمولة باخرة»، على حد قول البراكس، مستنداً إلى وجود ما يقارب المليونين و500 ألف سيارة في البلد.
تُضافُ سياسة التقنين المتّبعة (30 ألف ليرة كحد أقصى في اليوم للسيارة)، إلى «الأسباب الموجبة» لتوجّه المواطنين يومياً إلى المحطات، وفي مقدّمة هؤلاء سائقو سيارات الأجرة الذين تم الاتفاق اليوم على فتح خط خاص بهم (فانات وسيارات عمومية) في المحطات وتخصيص كمّية معيّنة لهم، وذلك لتسهيل عملهم. القرار اتُّخذ بعد اتصالات بين اتحاد النقل البرّي ونقابة أصحاب المحطات، بعد ورود عدد من الشكاوى من قبل السائقين، وفق ما يشير رئيس اتحادات النقل البري بسام طليس لـ«الأخبار».
وإلى أن يتحقّق مطلب الرقابة الجدّية والفعّالة بضبط التوزيع من قبل وزارة الاقتصاد المتمتّعة بصلاحيات اتخاذ الإجراءات كممثلة عن الدولة المسؤولة عن ذلك، على حد تعبير البراكس، من المفترض أن تستمرّ الشركات المستوردة بالتوزيع كما وعدت، حسبما يلفت أبو شقرا. ويؤكّد «الاستعداد لتسليم الكمّية مهما كانت، ووفق أي قرار تتّخذه الدولة بشأن ملف المحروقات». وإذا كان هذا هو الحال في ظل إعلان مصرف لبنان، الخميس الماضي، استمراره في منح أذونات للمصارف لفتح اعتمادات استيراد محروقات، شرط عدم المس بالتوظيفات الإلزامية، فكيف يمكن تخيّل المشهد مع بداية الشهر القادم أو الذي يليه أو أي تاريخٍ تتوقّف فيه الأذونات، سؤال يطرحه المعنيّون بالملف قبل المواطن.
تحفّظ دياب قد يرفع «السرفيس» إلى 16 ألفاً
في سياق غير منفصل، وقبل ظاهرة الطوابير، قدّمت اتحادات النقل البري، برئاسة بسام طليس، مشروع دعم للسائقين العموميين في حال رفع الدعم عن المحروقات، ينص على حصول السائق على بطاقة تمويلية شأنه شأن سائر المواطنين، وتخصيصه بصفيحة بنزين واحدة في اليوم على سعر 40 ألف ليرة لبنانية، في حين من المتوقّع وصول سعرها إلى 170 ألف ليرة، وصفيحة ونصف صفيحة لسائق الفان، وصفيحتي مازوت لسائقي الشاحنات. إلا أن الرئيس دياب، بحسب طليس، «غير متحمّس» للمشروع. والحال كذلك يؤكّد طليس تضاعف الأجرة من 4 آلاف إلى 16 ألفاً، مع بلوغ سعر صفيحة الوقود 170 ألفاً.
تعليقات: