الكاتب شادي مشنتف - أستاذ مادة الاجتماع
كثيرًا ما نسمع عن هجرة الطيور وانتقالها من مكان إلى آخر بسبب تدني مستوى الإمدادات الغذائية، وكي تحمي نفسها من برودة الطقس في فصل الشتاء، فتهاجر للبحث عن الأماكن الدافئة، التي يتوفر فيها الغذاء اللازم لنموها وحياتها، غير أن هذه الهجرة تحوطها مخاطرعديدة، منها الافتراس والوفاة، خاصة الناجمة عن الصيد البشري.
فألا تشبه هجرة الطيورهذه قصة اللبنانيين عبر العصور؟
رفوف رفوف من الهجرة من هذا البلد منذ قرون من دون توقف؛ بسبب أزمات مفتعلة لا تتوقف.
في تاريخ الدول يصاب بعضها بأزمة أو أزمتين، أما نحن، فبلد المصائب باستمرار، واليوم نشهد أحد فصول هذه الهجرة.
فاللبنانيون يغادرون؛ بسبب الفساد، واليأس، والغلاء، وسرقة أموالهم، والمستقبل الأسود وسط وجود مسؤولين لا بال لهم إلا المزيد من جني الثروات على حساب الشعب، واغتنام المزيد من المكاسب من دون اكتراث بمن انتخبهم (طبعا، هؤلاء حطب وصولهم إلى السلطة).
نعم اللبنانيون، وخاصة الشباب، يغادرون وطنهم إلى بلاد الغربة بحثًا عن الأمان، والمستقبل الأفضل من دون أن نعرف ما هو مصيرهم هناك. نرميهم في مجهول ينجح فيه بعضهم، والبعض الآخر يكون فريسة عدة مشاكل.
نعم اللبنانيون، يغادرون، وخاصة الشباب تاركين قلوبًا تحترق لغيابهم، وآباء وأمهات كل طموحهم أن يعيش أولادهم بينهم.
لعنة هذا الوطن الأزمات المتكررة، التي لا تنتهي، والتي لا يستطيع الشعب وضع حدٍّ لها، ووضع حدٍّ لمسؤولين فاسدين، والسبب: إننا طائفيون حتمًا، ولن نرضى أن يرحل أي حاكم من طائفتنا حتى لو كان فاسدا.
نعم ستبقى الأزمات ما دمنا مقسمين مشرذمين غير متضامنين، نفضل دوما المصلحة الخاصة.
* شادي مشنتف - أستاذ مادة الاجتماع
تعليقات: