راشيل كرم تترك الجديد: قراري ليس إنفعالياً


صورة نشرتها المراسلة راشيل كرم اليوم وهي ترتدي بزتها الواقية من الرصاص في الذكرى الأولى للرابع من آب/أغسطس، على صفحتها الخاصة في "فايسبوك" أعلنت فيها نهاية 11 عاماً من العمل أمضتها في "قناة الجديد"، وباتت خلالها أكثر مراسلة لبنانية غطت أزمات دولية، بعيداً عن أخبار الزيارات الدبلوماسية التقليدية، من الانتخابات الأميركية الأخيرة إلى الصراع الأرميني الأذري وثورة تشرين الأول/أكتوبر في لبنان، مروراً بأزمة اللاجئين والهجمات الإرهابية في باريس، وغيرها.

والخبر الذي شغل الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، عزاه البعض بشكل مباشر الى الحلقة التي قدمتها كرم أخيراً من برنامج "هنا بيروت" والتي قرئت من منظور تقلب في المواقف السياسية تشهده القناة التي تستمر معها كرم حتى الثلاثين من الشهر الجاري.

وفي حين تبادل الناشطون التعليقات حول توقيت هذه الاستقالة وعلاقتها بما جاء على لسان كرم في الحلقة، انقسم المتابعون بين من اعتبر أنّ جرأة كرم في التوجه الصريح الى الطبقة السياسيّة الحالية ومن بينها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قد تتعارض مع سياسة المؤسسة الإعلامية التي اتسمت بالغموض في بعض الأحيان، حيث غابت عن أحداث مهمة وحَضرت في أخرى. وعليه اتخذت كرم قرارها بترك "الجديد".

وفي حديث مع "المدن" أكدّت راشيل كرم أن سبب استقالتها غير مرتبط بالحلقة المذكورة باعتبار أنها "رفعت الاستقالة قبل ساعتين من عرض البرنامج،"، مضيفة: "ليس القرار وليد انفعال، بل هو قرار مدروس، لكن التغيرات الحياتية بما فيها جائحة كورونا أبطأت من عملية اتخاذه،" و"هو أيضاً قرار لم تحفزه الضائقة المادية التي يعيشها جميع اللبنانيين بمن فيهم الصحافيون".

وفيما اندفع البعض الى تداول منشور يحمل عنوان "راشيل كرم: مكاني الطبيعي في الأوتي في،" نفّت راشيل أن تكون قد أدلت بمثل هذا التصريح. ورأت بالمقابل أنّه "في الوقت الحالي يصعب التمييز بين الطائفة والانتماء السياسي، فأن تكون من طائفة معينة لا يعني بالضرورة أن تؤيد الأحزاب الدينيّة العائدة لها". وأضافت: "إذا كان ما يقال عني صحيحاً فهذا يعني أنّه كان عليّ منذ البداية أن أبدأ مسيرتي في أو تي في، لكن انضمامي الى الجديد يدل على عكس ذلك".

وتبيّن لاحقاً أن المنشور الذي تم تداوله بشكل مجتزأ صدر عن صفحة تدعى بـ"ثورة ميمز"، علماً أن كرم تعرضت في السابق للعديد من الانتقادات بسبب اعتبارها من قبل البعض منتمية الى فريق سياسي محدد. وعلقت في هذا الصدد: "يعتقد الناس بأن على الصحافي أن يكون طرفاً، أنا من الناس ومعاناتهم تشبهني، ولكن الموضوعية تعني أن أصف الأحداث كما هي بغض النظر عن موافقتي أو عدم موافقتي مع أداء أي طرف من الأطراف".

ومع اقتراب الذكرى الثانية لانتفاضة 17 تشرين الأول/أكتوبر، والتي كانت كرم من إحدى المراسلات الأساسيات في تغطية مجرياتها ومواكبة تطوراتها وما تلاها، يرى البعض أنّ توقيت هذه الاستقالة يعكس الواقع الصعب الذي يعيشه الصحافيون مع التضخم الواضحة في تأثر المؤسسات الإعلامية بالمناخ السياسي وانحيازها باتجاه مكونات السلطة، حيث لم يعد الصحافي وحده يعاني سطوة المؤسسات على الحرية فقط، وانما أيضاً من تدني فرص الازدهار والتطور على صعيد هذه المهنة.

والحال أن كرم لن تغيب عن الشاشة طويلاً ويمكن أن تطل من شاشة أخرى، لكنها لن تعود أيضاً الى "الجديد" التي منحتها "المغامرة،" وتعتبر أنّها اليوم في ما يشبه "الاستراحة القصيرة" على أن تعاود نشاطها الإعلامي خارج الشاشة والذي ينسحب على عملها في الإذاعة والتدريس الجامعي، وعملها على إعداد وثائقي من انتاج هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عما قريب بالإضافة الى سعيها الى تأسيس شركة إعلامية تجمع فيها زخم خبرتها التي تعدت التلفزيون الى الصحافة المكتوبة والمسموعة.

أمّا عن احتمال سفرها الى خارج لبنان فلم تنف راشيل الفكرة لكنها لم تؤكدها، فهي اليوم في صدد انتظار العرض الذي تراه مناسباً، من دون أن تشير الى طبيعة العروض التي تلقتها.

تعليقات: