حركة أمل وحزب اللّه يحسمان الجنوب... ولكنْ ماذا عن الباقين؟


لا يختلف اثنان على أن لا معركة انتخابية في أقضية الجنوب. الجميع ينتظر أن يختار حزب الله وحركة أمل نوابهما، لمعرفة ما إذا كان سيتغيّر نائب هنا أو هناك، أو تبقى الأسماء ذاتها. وحده قضاء صيدا يُمكن أن يخوض معركة، رغم أن بعض العارفين بشؤون الانتخابات يتوقّعون حصول تسوية بين النائبين أسامة سعد وبهيّة الحريري يكون مرشّح الجماعة الإسلاميّة ضحيّتها.

رغم عدم الاختلاف على هذه المعطيات، فإن الجنوب ليس محصوراً باللاعبين القويين حزب الله وحركة أمل، أو هكذا تقول الأطراف الأخرى. هناك الحزب الشيوعي، والحزب السوري القومي الاجتماعي، ونشاط تنموي لرياض الأسعد، ومحاولة أميركيّة لإعادة إحياء رميم الإقطاع الجنوبي المتمثّل بآل الأسعد وآل الخليل، وإن كان أحمد الأسعد، ابن رئيس المجلس النيابي الأسبق (المتصارع مع والده)، أكثر استعداداً، على الأقل في الظاهر، من السفير خليل الخليل للتجاوب مع المحاولة الأميركيّة.

هذه هي القوى الموجودة جنوباً. عام 2005، تحالف الحزبان الأقويان، وضمّا إلى لائحتهما مرشح الحزب القومي أسعد حردان، الذي أصبح رئيس الحزب قبل ثلاثة أيّام، ومرشّح حزب البعث قاسم هاشم، وفازت اللائحة بالمقاعد الثلاثة والعشرين. وخاض الحزب الشيوعي المعركة متحالفاً مع رئيس الاتحاد العمالي الأسبق إلياس أبو رزق في الدائرة الثانيّة ورياض الأسعد في الدائرة الأولى. استطاع هؤلاء الحصول على ما نسبته 11% في الأولى، و8% في الثانية.

قبل أحد عشر شهراً من إجراء الانتخابات النيابيّة، تبدو الصورة شبه واضحة. تحالف حزب الله وحركة أمل أمتن من أن تهزّه الانتخابات، والقوميون سيبقون على اللائحة. ويقول أحد المتابعين لملف الانتخابات النيابية، إن حزب الله يرغب في ضمّ الشيوعي إلى لائحته، من أجل توسيع حلقة حلفائه، وسيسعى إلى إقناع الرئيس نبيه برّي بذلك جنوباً، بعدما فشلت محاولاته في انتخابات 2005، ولم يستطع إلّا عرض مقعد ماروني في بعلبك ــ الهرمل، وهو الأمر الذي رفضه الشيوعي انطلاقاً من رفضه تحديد مرشحيه، وظلّ مصراً على مقعد شيعي جنوباً. وتقول أوساط الشيوعي إن النقاش يدور حول المشاركة أو المقاطعة، وفي الحالة الأولى سيكون التحالف مع قوى المعارضة. وهو كلام أبلغه الأمين العام للحزب خالد حدادة بشكل غير مباشر إلى وفد من حزب الله عندما قال له إن الحزب يؤثّر في ثلاث عشرة دائرة انتخابيّة.

وفي هذه الحالة يبقى رياض الأسعد وحيداً، وهو يُهاجم قانون 1960 المعدّل بشكل كبير، معتبراً أنه يمنع وصول نخب سياسيّة جديدة. ويسأل لماذا لم تدمج دائرتي صيدا والزهراني أو تفصل حاصبيا عن مرجعيون. ويرى الأسعد، وهو الذي كان جزءاً من حركة أمل سابقاً، أن الخلاف في الجنوب ليس حول المقاومة، «لأننا كنّا مقاومين وسنبقى» بل يتعلّق بكيفية إدارة شؤون الجنوب. ويؤكّد الرجل الذي يكن ودّاً كبيراً للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أن حماية المقاومة واجب الجميع، ومن راقب أعمال الإغاثة في تموز 2006 «يعرف ما الذي أعنيه». ويشير إلى الفساد المستشري، الذي تتحمّل أمل مسؤوليّته في نظره، وينتقد حزب الله لأنه يُغلق الطائفة الشيعيّة على نفسها.

الأسعد لا يؤكّد ولا ينفي أي شيء يتعلّق بترشّحه، لكنّه يقول: «سنستمرّ في معركتنا السياسيّة وفي خدمة المواطنين»، ويُفهم من كلامه أن خوض الانتخابات لا يعني له بالضرورة الفوز بمقعد نيابي. يعتمد الأسعد في كلامه هذا على «تشبيك تنموي» قام به في العديد من المناطق، وتحديداً في مرجعيون وحاصبيا، وهو يعدّ نفسه للبدء بالعمل في منطقة صور. ويرتكز هذا العمل على مساعدة المجموعات الشبابيّة والأهليّة في تطوير برامج إنتاجيّة تموّل نفسها بنفسها لاحقاً، وليس على التبرّعات التي ينتقدها كثيراً. وهو ينطق بلسان فريق من شبّان الجنوب الذين لا يجدون فرصة للتعبير عن امتعاضهم من جمود الحياة السياسيّة في مناطقهم.

تعليقات: