يلاحظ المتجوّل في شوارع بيروت انتشار المشردين، وخاصة عند تقاطع الشوارع. تطالعك وجوه من مختلف الأعمار، يستجدي أصحابها الناس ويتّبعون أساليب مختلفة ليروّجوا لسلعهم آملين بيعها. ظاهرة باتت مألوفة لدى العديدين، إلا أن اللافت وجود مجموعات صغيرة، بعض أفرادها تحت السن القانونية، توفّر خدمات جنسية لطالبيها بأسعار زهيدة وبالدَين أحياناً.
المنسّق لعملية العرض والطلب هو المرأة الأكبر سنّاً التي تقود أفراد المجموعة، ومن ألِفَ التعامل مع هؤلاء وكسب ثقتهم صار بإمكانه العودة إلى المصدر مباشرة، فهناك «التشكيلة أكبر» حسب أحد «الزبائن».
مخيم صبرا هو الساقية التي تزوّد شوارع بيروت بهؤلاء الفتيات، وإليه يتوجه الباحثون عن الجنس الرخيص. هنا اختيارك ليس محصوراً بعمر محدد. فإذا قابلت «الخالة أم أحمد» عبر أحد الثقات المقرّبين منها، يكون بإمكانك طلب ما تريد، فلا شيء محظور على أساس «أهليّة بمحلّية، ما في حدا غريب». أما إذا كنت أحد الزبائن الذين جاءت بهم إحدى العاملات في مجال «الاستجداء أو التجارة»، فتحتاج إلى بعض الوقت حتى تكسب ثقة «الخالة»، بعدها يصبح بإمكانك طلب فتاة بالعمر الذي تريد. العرض الذي تقدمه لك «الخالة»، فضلاً عن الفتاة، يتضمن توفير غرفة لممارسة الجنس موجودة في أحد أبنية مخيّم صبرا، دون أن تضيف شيئاً على التسعيرة التي تتراوح بين 10000ل.ل. و 30000ل.ل. عرض آخر تقدمه لك «الخالة»، إن كنت من الزبائن الدائمين لديها وصادف أنك لا تملك المال، فبإمكانك أن تستدين ممارسة جنسية، تدفع ثمنها لاحقاً في أول الشهر. وتجدر الإشارة إلى أن «الخالة» لا تعمل منفردة، فهناك شابان يقومان بحراستها عن بُعد عند باب المخيم قرب محطة الرحاب، تستعين بهما إذا حاول أحد الزبائن التهرّب من الدفع.
تتراوح أعمار الفتيات العاملات في «غرف الدعارة» التابعة «للخالة» في مخيم صبرا بين 16 عاماً و40 عاماً.
من بين العاملات فتاة تدعى «زينب»، من التابعية السورية، تبلغ السادسة عشرة من العمر، والدها متوفى حسبما تقول، وهي من سكان مخيم صبرا. كانت منذ سنوات متفرّغة للعمل في مجال الاستجداء، ومنذ سنتين صار لديها مصدر إضافي للدخل، اضطرها وضعها المعيشي السيّئ وضغط والدتها إلى الموافقة على العمل مع «الخالة أم أحمد». تتحدث «زينب» عن الخوف الذي عاشته في أول يوم عمل لها، مما اضطرها إلى الهرب في اليوم التالي من المخيم، لكن ليس لفترة طويلة.
عمل «زينب» اليوم يتنقل بين مخيم صبرا وكورنيش خلدة، وتعمل الخالة على «تأمين» الزبائن الذين تقوم زينب «بتلبيتهم»، فتتفق «الخالة» مع الزبون إجمالاً على 15000 ل.ل. وتحصل «زينب» على 5000 ل.ل. بالإضافة إلى «البرّاني» الذي تحصّله.
الزبائن من أعمار وجنسيات مختلفة، تتدرج الأعمار من 15 عاماً وصولاً إلى 60 وأكثر، حسبما تقول «زينب»، بينهم اللبناني والسوري والعراقي والسوداني، وعددهم اليومي يصل إلى 7 زبائن، تقول «زينب»: «مش دايماً في ضغط عند الخالة، وقتها بروح على خلدة».
في خلدة، وتحديداً على الشاطئ، أجساد فتيات بعمر «زينب» معروضة للبيع، أجساد ترتدي قطع قماشية سوداء أو بنية يعرفهم البعض بـ«النوريات»، تسألنك إن كنت تريد التبصير، فإذا أبديت مرونة في التعامل معهن، يطرحن عليك موضوع الجنس وبعضهن ينتظرن منك أن تبادر.
الجنس الذي يمارس على الشاطئ هو جنس فموي فقط، يكلّف طالبه 3000ل.ل. وبإمكان الزبون الحصول على أكثر من ذلك لكن في مكان آخر.
جزء كبير من المال الذي تحصل عليه زينب في خلدة تخبّئه «في مكان أمين» على حد تعبيرها، خوفاً من أن تستولي عليه «الخالة».
«زينب» أجبرت على العمل في مجال الدعارة، إلا أنها اليوم، وبعد مرور ما يقارب سنة على دخولها هذا المجال، تشجّع أختها «سعدة» التي تصغرها بعام على العمل معها، فهي ترى عملها اليوم أفضل الأعمال من حيث المدخول.
زينب دخلت عالم البغاء ولم يتجاوز عمرها 14 عاماً، وهي واحدة من الكثيرات اللواتي يتم استغلالهن وابتزازهن لبيع أجسادهن، وبما أنهن ضعيفات، يصبحن سلعة للتداول، تباع أجسادهن وتشترى تماماً كما في أسواق العبيد، مع فارق يقتصر على الزمن فقط، في ظل غياب القانون الذي من المفترض أن يحمي كرامة هؤلاء، بغض النظر عن طرق دخولهن إلى الأراضي اللبنانية.
تعليقات: