أنعش العرب الحجوزات في ال#فنادق وقطاع الشقق المفروشة، وكانت حصة الأسد للعراقيين الذين شغلوا 70 في المئة من هذه الشقق. وشهدت فنادق القرى النائية وتلك الواقعة في الجبال اللبنانية طلباً قياسياً منذ انطلاق موسم الصيف. وبحسب المعلومات، وصلت نسبة التشغيل فيها خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى 90 في المئة من غرفها. أمّا في #بيروت فربع الفنادق مقفلة، وتلك التي لم تقفل أبوابها بسبب تداعيات انفجار المرفأ، كانت الحجوزات فيها أقل من المعتاد جرّاء أزمة كورونا، فالسيّاح هذا العام فضّلوا الاصطياف في القرى بعيداً عن الاكتظاظ. بالإضافة إلى ذلك، أجّر أصحاب الشقق بين 40 و60 في المئة من عقاراتهم، وفضّلوا عدم تجاوز هذه النسب بسبب أزمات الكهرباء والمازوت والمياه.
ألحق انفجار المرفأ أضراراً جسيمة بالقطاع الفندقي القريب من موقع الانفجار. ولا يزال عدد كبير من الفنادق الضخمة التي ذاع صيتها عربياً ودولياً مقفلاً حتى اليوم بسبب أعمال الصيانة التي من المرتقب أن تنتهي في أواخر تشرين الثاني في أحد أشهر فنادق العاصمة.
"2000 غرفة في بيروت مقفلة حتى الآن"
أكّد نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر لـ"النهار" أنّ "ما يقارب الـ2000 غرفة في بيروت مقفلة حتى الآن"، لافتاً إلى أنّ "ظاهرة بيوت الضيافة انتشرت بشكل كبير في لبنان، لأنّ أزمة كورونا دفعت بالسياح نحو المناطق الجبلية، واختلفت أنواع الترفيه من ممارسة الرياضة والمشي في الأحراج، إلى ركوب الدراجات الهوائية"، قائلاً إنّ "عشرات المؤسسات الجديدة دخلت السوق وهدفها تعريف السيّاح على جمال لبنان ومناطقه الجميلة".
نسبة التشغيل في الفنادق 90%
لا يمكن للفنادق الجبلية أو تلك التي تقع في مناطق نائية أن تضاهي بحجمها تلك الموجودة في بيروت، وهذا ما يفسر نسبة التشغيل الكبيرة، ورفض طلبات حجز غرف عديدة. قال الأشقر إنّ "متوسط نسبة التشغيل سجّل في هذه المناطق نحو 90 في المئة أيّام السبت والأحد، إلّا أنّ هذا المعدل يعود وينخفض إلى ما دون الـ40 في المئة خلال منتصف الأسبوع".
"الأسعار تدنت 70%"
يتكبّد أصحاب الشقق المفروشة والفنادق عناء البحث عن المازوت في السوق السوداء لتشغيل مولداتهم الكهربائية بعد زيادة ساعات التقنين، لذلك يتردد أصحاب الشقق في التأجير لأنّ تأمين المياه والكهرباء وغيرهما العديد من الخدمات مهدد بالانقطاع. وبحسب رئيس نقابة اصحاب الشقق المفروشة زياد اللبّان، اتخذ أصحاب الشقق المفروشة قرارهم بالبقاء عند نسبة تشغيل لا تتجاوز الـ60 في المئة، وعلل لبّان هذا القرار بأنّ "كل المواسم السياحية الماضية تزامنت مع خضّات أمنية واقتصادية، لكن هذه السنة حملت بعض التفاؤل مقارنة بالعام السابق عندما كانت نسبة تأجير الشقق 20 في المئة من إجمالي تلك المعروضة"، لافتاً إلى أنّ "الحركة زادت بالبلد، والأسعار تدنت 70 في المئة، نحدد البدلات على أساس سعر صرف الدولار لكننا نراعي الزبائن. وتشهد السوق حركة جيّدة لأن العملة اللبنانية تدنت، والكلفة تراجعت بشكل كبير بالنسبة للمغترب الذي يتقاضى مداخيله بالعملة الصعبة".
وأكّد لبّان أنّ "70 في المئة من الشقق المفروشة والمؤجّرة يشغلها عراقيون، أمّا القسم الثاني فموزّع بين اللبنانيين والمصريين والسوريين".
وقدّر أشقر عدد اللبنانيين الوافدين من الخليج العربي بـ450 ألف مغترب، أمّا "الذين أتوا من أفريقيا فتقديراتنا تشير إلى أنّهم 250 ألفاً، أي قرابة الـ700 ألف لبناني أتوا ومعهم العملة الصعبة".
وأوضح الأشقر أنّ "السيّاح الذين يأتون إلى بيروت غالبيتهم عراقيون ومن الأردّن ومِصر. أمّا القسم الآخر فتابع للمنظمات غير الحكومية التي كثرت أعمالها في لبنان في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى حجوزات رجال الأعمال ومؤتمراتهم".
حمل هذا الموسم إيجابيات عدّة بالنسبة لقطاعي الفنادق والشقق المفروشة، لأنّ عدد الحجوزات الكبيرة، بخاصة من قبل المغتربين، حرّكت الأسواق وضخت فيها العملة الصعبة، واستفاد جميع التجار الذين يدورون في فلك الفنادق والشقق الفروشة من هذا الطلب المرتفع، وحافظوا على قطاعاتهم من التصفية لأنّ قطع الصيانة والمصاريف المختلفة جميعها مقدرة على أساس دولار السوق.
قفزات الدولار حدّت من المكاسب
وجاءت قفزات الدولار لتحدّ من أرباح القطاع السياحي، لأنّ الفنادق التي قبلت بحجز غرفها على المدى المتوسط، وقامت بتقدير الدولار على أساس سعر السوق يوم الحجز، تضررت بشكل كبير من ارتفاعات العملة الخضراء، لأنّ الاتفاق حصل مع الزبون على أساس السعر القديم، إلّا أنّ كلفة الطعام والكهرباء، والخدمات المختلفة أصبحت على أساس السعر الجديد والأعلى. على سبيل المثال،قال أشقر إنّه "بعد تأجير غرفة بـ50 دولاراً على أساس سعر صرف 12 ألفاً، ارتفع سعر الصرف إلى 15 ألف ليرة، فاضطر المطعم إلى رفع أسعاره، وكذلك فعل الموردون، الذين يزودون الفندق بمختلف الأدوات اللازمة، وهذا الأمر يكبدنا الخسائر، ويحدّ من أرباحنا".
وكان مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت قد أصدر بياناته وإحصاءاته عن عدد الوافدين إلى لبنان من بداية العام الحالي حتى نهاية أيّار، وأظهرت تحسّناً في هذه الفترة، وكان لافتاً الارتفاع الملحوظ في عدد الوافدين إلى لبنان الذي قارب السبعة آلاف راكب يومياً، ومعظمهم من اللبنانيين الذين يقيمون ويعملون في الخارج ومن عائلاتهم.
سجّلت الفترة التي حلّ فيها عيد الفطر المبارك أكبر عدد من الوافدين الذين تخطّوا الستة آلاف راكب يومياً، لتعود إلى معدلات الخمسة آلاف وافد يومياً. بلغ مجموع الركّاب الذين استخدموا المطار خلال شهر أيار الفائت 286 ألفاً ًو271 راكباً ليصبح بذلك مجموع الركّاب الذين استخدموا مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت منذ مطلع العام 2021 وحتى نهاية الشهر الخامس منه مليون وخمسين ألفاً و280 راكباً مقابل 988 ألفاً و377 راكباً في الأشهر الخمسة الأولى من العام السابق 2020 أي بزيادة 61903 ركاب، ما نسبته 6,26 في المئة.
يذكر أنّه لا يمكننا أن نعتمد العام 2020 كسنة تصح فيها المقارنة، لأنّها شهدت إقفالات متعددة جرّاء أزمة كورونا، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية الحادة التي تتضاعف حتى الآن، وكذلك انفجار المرفأ.
لم ينجح كورونا هذا الصيف بالتأثير على الفنادق وأصحاب الشقق المفروشة كما حصل العام السابق، إلّا أنّه غيّر نمط العمل وطريقة الاستهلاك، فنمت ال#سياحة البيئية، واستردت الجبال اللبنانية والمناطق الساحلية البعيدة من بيروت رونقها. لكن الأزمات المتعددة التي نتجت عن شحّ الدولار وارتفاع سعر صرفه في السوق السوداء راحت تهدد استمرارية عمل هذه الفنادق والشقق السكنية التي تحتاج إلى خدمات بات وجودها مهدداً مثل الكهرباء وكذلك المياه التي حذّرت منظمة "اليونيسف" من انقطاعها.
تعليقات: