السرايا الشهابية
حاصبيا:
أدخلت سلسلة الهزات الأرضية وتردداتها المتواصلة التي تضرب العديد من المناطق الجنوبية منذ 12 شباط الماضي، القصر الشهابي أو السرايا الشهابية في دائرة الخطر الشديد. صمد الصرح التاريخي الذي يعود إلى الفترة الصليبية منذ ما يزيد على 800 عام في وادي التيم، وبات اليوم مهددا بالانهيار نتيجة للارتجاجات المرافقة لكل هزة وما يعقبها من هزات ارتدادية. فاقمت تحركات الفوالق الزلزالية في المنطقة من التشققات والتصدعات التي تطال كل أجزاء المباني المنهكة أصلا وأبراجها وزواياها في هذا الصرح الأثري، بسبب غياب الجهات المعنية في الدولة وتجاهلها وعدم اكتراثها، بالرغم من سلسلة التحذيرات الشعبية والرسمية في البلدة الداعية لإنقاذها قبل فوات الأوان. وآخر التحذيرات هي الصرخة ـ الدراسة التي أنجزتها مديرية الآثار، بالتعاون والتنسيق مع المؤسسة اللبنانية للمحافظة على سرايا الأمراء الشهابيين في حاصبيا، والتي انطلقت من أجل هذه الغاية في 24 آب .2001
ويشير العديد من العائلات التي ما تزال تقطن في السرايا، إلى الهلع والخوف والقلق الذي يستوطن قلوبهم منذ شباط الماضي، «فمع كل هزة ترتجف السرايا لبضع ثوان، ويترافق ذلك مع انهيارات عدة وتشققات، تضاف الى تلك القديمة التي تهدد مختلف المباني والأجنحة».
يقول الأمير منذر شهاب «إن الهزات الأخيرة بدت مخيفة حقا، شعرنا بالقلق على السرايا التي خارت قواها أصلا مع مرور الزمن، وعدم الاكتراث لحالها». رفعت النصيحة التي وجهها المختصون في مركز بحنس للرصد الزلزالي، وطالبوا من خلالها المواطنين بضرورة الابتعاد عن الأماكن المتصدعة، مما أقلق القاطنين وجعلهم يفكرون «جديا بالتخلي عن منازلنا في السرايا»، كما يقول شهاب، متسائلا «لكن إلى أين نلجأ، وهل هناك جهات مسؤولة عن تأمين منازل بديلة ومن هي؟ يبدو انهم يريدون لنا ان ننصب الخيم وهي ايضا ليست متوافرة».
تشير زوجة عادل شهاب إلى التشققات في مطبخ منزلها، حيث سقط بعض الرخام، إلى أن الوضع وصل الى حد الرعب في ظل تواصل الهزات، فالوضع في السرايا بات مقلقا جدا، لأن مباني القلعة كلها مصدعة أصلا، وهي لن تصمد طويلا اذا ما استمرت الهزات. يرى القاطنون أنهم باتوا «حتما في دائرة الخطر، فأعصابنا دائما مشدودة ولا حيل لنا سوى الاتكال على الله لأنه هو المنقذ الوحيد».
تشير رئيسة المؤسسة اللبنانية للمحافظة على سرايا الأمراء الشهابيين كارلا شهاب، إلى أنها أجرت اتصالا بوزير الثقافة طارق متري والمدير العام للوزارة، ووضعتهما في صورة ما يحصل في أعقاب سلسلة الهزات التي تضرب المنطقة، حيث الخوف كل الخوف من انهيار هذا الصرح الكبير. وتشير شهاب إلى أنها تلقت وعدا «بإرسال وفد فني من الوزارة للكشف على الأضرار واتخاذ الإجراءات المناسبة».
وتلفت شهاب إلى أن جمعيتها تقوم بحملة واسعة مع المعنيين كافة، ومختلف الجهات المانحة لتأمين الأموال اللازمة لترميم السرايا، والتي تقدر ما بين خمسة إلى ستة ملايين دولار أميركي، مضيفة: كنا قد نجحنا بإدراج السرايا على لائحة جمعية عالمية تعنى بالآثار القيمة، مما يعني أن السرايا أصبحت من المعالم التي يجب على العالم أن يسعى لإنقاذها، لأهميتها التاريخية والهندسية والثقافية، وعملت الجمعية أيضا على تنظيم زيارات للعديد من السفراء الأجانب والعرب الذين أشاروا إلى أنهم سيســعون مع دولــهم لتــأمين مساعـدات ماديــة لإنقــاذ القلعة.
ولكن يبقى السؤال: هل ستصمد القلعة الشهابية حتى وصول المساعدات وأعمال الترميم، أم إنها لن تقوى أمام الهزات التي تبدو متواصلة؟
يشير الى تشقق في السرايا
تعليقات: