الهواجس الجنبلاطية

رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط


قد يكون رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أول من أدرك أن الأزمة اللبنانية غير عادية، وهي تنذر بعواقب خطرة وغير معروفة النتائج، وقد تؤدي الى انحلال لبنان، او الى صراعات لا تنتهي.

وقد حاول جنبلاط تفكيك بعض الألغام التي زرعت في طريق تشكيل الحكومة، عندما زار قصر بعبدا والتقى الرئيس ميشال عون في 21 مارس الماضي، مقترحا تأليف حكومة من 24 وزيرا بدل 18، ولا تحتوي على أي ثلث معطل لأي طرف، وهو ما اعتبره البعض إرضاء لفريق رئيس الجمهورية، لكن الاقتراح تأكيد على ثوابت رئيس الحكومة المكلف في ذات الوقت. وقد انطلق الرئيس نبيه بري من هذه الأفكار ليصيغ مبادرة تحمل ذات التوجهات، لكن الوقائع دحضت كل هذه المساعي، بينما البلاد تختنق من جراء الفراغ في السلطة التنفيذية لأنها منوطة بمجلس الوزراء وفق الدستور، ولأن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب معتكف عن القيام بمهامه الطبيعية منذ ما يقارب 11 شهرا، وهو ما أشارت اليه سفيرة فرنسا آن غريو خلال لقاء السفراء في السرايا الحكومية.

هذه المعطيات القاتمة، مترافقة مع أزمة معيشية خانقة، وتوتر أمني في بعض المناطق على خلفيات تحديات يمارسها بعض الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي، دفعت جنبلاط إلى القيام بمجهود استثنائي لتثبيت التعايش بين المجموعات الحزبية والطائفية في الجبل على اختلافها، خوفا من انزلاق الأوضاع الى مندرجات خطيرة قد تدفع إلى تفلت الأمور وسط ارتباك سياسي غير مسبوق.

وهدف جنبلاط إضفاء أجواء من الاسترخاء الحزبي، وتطويق أي إشكالات قد تقع، لأن مثل هذه الإشكالات كانت سببا لحروب قاتمة في الماضي. وتوترات الجبل لها تأثيراتها الكبيرة على أوضاع لبنان جراء التداخل السكاني الكبير بين كل المكونات الاجتماعية اللبنانية، خصوصا بين المسيحيين والموحدين الدروز.

في جعبة جنبلاط حزمة واسعة من المخاوف على لبنان جراء التجاذبات الدولية في المنطقة، خصوصا بين ايران والولايات المتحدة الأميركية. والعناد الذي يقف خلف تعطيل تشكيل الحكومة لا يبدو أنه ناتج عن حسابات عادية، بل يؤشر الى وجود نوايا مبيتة عند أفرقاء النزاع، فمنهم من يهدد بقلب الطاولة على صيغة النظام، ومنهم من يعد العدة ليمدد لنفسه كخيار إلزامي بعد الارتطام، ومنهم المتردد الذي لا يعرف نفسه ماذا يريد بالضبط، ولا تقل خطورة موقفه عن مخاطر مواقف الآخرين. بينما لبنان مهدد بالعتمة الشاملة وبالعطش وبالجوع وبالفوضى، وهو من دون حكومة قادرة على اتخاذ قرار للبدء بتوقيف حالة الانهيار.

* المصدر: الأنباء

تعليقات: