دليفيري البنزين شغّال نار.. خبايا السوق السوداء للمحروقات

تعبئة البنزين في برميل لتوزيعه (تصوير حسام شبارو)
تعبئة البنزين في برميل لتوزيعه (تصوير حسام شبارو)


"عندي أهل بدي عيّشهم". بهذه الكلمات اختصر طارق أمون السبب الذي دفعه إلى الدخول في لعبة #السوق السوداء لبيع #البنزين.

فمع شح #المحروقات في لبنان والطوابير التي ظهرت أمام المحطات، ظهر السوق البديل الذي يؤمن ما ينقص الناس مقابل مبلغ إضافي من المال، فمن يريد شراء راحته وتوفير الوقت والابتعاد عن الطوابير والاشكالات لم يبق أمامه سوى التوجه حيث تعرض غالونات البنزين على الطريق في بعض المناطق لا بل حتى الاتصال وسيصله الغالون الى حيث كان!.. ولكن كيف يؤمن طارق وغيره ما يعجز عنه بقية الشعب؟


هكذا يؤمّنون المحروقات

يومياً يبيع ابن الضنية 40 غالوناً من البنزين، يعبئها كما قال تحت جنح الليل من محطة محروقات، اتفق معها ومجموعة من بائعي السوق السوداء، وشرح: "سعر غالون البنزين 8 ليترات 20 ألف ليرة، أشتريه من المحطة بـ25 ألف ليرة، وأبيعه بـ30 ألف ليرة، لا بل يصل سعره إلى 45 و50 ألف ليرة اذا كنت سأوصله إلى الزبون في منطقة بعيدة".

وأضاف: "تختصر المحطة التي نشتري منها المحروقات على بيع المواطنين لساعات قليلة لترفع خراطيمها بعدها بحجة نفاد الكمية التي لديها، وعند الساعة الأولى او الثانية من بعد منتصف الليل نتوجه بالغالونات لتعبئتها وفي الصباح نبيعها إلى من قطعته مركبته، أو من ليس لديه قدرة على تحمل الوقوف في الطابور منتظراً دوره لتعبئة البنزين".


فليُلاحقوا من أوصلنا إلى هنا

طارق بات معروفاً في منطقته، يتلقى اتصالات يومية لتوصيل البنزين، وقال: "حتى القوى الأمنية تنقطع سياراتها في وسط الطريق وتتصل بي لتأمينه لها". وعما إن كان يخشى ملاحقته قال: "أي خطأ نرتكبه؟ هل لأننا نسهل على الناس حياتهم مقابل مبلغ إضافي بسيط من المال؟ فأنا معروف في المنطقة ببيعي البنزين، ولا أخاف، إذ ما أقوم به يساعد الناس، فليس الجميع يمكنهم تحمل مشقة الوصول الى دور في المحطة، وبدلاً من أن تلاحقنا الدولة فلتلاحق من سرق البلد وأموال المودعين ومن يهرب المحروقات والمواد الغذائية المدعومة، هؤلاء يستحقون العقاب، فقد جوعونا ويريدون إذلالنا، الأسعار نار، وأنا مسؤول عن عائلة، فبدلاً من أن ألجأ إلى طرق ملتوية لإطعامهم ها أنا أبيع البنزين في ضوء الشمس وعلى أعين الجميع".


الشغل "نار"

لا يقتصر الأمر على بيع البنزين دليفيري كما قال طارق، بل يوقف قريبه على الطريق لبيع غالونات للمارة، ولفت الى ان "الشغل ماشي نار، قد يقول البعض إن مصائب قوم عند قوم فوائد وأنا أقول أتمنى أن نعود إلى الأيام الماضية حين كان الدولا بـ1500 ليرة، كان عملي في كهرباء السيارات يكفيني قوت يومي وأهلي ولست بحاجة إلى سوق سوداء ولا حتى بيضاء".


مشهد متكرر

الحال واحد في معظم المناطق اللبنانية، وإن اختلفت طرق تعبئة البنزين في غالونات، فحسن على سبيل المثال بدأ العمل في السوق السوداء في الضاحية الجنوبية، وقال لـ"النهار": لدي صديق يعمل في محطة على طريق صيدا القديمة يعبئ لي نحو 5 غالونات يومياً بـ 20 ألف ليرة للغالون وأنا بدوري أبيعه بين 35 و 40 ألف ليرة"، مضيفاً: "مَن ليس له معرفة مع صاحب محطة ليس أمامه سوى تعبئة خزان المحروقات في سيارته بالبنزين وإفراغه في غالونات، وهذه الطريقة أصبح يلجأ إليها عدد كبير ممن يعملون في السوق السوداء، لا بل هناك من يملأ خزان دراجته النارية ليفرغه بعدها ويبيعه، حيث يصل سعر الغالون في بيروت إلى 100 ألف ليرة". ومن الضاحية إلى صور الوضع لا يختلف و"دليفري البنزين" شغال على عينك يا تاجر، محطات تتفق مع العاملين في السوق السوداء كما قال سعيد، ندفع لها 5 آلاف إضافية على الغالون ونبيعه على هوانا بحسب ما تظهر عليه قدرة الزبون المادية، وما إن كان مقطوعاً في وسط الطريق من عدمه.

هكذا أضيفت سوق سوداء جديدة إلى سوق الدولار، ولا أحد يعلم في الأيام القادمة أي أسواق ستزاحمهما... ولا شك ان السوق السوداء سيف ذو حدين، فهي تسهل حياة من يملكون المال ويريدون شراء حاجتهم وراحتهم، وفي ذات الوقت يأخذ ما هو حق اللبنانيين ويبيعه لمن هم ميسوري الحال، ليبقى الفقير وحده من يدفع الثمن في بلد سرقه أغنياؤه ولم يتركوا له أدنى مقومات العيش!





تعليقات: