المعلم اديب الغريب
صناعة الفخار على أنواعه من تراب الأرض، نسجوا حرفتهم، وهي من الحرف التقليدية المستمرة منذ آلاف السنين، لا بل دون تاريخ لإكتشافها، يتوارثها جيلاً بعد جيل، فهي من الفنون إذا صح التعبير لأنها تتطلب إستخدام الذوق والفن التجميلي والرسم والزخرفات ومن أعرق هذه الصناعة في لبنان، مصنع السيد أديب الغريب في بلدة راشيا الفخار.
كواليس كان لها زيارة ولقاء معه، فحدثنا قائلاً:
إنها صناعة قديمة جداً لم نتوصل بعد إلى تحديد تاريخها كما وصولها إلى بلدتنا راشيا الفخار، لا أحد يعرف من الأجداد والأباءذلك،
فعائلتنا توارثتها من الجد إلى الوالد والعم، وها أنا أديرها منذ أكثر من خمسين سنة.
وهذه الصناعة كانت منتشرة في كافة أقطار الكرة الأرضية، وقد يختلف الموديل من بلد لآخر، أما في لبنان كان يوجد فواخير في: حلبا – طرابلس – بيروت، جسر القاضي، الشوف، دير بابا، عيتا الفخار.
وما يميزنا وجود بعض أنواع التربة في بلدتنا، كما في بلدة عيتا الفخاروهي من نوع الدلغام المخصص والمساعد لهذه الصناعة، لأنها على نفس الفالق الممتد نحو فلسطين ومصر، أما عملية التصنيع، بعد إحضار كميات من التربة نعرضها لأشعة الشمس بضعة أيام، بعد ذلك نضع حاجتنا منها في وعاء كبير مع المياه، ثم نصفيها بواسطة المنخل لإستخراج الحصى والقش، وما تبقى يُترك لساعات كي يجف نوعاً ما، ونحصل بذلك على مادة المعجون.
بعدها يأتي دور المعلم، صاحب الخبرة في عملية التصنيع الإفرادية لكل قطعة، عبر قالب دائري يتم تحريكه بالأرجل من خلال آلة تشبه ماكينة الخياطة.
أما المصنوعات التي ننتجها فهي: أباريق، جرار، خوابي زيت، مزهريات، قجج، صحون، مقالي، قِدر وجاطات للطبخ والفواكهة.
بعد ذلك تُجمع القطع المصنوعة، وتترك لتجف داخل الغرف لكون أشعة الشمس القوية تسبب في تشققها، وبعد أن تجف بشكل كامل توضع الأواني الفخارية في المرحلة الأخيرة من صناعتها داخل فرن ناري علي درجة الحرارة من ستين درجة، وترتفع تدريجياً لتصل إلى 1200 درجة ويترك الفرن مغلقاً لمدة يوم ويتم تزيينها بعد إخراجها وتبريدها بإصباغ ورسوم وزخرفات منوعة وتوضع في الشمس.وتصبح بذلك جاهزه للاستعمال.
وهناك منافسة على كافة الأراضي اللبنانية، لصناعات فخارية والأواني الزجاجية والبلاستيكية والالمينيوم من خارج البلد، إنما هناك زبائن يقدرون قيمة الصناعات الفخارية لجودتها وملائمتها من النواحي الصحيحة، وكان يوجد في راشيا عدد كبير من المصانع،
إنما اليوم لم يبق سوى معملين وتدنى السوق التجاري لها بسبب غلاء سعر الدولار الأميركي، وما أود الإشارة إليه رغم وضع بلدتنا على الخارطة السياحية كبلدة تراثية بصناعاتها الفخارية، إنما لم نستفيد بأية مساعدات أو دعم أو تخفيضات بفاتورة المياه والكهرباء تشجيعاً لهذه الصناعة. ونحن متمسكون بها رغم كل الظروف فإنها من تراث تاريخنا ومصدر رزقنا.
* حوار: رئيس التحرير فؤاد رمضان
تعليقات: