ظنّ محمد سليم أن العدوان الإسرائيلي في تموز 2006، يتركز على الضاحية الجنوبية والجنوب، وأن بعلبك بمنأى عن الخطر. قاد محمد الذي كان في الرابعة عشرة من عمره حينذاك، قطيع الماعز إلى جرود بلدته طاريا لرعيها في 6 آب، وما إن وصل إلى أعالي سلسلة الجبال الغربية حتى نبح كلبه بشدة. على مقربة منه، هوت صخرة بدت مصطنعة وغريبة عن المكان. شعر حينها بأن شيئاً ما يحدث، قبل أن يحاول العودة.
«خرج من خلف الصخرة جندي، لحق بي وضربني ببندقيته قبل أن يكبّلني»، يقول سليم. حينها، ظهر جنديان آخران اقتاداه بعد تعصيب عينيه ورشّ الرذاذ على وجهه لتخديره. عندما استعاد وعيه في الليل، كان قد نُقل إلى باحة واسعة حطّت عليها مروحية ونقلته إلى مكان مجهول. خلال رحلته، تلقّى سليم جرعة جديدة من الرذاذ المخدّر.
بعد غيابه، بحث الجيش اللبناني والأهالي عن الفتى من دون جدوى. لكنهم توقعوا مصيره بعد العثور على آثار هبوط الطوافات والجنود في أعالي جرود البلدة في منطقة مُطلة على سهل البقاع بأكمله وباتجاه السلسلة الغربية. تبيّن أنهم خيّموا لأيام عدة.
صحا سليم في زنزانة قبل أن يقتاده أحد الجنود ويقول له: «أهلاً بك في دولة إسرائيل». انفجر الفتى بالبكاء. «أنا راعٍ لا أعرف شيئاً». لم يتوانَ العدو عن ترهيب ابن الأربعة عشر عاماً. «أجبروني على مشاهدة التلفاز. فرأيت أمي في حديث إعلامي تناشد الإفراج عني». ظنوا أن الفتى قد يفصح عن أي معلومة يعرفها عن مقاومين في حزب الله أو مواقع لهم. «لا أعرف شيئاً»، أصرّ على الإجابة.
من دون جدوى، انتهت جلسة التحقيق معه. اقتادوه مرة جديدة في آلية عسكرية. كان مكشوف العينين فشاهد شوارع فلسطين المحتلة قبل أن تقع عينه على لافتة كُتب عليها «تل أبيب». تنبّه الجنود وعصبوا عينيه سريعاً. للمرة الثالثة، خدّره الجنود وهذه المرّة بحقنة. استفاق بعدها عند الحدود الجنوبية وهو يُسلّم إلى قوات الطوارئ بعد اعتقالٍ دام يومين.
تعليقات: