المصارف بدأت تطبيق التعميم 158: تريّثوا بالقبول والتوقيع

على المودعين أن يحذروا توقيع أي مستند أو تعهّد للمصارف (مصطفى جمال الدين)
على المودعين أن يحذروا توقيع أي مستند أو تعهّد للمصارف (مصطفى جمال الدين)


باشرت العديد من المصارف بتطبيق تعميم مصرف لبنان رقم 158، اليوم، ومنها من أعلن موعداً لاحقاً للبدء بتطبيقه خلال شهر تموز الحالي. وفي كل الأحوال، بدأت المصارف بالتسويق لشروط الاستفادة من التعميم، داعية مودعيها للتقدّم بطلبات لتحديد مستوفي شروط التعميم وتسهيل عمليات "السحب التدريجي للودائع"، حسب ما تصرّ المصارف على وصف التعميم به.

قد يشكّل التعميم 158 الذي يجيز للمودعين سحب 400 دولار نقداً من ودائعهم و400 دولار بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف المنصة الإلكترونية، متنفّساً لشريحة من المودعين الذين باتوا عاجزين عن تأمين معيشتهم اليومية، بسبب الارتفاع الهائل بمستوى أسعار الاستهلاك واحتجاز أموالهم من قبل المصارف. لكن بشتى الأحوال، على المودعين الراغبين بالاستفادة من التعميم 158 التريّث في التوقيع على أي مستند أو تعهّد للمصرف، قبل استيضاح كافة التفاصيل والشروط. فعلى الرغم من إصدار مصرف لبنان توضيحاً حول آلية تطبيق التعميم ودقائقه، غير أن هناك تفاصيل لا تزال ملتبسة وتحيطها علامات استفهام قد تورّط المودع وتكبّده خسائر لم تكن بحسبانه بعد توقيعه على التعهد بالاستفادة من التعميم 158.


مصارف التزمت

أعلنت غالبية المصارف التزامها تطبيق التعميم 158، مع تحديد بعضها لمواعيد لاحقة من هذا الشهر. ما يوضح حجم الإرباك الحاصل لديها. ومن بين المصارف التي التزمت تطبيق التعميم فرنسبنك Fransabank، الذي أعلن التزامه داعياً زبائنه إلى التقدم بالطلبات المستوفية الشروط التي حدّدها تعيمم مصرف لبنان. من جهته بنك البحر المتوسط Bankmed أعلن التزامه بالتعميم، معتمداً آلية إرسال رسائل نصية قصيرة من قبله إلى الزبائن المؤهلين للاستفادة من التعميم.

أما بنك لبنان والمهجر Blom Bank، فقد حدّد يوم الأربعاء 7 تموز موعداً لاستقبال طلبات الاستفادة من التعميم، والتوقيع على كافة المستندات المرتبطة به. فيما بدأ بنك الاعتماد اللبناني Credit Libanais اليوم بتطبيق التعميم، داعياً عملائه المؤهلين للاستفادة من التعميم الحضور إلى فروع المصرف لتوقيع المستندات المطلوبة. من جهته بنك بيبلوس Byblos Bank بدأ اليوم بالتواصل مع أصحاب الحسابات من الأفراد، وباشر تطبيق التعميم، على أن يباشر في 12 تموز الحالي التواصل مع المودعين من أصحاب الحسابات المشتركة، وذلك تنظيماً للمواعيد. خصوصاً أن الحسابات المشتركة تستلزم موافقة كافة الأشخاص المالكين للحساب وحضورهم شخصياً.


ثغرة خطرة على المودعين المقترضين

إرباك المصارف انسحب إرباكاً بين المودعين، الذين يطرحون أسئلة كثيرة لم يرد في توضيحات مصرف لبنان أي تفسير لها. الأمر الذي قد يثني الكثير من المودعين عن الإقدام على توقيع أي تعهد أو مستند لدى المصارف. ولا ننسى تحذيرات رابطة المودعين من توقيع أي مستند بغية الاستفادة من التعميم 158.

التعميم 158 أو ما تصفه المصارف بأنه تسديد تدريجي للودائع بالعملات الأجنبية في الحسابات المفتوحة قبل 31 تشرين الأول 2019، يشترط بآلية تطبيقه احتساب القروض وبطاقات الائتمان وغير ذلك. وهو ما يطرح تساؤلاً حول كيفية الاقتطاع وبأي عملة؟ بمعنى آخر، في حال كان المودع مقترضاً في الوقت عينه من المصرف نفسه الذي يودع فيه أمواله أو من مصرف آخر، فبموجب التعميم 158 على المصرف استيفاء القرض الممنوح للمودع قبل البدء بسداد وديعته. ووفق مصدر مصرفي في حديث إلى "المدن"، فإنه بالمبدأ القروض المقوّمة بالليرة لن يتم استيفائها، إنما القروض المقوّمة بالدولار سيتم سدادها من الوديعة قبل البدء بالسداد التدريجي بموجب التعميم 158. وهذا الأمر يكبّد المودع خسارة جديدة من وديعته، فهو في الوقت الحالي يسدد القرض المقوّم بالدولار بسعر الصرف الرسمي 1507 ليرة، أما في حال تم اقتطاع القرض من الوديعه فإن السداد سيتم بالدولار.

مصدر آخر لا يستبعد أن تقوم المصارف باستيفاء القروض المقوّمة بالليرة من الودائع الدولارية، وبسعر الصرف الرسمي 1507 ليرات. ويوضح المصدر أن الكثير من التفاصيل والحالات قد توقع إشكالات في وقت لاحق بين المودعين والمصارف. كما أن العديد من الثغرات قد تفتح المجال لاستنسابية التعامل مع الزبائن.


آلية التعميم 158

على المودعين أن يحذروا توقيع أي مستند أو تعهّد للمصارف، حتى وإن جرّدهم ذلك من حقّهم بالإستفادة من التعميم 158. فأي توقيع قد يُلزم المودع بعدم المطالبة بوديعته وحقوقه في وقت لاحق، كما أن التعميم المذكور يجمّد الودائع ويقتص من قيمتها بطريقة أو بأخرى.

وفي حال قرر المودع الإستفادة من التعميم 158 فيمكن أن يحصل بموجبه، على 4800 دولار نقداً (Fresh Dollars) سنوياً و4800 دولار بالليرة اللبنانية وفقًا لسعر الصرف المعمول به على منصة Sayrafa. وبالتالي لا يتعدى المبلغ الإجمالي الذي يحصل عليه صاحب الحساب 9600 دولار. وفي حال تغيّر سعر صرف الدولار على منصة Sayrafa، تتغير معه قيمة المبلغ المسحوب أي المحوّل بالليرة اللبنانية.

أما بالنسبة إلى الـ400 دولار التي يتم تحويلها إلى الليرة اللبنانية حسب سعر منصة Sayrafa، وهو حالياً 12000 ليرة، فإنه يتم إيداع 200 دولار بالليرة اللبنانية في الحساب الجاري للمودع وسحب المبلغ عبر الصراف الآلي نقداً مقابل استعمال 200 دولار بالليرة اللبنانية المتبقية عبر البطاقة المصرفية فقط، أي لاستخدامها في الشراء من التجار.

لا يمكن للمودع سحب الـ400 دولار نقداً من دون سحب الـ200 دولار بالليرة نقداً و200 دولار بالليرة عبر البطاقة المصرفية، فالأمران مرتبطان. كما لا يستفيد المودع من التعميم 151 عن أي حسابات له طوال فترة استفادته من أحكام التعميم 158، إلا إذا قرر عدم الاستفادة من التعميم الأخير فيمكنه متابعة الاستفادة من التعميم 151. وهذا الأمر يضع المودعين بين خياري الحجر على أموالهم بأسلوب جديد وتجريدهم من حق المطالبة بها، أو استمرار الاقتطاع منها عبر السحب وفق سعر صرف للدولار 3900 ليرة.

وهكذا، تعددت الأسباب والكارثة واحدة.

تعليقات: