بول نجار.. زهرة الجراح أينعت نصراً

المهندس بول نجار وطفلته الشهيدة الكسندرا
المهندس بول نجار وطفلته الشهيدة الكسندرا


قد يقول قائل أن انتخابات مجلس المندوبين في #نقابة المهندسين ببيروت ثانوية، وتعطى أكبر من حجمها، في محاولة للتقليل من أثرها.

والواقع أنه لا يمكن تحجيم نتائجها ومعطياتها ودلالاتها الكثيرة لناحية التحالفات وطبيعة العمل السياسي الذي مورس من الأحزاب المنضوية في المنظومة الحاكمة، وتلك المعارضة، الى المستقلين.

تفوز لوائح "#النقابة تنتفض" ثمرة لتحالف كبير انضوت فيه مجموعات من ثورة "١٧ تشرين" وأحزاب معارضة.

تحالف عبّر عن نضج في تجاوز الكثير من التباينات، وحاكى العمل السياسي بالتوحد في مواجهة خصم واحد في لحظة انهيار البلاد والمؤسسات.

ولا شك في أن هذا العمل كان اكتمل باحتواء جميع المستقلين وعدم وجود لوائح مستقلة أخرى تحمل خطاب ١٧ تشرين وتظهّر الخلاف بين مجموعاتها. ويمثّل هذا المعطى درساً لناحية تحالفات الانتخابات النيابية المقبلة حيث العمل المطلوب بشكل مضاعف لتفادي أثر هذه الخلافات، لاسيما لناحية تطوير النقاش حول تحالف المجموعات مع أحزاب المعارضة.

وأظهرت انتخابات مجلس المندوبين تلكؤ عمل أحزاب السلطة في إقناع الناخبين ونفسها بالتصويت، أحدها للآخر. وقد حلّت الانتخابات في لحظة تعصف فيها الخلافات والاشتباكات الكلامية البينية، اللهم ما خلا بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله"، ومن ناحية أخرى بين "حركة أمل" و"تيار المستقبل".

بخلاف انتخابات مجلس المندوبين في طرابلس، لم تستطع الأحزاب النافذة "تقليدياً" من تحقيق النصر، وتقدّم الخطاب المعارض عملاً انتخابياً، وتنظيماً ونشاطاً مشهوداً على مواقع التواصل، محيياً جذوة الانتفاض في لحظة يأس مدوٍ صنعه الانهيار وعجز الشارع في الأشهر الماضية من الوقوف على قدميه ومواجهة المسؤولين عن عدم تشكيل الحكومة وصناعة مآسيه.

في الخلاصات أيضاً، تتكتل مجموعة المهندسين والمهندسات المعارضين للسلطة، ممن تبقى من الطبقة الوسطى ولم يهاجر بعد، مواجهة صورة الشباب الخائب. وعليهم مسؤولية تتويج انتصار اليوم في ١٨ تموز، في "اليوم الكبير" الذي سيشهد انتخاب النقيب وعشرة أعضاء في مجلس النقابة. وعليهم أيضاً، تصويب صورة عمل المستقلين والمعارضين داخل النقابة بعد الجدل الذي أثير في الأشهر الماضية.

في ملامح المعركة، يبرز بول نجار، والد الطفلة الشهيدة في انفجار المرفأ الكسندرا، رمزاً لا ضحيَة، مع تصدره لائحة الفرع في انتخابات مجلس المندوبين التي خاضها إيماناً بالتغيير وبضرورة مواجهة المسؤولين عن الانفجار وعن الانهيار من دون هوادة.

بول يفوز مستحقاً، ومعه تنتصر زهرة الجراح على صانعي الاحباط واليأس والانهيار والقتل.

في ١٧ حزيران الفائت، حاورتُ بول في برنامج "فكرة حرّة" عبر فايسبوك "النهار"، والحق يقال أن كثيرين بدوا مذهولين أمام صلابته وإصراره على إعلان الايمان بلبنان رغم ما أصابه، وهو الذي وجد في الأيام التي تلت ٤ آب نموذجاً عن التضامن بين الناس على الأرض والتكافل الاجتماعي الذي يمكنه فعل الكثير.

حينها، روى نجار أن أسباباً عدّة تقف وراء قرار ترشحه. وعاد الى تاريخ 8 آب، بعد دفن ابنته الحبيبة الكسندرا، حين قرر وزوجته ترايسي المقاومة والقيام بالتوعية، وهما على قناعة بأن البقاء في لبنان "لا يمكن بوجود سلطة فاسدة وفاشلة، ولا بد من تغيير شامل للمنظومة التي أودت بنا الى حيث نحن… لا يمكن لهذا البلد أن يسعنا نحن وهم".

وتحدّث بول نجار عن معركة الانتخابات المقبلة، وعرض رؤيته بضرورة إيلاء الاهتمام بالخطر الذي يهدّد المدينة من ناحية معمارية وبيئية، إضافة الى تعزيز دور النقابة في تأمين الوظائف للمهندسين وفقاً لحاجات السوق وربطاً بالتطورات التكنولوجية.

يفوز بول وتُشارك صورته والكسندرا بشكل كبير على مواقع التواصل. تضحي الصورة رمزاً مضاعفاً. تعود الكسندرا الى ساحة الانتفاض حاملة علم لبنان، من أوجاع أهالي ضحايا المرفأ والشعب المقهور. هل عرفتم لمَ لم تكن انتخابات ثانوية أبداً؟!

مؤيدون للوائح \
مؤيدون للوائح \"النقابة تنتفض\" اليوم في نقابة المهندسين (تصوير حسام شبارو)


صورة أرشيفية للطفلة الشهيدة الكسندرا مع والدها #بول نجار في ساحة انتفاضة 17 تشرين.
صورة أرشيفية للطفلة الشهيدة الكسندرا مع والدها #بول نجار في ساحة انتفاضة 17 تشرين.



تعليقات: