الجمعيات البيئية تباشر حملة توعية لتنظيم هواية الصيد
والمسح الميداني يُظهر جهل المواطنين للقوانين المرعية..
إذا لم تطبق القوانين، لا يبقى أمام المعنيين سبيلاً الا التوعية والإرشاد ليهتدي الناس الى ما هو خير لهم من تلقاء أنفسهم، ولو أن فعل التوعية كفعل الإبرة في جبل، تحتاج الى وقت طويل لتؤتي ثمارها. هذا هو حال الصيد والناشطين البيئيين. لقد أعياهم تطبيق القانون فلجأوا الى الناس مباشرة ليحثوهم على إدراك مخاطر الصيد غير المنظم. فالصيد العشوائي في لبنان، حيث يُعلِّم الآباء أبناءهم الصيد كعنوان للرجولة، وفي ظل قانون من دون أسنان لا يعلم عنه الكثيرون، يوقع الطيور بمختلف أنواعها فريسة جهل الناس لدورها في النظام البيئي.
وحماية للطيور وتوعية للناس، أطلق مشروع بناء القدرات حول الصيد المستدام للطيور المهاجرة فوق دول العالم الثالث في حوض البحر المتوسط. هذا المشروع هو مبادرة إقليمية لنشر مبادئ ووسائل الصيد المستدام للطيور المهاجرة وتأمين بدائل اقتصادية مناسبة. يشمل المشروع ثماني دول هي: لبنان، سوريا، الأردن، فلسطين، مصر، تونس، الجزائر والمغرب.
وينفذ المشروع عبر شركاء (المجلس العالمي لحماية الطيور) في كل دولة وبالتعاون والتنسيق مع القطاع الحكومي والجمعيات البيئية.
يهدف المشروع الى الحد من الصيد الجائر وغير المميز للأنواع وتحديد طرائد الصيد وتشجيع ممارسة صيد مستدامة.
أما الصيد المستدام، فهو ذلك الذي لا يسبب انخفاض أعداد أو تغيراً رئيسياً في سلوك وتوزيع الأنواع المستهدفة في الصيد، يحمي الأنواع المقيمة والمهاجرة بالاضافة الى موائلها لحاجات الحاضر، كما يحترم حقوق جميع المستخدمين للبيئة.
المشروع هذا ليس بجديد فهو انطلق منذ العام 2004 على أن يمتد الى العام .2007 غير أن أعمال المرحلة الثانية من المشروع انطلقت الآن من خلال دراسة شاملة نفذتها (جمعية حماية الطبيعة في لبنان). وقبل الخوض في نتائج المسح الاحصائي الميداني الأول الذي نفذ خلال العامين 2005 و2006 ونتائج المسح الميداني الأخير الذي نفذ أخيراً، لا بد من الحديث عن أهمية لبنان بالنسبة للطيور المهاجرة، وأهمية الطيور المهددة بالانقراض في لبنان.
تهاجر ملايين الطيور مرتين سنوياً ما بين أوروبا وافريقيا مارّة فوق دول غرب آسيا (لبنان من أهم محطاتها) حيث تتجمع أعداد كبيرة منها لفترات قصيرة من الزمن بشكل قسري ضمن مساحات ضيقة بما يسمى (عنق الزجاجة)، وخاصة الطيور المحلقة مثل: العقبان، النسور، اللقلق والبجع. ويمثل هذا المسار أحد أهم مسارات الطيور العالمية خلال هجرتها السنوية.
ولقد سجل في لبنان حتى الآن وجود 374 نوعاً من الطيور، 134 منها تتوالد في لبنان بينما 56 منها ثبت بقاؤها الدائم فيه. تشمل لائحة الطيور المهاجرة والطيور الشتوية حوالى 246 نوعاً. وتتجلى أهمية لبنان عالمياً بالنسبة للطيور عبر وجود العديد من أنواع الطيور المهددة بالانقراض على المستوى العالمي فيه.
هناك 1186 نوعاً مهدداً بالانقراض أي 12% من أنواع الطيور، بمعنى آخر، واحد من كل ثمانية أنواع من الطيور يواجه خطر الانقراض خلال المائة سنة القادمة. وهناك 182 نوعاً منها تعتبر مهددة بدرجة حرجة للغاية وتواجه بذلك أخطاراً مرتفعة جداً بالانقراض نهائياً في المستقبل القريب. من أصل 24 نوعاً من الطيور المهددة عالمياً والتي تتواجد على مستوى الشرق الأوسط هناك 14 نوعاً موجوداً في لبنان.
نتائج المسح
المشرفة على المرحلة الأولى من المسح الميداني في جمعية (SPNL) تالا الخطيب تقول إن أسباب انقراض الطيور تعود الى:
- انحسار المساحات الخضراء التي تشكل مأوى للطيور، وذلك بسبب الحرائق وقطع الأشجار وانتشار العمران.
- تجفيف المستنقعات بسبب الامتداد العمراني وتحويلها الى أراض زراعية.
- سوء استخدام المبيدات الزراعية.
- الصيد العشوائي وغير القانوني.
قالت الخطيب إن المسح الاحصائي الميداني الأول (2005 - 2006) استهدف عينة عشوائية من ألفي شخص من مختلف الأعمار، وغطى المسح كافة المناطق اللبنانية. وقد أظهر النتائج التالية:
- 55.7% فقط من الذين شملهم المسح يعرفون بوجود قانون منع الصيد.
- 68% يعرف أن هناك أماكن محددة يمنع الصيد فيها.
- 22.9% يصطاد في كل فصول السنة.
- 69.3% بدأ الصيد في عمر ما بين 11-18 سنة، و28.4% بدأ عندما كان عمره أقل من 11 سنة.
- 18% فقط يميزون ما بين أنواع الطيور المهاجرة والمقيمة.
- 73% يمارسون الصيد كهواية.
- 92% أعلن عدم وجود قانون صيد منفذ في لبنان.
الخطيب قالت إن المرحلة الأولى من المشروع جرى خلالها تنظيم حملات توعية في المدارس والقرى لإرشاد الناس الى وجود أنواع من الطيور يمنع صيدها وأهم هذه الأنواع الطيور المهاجرة، وان هناك مواسم محددة للصيد.
وتلفت الخطيب الى ارتباط ظاهرة الصيد في لبنان بمفهوم الرجولة في أحيان كثيرة، وهذا ما يظهره تعلم الأفراد من أعمار صغيرة على يد آبائهم هواية الصيد.
المرحلة الثانية
هذا عن المسح في المرحلة الأولى من مشروع بناء القدرات حول الصيد المستدام، ماذا عن المرحلة الثانية?!
زينة بدران، المتطوعة في جمعية (SPNL) لتنفيذ المرحلة الثانية من المشروع، قالت إن الدراسة التي نفذت حول الصيد لجهة الأماكن التي يفترض منع الصيد فيها والاعمار التي يتعلم يها الناس الصيد ومدى معرفتهم بقانون الصيد والتمييز بين أنواع الطيور الى غيرها من الأسئلة، أظهرت أن أكثر ممارسي هواية الصيد هم من فئة العمر 20 سنة وأقل من 18 سنة، الى درجة وجود أشخاص يمارسون الصيد بعمر السبع سنوات.
وتشير بدران الى أن المسح في المرحلة الثانية كشف تنامي نسبة الوعي لدى الناس فيما يتعلق بموضوع الصيد، فالذين يبلغ معدل أعمارهم الـ 20 سنة ويمارسون هواية الصيد تراجعت نسبتهم الى 7% من إجمالي ممارسي هذه الهواية مقارنة بالمسح الأول في المرحلة الأولى حيث كانت نسبتهم 12%. وأصبح هؤلاء على معرفة بوجود المنظمات والجمعيات البيئية وهناك قسم كبير منهم زار محميات طبيعية، وقسم آخر أعرب عن استعداده للانضمام الى الجمعيات البيئية.
أما أبرز نتائج المسح الثاني فجاءت علي الشكل التالي:
- 57% من الذين شملهم المسح يعرفون عن قانون منع الصيد.
31% يلجأون الى الصيد كهواية، و31% للتسلية.
- 20% يصطادون الطيور في كل المواسم على مدار السنة.
- 36% من الصيادين يستعملون البندقية في الصيد، 10% يستعملون الماكينات الصوتية مع البندقية و3% يستعملون الدبق، المصائد والأفخاخ.
- 7% من الصيادين الذين يستخدمون الصيد كوسيلة للعيش يحققون ما قيمته 15 ألف دولار في الموسم كمدخول من الصيد، بينما 6% من هؤلاء الصيادين يحقق ألف دولار في الموسم، والقسم الآخر من هؤلاء الصيادين يحقق 150 دولاراً في الموسم.
- بالنسبة الى الانفاق الذي يقوم به الصيادون خلال ذهابهم في رحلة الصيد، فتظهر نتائج الدراسة أن 56% من الصيادين ينفق أقل من 2000 دولار، 23% ينفق ما بين 200 - 600 دولار، و49% ينفق أقل من 20 دولاراً.
الى جانب هذه الدراسات والاحصاءات يتضمن مشروع بناء القدرات اجراء دورات تدريبية في مختلف المناطق اللبنانية سواء في القرى أم في المدارس يتم التركيز خلالها على كيفية تحديد أنواع الطيور بالاستناد الى (الدليل الحقلي لطيور الشرق الأوسط) وهو الكتاب الذي يتضمن تحديداً لأنواع الطيور ومناطقها ومميزاتها. بالاضافة الى ذلك يجري توزيع مناظير لمراقبة الطيور كوسيلة لترغيب الأفراد على الاهتمام بالطيور بدلاً من القضاء عليها عبر الصيد.
الخطيب تقول إن الدورات التي تجري يشارك فيها أفراد من قوى الأمن، وموظفون من وزارتي الزراعة والبيئة وذلك للاطلاع على أهمية الطيور وسبل المحافظة عليها.
وتلفت الخطيب الى سعي البيئيين الى دمج برامج التوعية حول الطيور ضمن المنهاج المدرسي، وفي هذا الاطار تقوم الجمعية بتوزيع كتيب مع CD يتضمن قصصاً حول كل طير وتاريخه على أساتذة المدارس.
تعليقات: