انتخابات «المهندسين»: المعارضة تنقسم إلى لائحتيْن... لصالح السلطة؟

(أرشيف)
(أرشيف)


تبدأ غداً الأحد المرحلة الأولى من انتخابات نقابة المهندسين في بيروت لاختيار 283 مندوباً ومندوبة، بالإضافة إلى 20 مهندساً ومهندسة لملء مقاعد الفروع الأربعة. وإذ كانت «النقابة تنتفض» فشلت في إبرام اتفاق مع تنسيقيّة «مهندسون ومهندسات»، فإنّها شكّلت ائتلافاً واسعاً مع «جبهة المعارضة اللبنانية» لمواجهة لائحة أحزاب السلطة التي لم تكتمل بعد

ضربت «النقابة تنتفض» ضربتها، ونجحت في تشكيل أوسع ائتلاف معارض يخوض انتخابات نقابة المهندسين ضدّ أحزاب السلطة. وأكثر من ذلك، فرضت شروطها على حلفائها؛ فرفضت ترشيح أي مهندسٍ أو مهندسة لا يتوافقون مع معاييرها، تماماً كما رفضت مثلاً التفاوض مع «حزب سبعة» بسبب الشكوك التي تدور حول تمويله وشبكة علاقاته، وأجرت استفتاء من أجل التحالف مع «حزب الكتائب» الذي اضطر إلى سحب كل المرشحين الحزبيين. كلّ ذلك «بهدف تثبيت مبدأ الشفافية وإحداث تغيير ديمقراطي سلمي داخل النقابة»، بحسب المرشح إبراهيم حجازي.

ولأنّ هذا التحالف الذي حصل بين «النقابة تنتفض» و«جبهة المعارضة اللبنانيّة»، يُهدّد مصير لوائح الأحزاب الممثلة داخل مجلس النقابة الحالي، فإنّ العديد من أعضائها حاول «الحرتقة» على هذا التحالف لإفشاله وشرذمة «النقابة تنتفض» عبر الكثير من الشائعات، كالترويج بأن الأعضاء تلقّوا أموالاً من قطر عبر بولا يعقوبيان.

ووصل الأمر إلى حدّ محاولة بعض مرشحي حزب القوات اللبنانيّة التلطّي خلف مجموعات مُعارضة تتفاوض مع «النقابة تنتفض»، تارةً لترشيحهم ضمن لوائحها من دون الكشف عن انتماءاتهم الحزبيّة الحقيقيّة، وتارة أخرى عبر إلهاء «النقابة تنتفض» لتأجيل نشر لوائح مرشحيها.

ولكن كلّ هذه الحيَل لم تنجح واستطاع الائتلاف القفز فوق هذه المعوّقات بوضع اللمسات الأخيرة حول لائحة المندوبين والمندوبات التي تضم أكثر من 200 مرشح، بالإضافة إلى الإعلان عن لوائح مقفلة جديدة تضم 20 مرشحاً عن مقاعد الفروع الأربعة: المهندسون المدنيون الاستشاريون، المعماريون الاستشاريون، العاملون في القطاع العام، المهندسون الزراعيون ذوو الاختصاصات المختلفة.

وإذا كان هذا التحالف يبشّر بنتائج لافتة، فإنّ البعض يشير إلى خروق حتميّة ستحصل في هيئة المندوبين، أمّا في الفروع الأربعة التي تُعدّ «أم المعارك»، فإن أحزاب السلطة تعتبر أن لا منازع لها داخل ملعبها. ويلفت بعض المقربين من هذه الأحزاب إلى إمكانيّة حصول خرق بمرشحٍ واحد من مرشحي «النقابة تنتفض» في الفرعين الأوّل والسابع، مع احتمال بخرقٍ أكبر في الفرع الثاني، حيث للمعارضة الوجود الأكبر.


«لنا النقابة» اشترطت إخراج الشيوعي و«مواطنون ومواطنات» من «النقابة تنتفض»

ويعزو هؤلاء الأسباب إلى أنّ «النقابة تنتفض» لم تفلح في إيجاد أرضية تحالف مع تنسيقيّة «مهندسون مستقلون» الذين أعلنوا خوضهم الانتخابات مع «لنا النقابة المستقلة» و«المجموعة المهنيّة». وهذا يعني أنّ المعارضة انقسمت إلى مجموعتيْن، خصوصاً أنّ المجموعة الثانية تضم نقابيين فعّالين كيوسف غنطوس الذي أدرجته «النقابة تنتفض» على لوائحها من دون التحالف مع «مهندسون مستقلون»، «وإنّما بسبب أهمية وجوده لتاريخه المشرّف وباعه الطويل في العمل النقابي»، بحسب مرشح «النقابة تنتفض» روي داغر.

لماذا فشل التحالف مع «مهندسون مستقلون»؟

وإذا كانت التنسيقيّة تعتبر أنّه تم إحراجها لإخراجها، فإنّ لـ«النقابة تنتفض» رواية أخرى لأسباب فشل التحالف. ويشدّد أحد مسؤوليها لـ«الأخبار» على أنّهم تفاوضوا عبر مجموعة «أنا القرار» مع التنسيقيّة، وطلبوا منها لائحة بأسماء مرشحيها، ولكنّ الأخيرة عمدت إلى المماطلة وقامت بتقديم عروض جديدة كلّ بضع ساعات وترشيح أشخاص انسحبوا أو غير منضمين إلى صفوفها أساساً، حتى إن «النقابة تنتفض» كانت تدرس أحد هذه العروض عندما فوجئت بأنّ التنسيقيّة أعلنت في بيان انسحابها من التفاوض.

وفيما يشير معارضون إلى أن ما جرى يشي بأنّ السلطة لعبت دورها بأشكالٍ ملتوية لتقسيم المعارضة والدخول عبر هذه المفاوضات من تحت الطاولة لإفشالها، يرى كثيرون أن المُعرقل الحقيقي هو مجموعة «لنا النقابة المستقلة» المقربة من بهاء الحريري. يروي متابعون أنّ هذه المجموعة اشترطت إخراج الحزب الشيوعي و«مواطنون ومواطنات في دولة» من ائتلاف «النقابة تنتفض» حتى تنضم إليه، بالإضافة إلى طلبات طائفيّة لا تتوافق ومعايير «النقابة تنتفض».

ومهما يكن من أمر، فإنّ النتيجة واحدة: انقسام المعارضة في لائحتيْن. ولذلك، تحاول أحزاب السلطة جاهدةً التكتّل ضدّ المجموعتيْن. صحيح أنّ هذه الأحزاب لم تنجح حتّى الأمس في توحيد لوائح مرشحي الفروع الأربعة، إلّا أن مسؤوليهم يؤكّدون أنّ الأمر سيحصل اليوم على اعتبار أن لا مصلحة لهم إلا في خوض الانتخابات ضمن تكتّل واحد يضم: تيار المستقبل، حزب الله، حركة أمل، التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، الحزب التقدمي الاشتراكي، والجماعة الإسلامية. ما يؤخر إعلان هذا التحالف هو تمسّك «القوات» بمطلب الاستئثار بأكبر عدد ممكن من المقاعد في الفروع.

ويرى مسؤولو هذه الأحزاب أنّه من مصلحة «القوات» الانضمام إلى تكتل الأحزاب، ولو أنّ مكانها يمكن أن يكون محجوزاً ضمن ائتلاف «مهندسون مستقلون»، وذلك تمهيداً لإرساء التحالف في المرحلة الثانية لانتخاب النقيب و10 أعضاء لمجلس النقابة في 18 تموز المقبل.

تعليقات: