بعد أسبوع في التمام والكمال، على مجزرة «التليل» (عكار) التي ما زالت تعدّ ضحاياها لغاية اليوم، وتحاول العثور على مفقوديها، يتبدى أكثر فأكثر أداء وسائل الإعلام المحلية. الأخيرة التي أفردت وقتها للحدث الذي انفجر فجر الأحد الماضي، مساحة واسعة من التغطية والبث، تخلّلته بالطبع خروقات أخلاقية ومهنية بالجملة، تصمت اليوم وتطمس الجريمة وتبعاتها. هكذا، تُسقط ورقة «التليل»، بسحر ساحر، بعدما أخذت حيزاً بعيد وقوعها واستغلت سخونة أرضها في خدمة الإستثمار السياسي. صمت ترافق مع خفوت أصوات سياسيين كانت قد علت أيضاً بعيد الجريمة، وراحت تطلق الإتهامات على فريق سياسي واحد، وتطالب باستقالة رئيس الجمهورية. لكن هذه «الهمروجة» سرعان ما اختفت آثارها، مع تبدّي أسماء المتورطين في تلك الجريمة، والتي الى اليوم يتلكأ الإعلام عن متابعة القضية وحيثياتها، وحتى الإطلاع على أحوال العائلات المنكوبة التي شكلت قبل أسبوع مادة دسمة لهذه المنصات، وخرقت خصوصية حزنها. بعد أسبوع، تمرّ أخبار تلك البلدة العكارية، على شاكلة أخبار عاجلة، أو ضمن أخبار يومية، عن وفاة المزيد من الضحايا، أو مجيء فرق عربية طبية لمساعدة المصابين. أداء إعلامي يطرح أسئلة بالجملة حول أجندة الصمت هذه، التي على ما يبدو، تسير وفق الأهواء السياسية، بعدما خابت حسابات الحقل حسابات البيدر، وتظهرت الجهات المتورطة في هذه الجريمة، ويعمل اليوم على اخفائها، وطمسها بشكل نهائي، لتطوى ورقتها وتذهب دماء عشرات اللبنانيين سدى، من دون أن تكشف عن الأيادي المتورطة في جريمة «التليل»، فيما قضايا أخرى أقل وقعاً ربما تفرد لها مساحات إعلامية، وحتى ينصّب المراسلون أنفسهم كقضاة ومحققين كما جرت العادة في الإعلام اللبناني!
تعليقات: