الصيارفة غادروا المنصة عملياً: عودة الى السوق


يبدو انّ الصيارفة سيخرجون عملياً من منصة البنك المركزي، ولو انهم باقون فيها نظرياً، بدليل انّ مصرف لبنان الذي اقتنع بأنهم سيصبحون بلا عمل في حال التزموا بتسعيرة المنصة، سمح لهم بالتداول بأسعار السوق، مقابل التزامهم محاولة تسجيل العمليات التي تتم عبرهم في محاولة لرصد حجم الحركة في السوق السوداء.

عقد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اجتماعاً الاسبوع الماضي مع نقابة الصيارفة بعد الاطلاع على المعلومات المسجلة من قبل الصرافين على منصة «Sayrafa» حيث تبيّن انّ ارقام عمليات البيع والشراء التي يتم تسجيلها على المنصة لا تتطابق مع الواقع، وانّ المبالغ المسجّلة لا تتناسب مع حجم مؤسسات الصيرفة وتعتبر ضئيلة، بالاضافة الى انّ بعض الصيارفة لم يقوموا بتسجيل أية عمليات على الاطلاق.

واستخدم الحاكم لهجة واضحة وصارمة مع الصيارفة حيث أبدى امتعاضاً من عدم تعاونهم وبشفافية في إدخال معلومات كافة العمليات التي يقومون بها، مما يعيق الهدف الاساس من إطلاقه المنصة، وهو متابعة ورصد بشكل دقيق حجم الكتلة النقدية بالليرة والدولار التي يتم التداول بها في السوق الشرعية على الاقلّ، إن من ناحية الطلب او العرض من اجل ان يتدخل مصرف لبنان في تلك السوق بيعاً أو شراء.

وخلال الاجتماع، أوضح الصيارفة للبنك المركزي انه عند انطلاق منصة sayrafa، تراجع حجم العرض لدى الصيارفة نتيجة الفارق في سعر الصرف المحدد من خلال المنصة وبين سعر الصرف في السوق السوداء، ما أدّى الى انعدام عمليات البيع والشراء للدولارات لدى الصيارفة بالسعر الذي اعتمدوه عند 12500 ليرة مقابل الدولار. مع الاشارة الى انّ عمليات البيع والشراء التي تتم لدى الصيارفة وفقاً للسعر المحدد بالمنصة، لا يتم تمويلها او دعمها من قبل مصرف لبنان، وبالتالي يعتمد الصيارفة لتمويل تلك العمليات على العرض والطلب. ومع انتفاء عرض الدولارات بسعر يقلّ بنسبة كبيرة عن سعر السوق السوداء (12500 مقابل 13500-14000 قبل أسبوعين)، لم يعد الصيارفة يملكون القدرة على بيع الدولارات على سعر المنصة، وتقلّصت أعمالهم الى حدّ الانعدام.

وعلى عكس المصارف المسجلّة على منصة sayrafa، والتي تقوم بقبض كامل قيمة المبالغ المطلوبة لشراء الدولارات، نقداً بالليرة من التجار او الافراد لتعاود شراء الدولارات بها من مصرف لبنان وتحويلها الى المصارف المراسلة في الخارج، فإنّ الصيارفة لا يملكون حسابات مصرفية في الخارج لإتمام تلك العمليات، كما انّ حساباتهم المحلية الخاصة غير قادرين على استخدامها.

لذلك، تمّ الاتفاق خلال الاجتماع مع مصرف لبنان على مواصلة الصيارفة واعتماد سعر الصرف المماثل او القريب من سعر السوق السوداء بيعاً وشراء، مع التشديد على ضرورة تسجيل تلك العمليات لكي يتاح لمصرف لبنان مراقبة حركة السوق والتدخل عند اللازم وفقاً لما تقتضي أهدافه. وهذا ما بدأ الصيارفة القيام به، رغم انهم، وفقاً لما أكده عدد من الصيارفة لـ»الجمهورية»، لا يزالون يواجهون صعوبات في تطبيق الآلية المطلوبة من مصرف لبنان، لأنّ معظم الزبائن يرفضون تقديم المستندات والمعلومات المطلوبة أبرزها بطاقة الهوية، كي يستطيع الصراف تسجيل تلك العمليات على المنصة. رغم ذلك، لم يلتزم عدد كبير من الصيارفة بما طلبه مصرف لبنان ولم يتم تسجيل اية عمليات من قبلهم حتى على سعر الصرف المعتمد في السوق وليس عبر المنصة، وقد اعتبر مصرف لبنان انّ العمليات المسجلة من قبل بعض الصيارفة خصوصاً الذين ينتمون الى الفئة «أ» لا تتطابق مع الواقع وضئيلة، وقد هدد بتحويل هؤلاء على الهيئة المصرفية العليا، وسيتم بعد التحقيق شطب تلك المؤسسات من لائحة الصيارفة المرخّصين.

في موازاة ذلك، تشير المعلومات الى انّ 90 في المئة من التجار والمستودرين الذين كانوا يقومون بعمليات بيع او شراء الدولارات لدى الصرافين، تحوّلوا اليوم الى المصارف التي تلبّي الطلب على الدولار بسعر صرف الـ12200 ليرة، ما أدّى الى تراجع حجم اعمال الصيارفة من 6 الى 7 ملايين دولار يومياً الى 3 او 4 ملايين دولار يومياً. ورغم انّ قدوم المغتربين اللبنانيين كان يحرّك في السابق السوق ويغذي عرض العملة الصعبة وينعش اعمال الصيارفة، إلّا انّ الصيارفة أجمعوا على انّ ضَخ الدولارات الذي كان يتم في السابق من قبل المغتربين ليس نفسه اليوم وقد تقلّص بنسبة كبيرة، حيث يقتصر بيع الدولارات من قبلهم لأهداف الاستهلاك الشخصي وللحاجات الاساسية وليس كما في السابق لشراء الكماليات من مفروشات او اقامة الحفلات والاعراس على سبيل المثال... وقد وصف الصيارفة التأثير الذي يُحدثه ضَخ دولارات المغتربين حالياً في السوق، بالتأثير الايجابي الخجول على سعر الصرف.

تعليقات: