من يوميات التدفئة في الجبال
دخل لبنان أزمة #المازوت. ومعها دخل اللبنانيون في أتون الخوف من أن تمتد الأزمة، ما سيسبّب انطفاء المولّدات، والكوارث التي ستحلّ بالمستشفيات، والباصات التي لم يعد بإمكانها العمل لنقل الناس من منطقة إلى أخرى... وغيرها من التداعيات التي حضرت في أذهان الشعب، والتي يلمسونها في حياتهم اليومية. لكن في الحقيقة، فإنّ أزمة كارثية تنتظر كلّ من يعيش تحت سماء لبنان، اذا لم يتم تأمين المازوت قبل الشتاء.
ما لم يحسب حسابه اللبنانيون حتى الآن، أنّ فقدان المازوت يعني فقدان خطّ الدفاع الأول الذي يعتمد عليه سكان الجبال في مواجهة البرد القارس، الذي يدخل بيوتهم في فصل الشتاء من دون استئذان. واذا اعتادوا التحضير لـ"ذخيرتهم" من المازوت للتغلّب عليه كل سنة، فإنّ الأشهر القادمة قد لا تكون كما في السابق، اذا لم يتوصّل المسؤولون إلى حلّ جذري قبل فوات الآوان.
لا مال ولا مازوت!
على الرغم من الأخبار التي تم تداولها عن تخزين أهالي الجبال المازوت بكميات كبيرة من #السوق السوداء استعداداً للقادم القاتم كما يشير الواقع الآن، فإنّ رئيس بلدية بحمدون وليد خير الله قال لـ"النهار" أنّ "السكان لا يملكون المال لتخزين المازوت المفقود أصلاً من السوق".
وأضاف: "نحن كبلدية مسؤولون عن بعض السكان، وسنقدّم لهم ما نستطيع في الشتاء اذا توفر المازوت"، لافتاً: "بالكاد نتمكّن الآن من تأمين الكمية القليلة واللازمة منه لتشغيل مولّدات البلدية". كذلك شرح كمال شيا رئيس بلدية صوفر: "في كل بيت في الجبل يُخزَّن في العادة نحو برميلين إلى ثلاثة من المازوت استعداداً للشتاء، فلا منزل من دون "صوبيا"، لكن في ظلّ الظروف الحالية لا يملك الناس المال لشرائه. فإذا كنا كبلدية نجد صعوبة في تأمينه فكيف بهم"؟!
دقّ ناقوس الخطر
مختار كفرذبيان وسيم مهنا أطلق الصرخة عبر "النهار"، وقال: "نحن أمام كارثة كبيرة إذا لم يتوفر المازوت، إذ سيتجه الناس الى الأحراج لقطع الأشجار. وعندها لن يتمكن حتى الأمنيون من منع مَن يشعر بالبرد من القيام بذلك"، مشدداً: "نحن لسنا كما سكان المناطق الساحلية، فلا الكهرباء ولا الغاز يكفيان للتدفئة، فأقلّ علوّ لمنزل عن الساحل 1200 متر".
وعن الوضع الآن في كفرذبيان، أكّد مهنا أنّ "مادّة المازوت شبه مفقودة منذ أكثر من شهر، ويتم تأمينها بالكاد من السوق السوداء للمولدات و#الأفران، مع العلم أنّ أهالي الجرد ينتظرون شهر أيلول لبيع الموسم الزراعي من أجل شراء المازوت وتخزينه استعداداً للفصل القارس".
خطر كارثي
إذا كان المازوت متوفراً في ظلّ قطع بعض سكان المناطق الجبلية الأشجار للتدفئة، فكيف مع فقدانه؟
يرى الخبير البيئي الدكتور ناجي قديح أن "هناك خطرين حقيقيين يهدّدان الثروة الحرجية في لبنان. أولهما الحرائق التي لا يمكننا التحكم بها أو استباقها، وليس لدينا خطّة على مستوى الدولة لمواجهتها. وثانياً القطع العشوائي للأشجار بأهداف مختلفة. فالبعض يقطعها من أجل صناعة الفحم والبعض الآخر لتأمين موادّ التدفئة، ولا سيما في المناطق الجبلية المرتفعة، وخاصّة عندما تكون المحروقات التي تُستَخدم للتدفئة مفقودة، أو سعرها مرتفعاً".
أزمة المحروقات في لبنان ستفسح في المجال، كما قال قديح، إلى "خلل يفوق التحمّل في عدد من الأوساط البيئية، إذ قد تؤدي إلى دفع الناس لاستخدام موادّ ضارّة وغير مُعَدّة للاستخدام في التدفئة، أقصد أغراضاً قديمة كالأحذية الجلدية والبلاستيكية، وقطع قماش مكوّنة من موادّ مصنّعة... كلّ هذه الموادّ تصدر عند احتراقها كميات هائلة من الغازات السامّة، وتؤدي إلى تلوّث كبير للبيئة وللهواء الجويّ. والخطر الأكبر إحراقها داخل المنزل، حيث نكون أمام خطر مرتفع بالتسمّم واختناق المواطنين".
تعليقات: