عماد العبدالله.. توارى خلف ضحكته الساخرة

الكاتب والروائيّ اللبناني عماد العبدالله ابن بلدة الخيام الجنوبية
الكاتب والروائيّ اللبناني عماد العبدالله ابن بلدة الخيام الجنوبية


غيّب الموت أمس الكاتب والروائيّ اللبناني عماد العبدالله ابن بلدة الخيام الجنوبية الذي عرفناه في «التابع» (١٩٩٢، دار الريس)، السلسلة القصصية المضحكة المبكية، بحكايات عن أوجاع محلية لبنانية، واستحضار للحظات الحرب الأهلية العبثية والمدمّرة. كما نستحضر عمله الأبرز «قطر الندى» (٢٠٠١، دار الريس). الكتاب النقدي الساخر الذي يشبه عنوانه الأسلوب السهل الممتنع الذي يشكل خميرة الكتابة، في بساطة يعكف فيها العبدالله على ذاكرته الفردية والجماعية، فيستنبشها، ثم يسكبها كأنها تنزل من ضحكته الريفية التي لم تنجح المدينة ولا الغربة في تدجينها رغم نصف قرن من التلوّث والصدمات.

أمتعنا بحكايات صغيرة لقضايا كبيرة، مُخفياً مآسي الوطن وانهيارات الأفكار وتحوّلات الثقافة في بيروت

أفرد العبدالله كذلك كتاباً حول الاستبداد والرواية بعنوان «الأرض الحرام» (١٩٩٧، دار الريس). في قصصه كما في مقالاته، انفرد عماد العبدالله بخفة ورشاقة وأسلوب منضبط بسخرية مرّة تذكّرنا بأسلوب الأديب المصري يحيى حقي، يضيف إليها الصحافي المتمرّس في الصحافة اللبنانية والعربية، الذي طاف البلدان العربية والخليجية واستقرّ في قطر، مسحةً دونكيشوتيةً عن أبطال في انهيارات مشاريعهم القومية والأممية وغيرها، وعلاقة التابع بالسيد أيام الحرب، ونقابة متخيلة للشعراء، وبارات الحرب التي تحولت إلى ملاجئ، والأعراس وشقق المهجّرين المفروشة. بغياب عماد العبدالله الذي كان يملأ المقاهي في شارع الحمراء بضحكاته المجلجلة وسخريته المرّة، خسر الأدب اللبناني قلماً كان يُمتعنا بحكايات صغيرة لقضايا كبيرة، مُخفياً مآسي الوطن وانهيارات الأفكار وتحولات الثقافة في مختبرها العربي الأول والأخير، بيروت، خلف قناع من الضحك.


يصل جثمان الراحل اليوم إلى بيروت من قطر، ويصلّى عليه غداً الجمعة ثم يوارى الثرى في روضة الشهيدين في العاصمة الى جانب شقيقيه غازي وعصام. على أن تحدّد آلية تقبّل التعازي لاحقاً.


الكاتب في سطور

عماد العبدالله، الذي كان عضواً في اتحاد الكتاب العرب، أسّس مجلة «المقاصد» في بيروت أواخر الثمانينيات. كما شغل منصب مدير تحرير مجلة «الناقد» (من عام 1990 حتى عام 1998) ومجلّة «النقاد» (٢٠٠٠-٢٠٠٥). كان مدير شركة «رياض الرّيس للكتب والنّشر» من عام ١٩٩٠ حتى عام ٢٠٠٦، وأعاد تأسيس مجلّة «الدّوحة» في قطر ٢٠٠٦-٢٠١٠. أصدر ثلاثة مؤلّفات هي: «التابع» (١٩٩٢)، «الأرض الحرام» (١٩٩٧) و«قطر الندى» (٢٠٠١)

تعليقات: