سوق المحروقات السوداء.. تكتيكات مختلفة والكلّ شريك في الفساد!


لم تختلف أزمة طوابير السيّارات أمام محطّات #المحروقات، والسوق تستهلك يوميّاً ما يقارب الـ10 ملايين ليتر من #البنزين. الصفوف طويلة والمشاكل متنقّلة، وأسلحة متفلّتة للتهديد، كلّها مظاهر يحاول اللبنانيّ ألّا يعتاد عليها في انتظار انتهاء الأزمة.

حافَظ العديد من أصحاب المحطّات على مكانتهم أمام زبائنهم، وكلّ من زار محطّاتهم، إلّا أنّ القسم الآخر حوّل محطّته نقطةَ تجمّع حزبيّ، تسود فيه الفوضى، وفي بعض الأحيان المظاهر الميليشياويّة. ترى شبّاناً لا يلتفتون الى القانون ويشهرون أسلحتهم أمام الجميع، ويملأون خزّانات سيّاراتهم بالبنزين مرّات عديدة خلال اليوم.

في كثير من المحطات، نشهد 3 خطوط، خط للسوق السوداء، وخط المعارف وأصحاب الواسطات، وخط طوابير الناس العاديين.

السوق السوداء لا تديرها عناصر حزبيّة أو خارجة عن القانون من القبضيات فحسب، إنّما شبكات منظّمة، كذلك، قد تكون تابعة لشركات ضخمة وكارتيلات، وفق روايات متقاطعة.

حصول أصحاب المولّدات على المازوت لا يمكن أن يكون بالـ"غالونات"، إنّما يتنقل صاحب صهريج بآليّته غير الممهورة بشعار شركة، ويوزّع المادّة بأسعار مضاعفة، وتردّد أنّ بعض أصحاب المحطّات وُضع أمام خيارين: إمّا دفع مبالغ إضافيّة مقابل مدّه بالوقود، أو عدم الحصول على المحروقات، كما يقول صاحب إحدى المحطات المعروفة ل"النهار"، وبالتالي "تجد محطات أنفسها مضطرة للبيع من خارج العداد"، وفق تعبيره.

وفي السياق، يناشد عضو نقابة أصحاب المحطّات جورج البراكس القوى الأمنية عبر "النهار" التّدخّل لوضع حدّ للفوضى على المحطّات، والحدّ من تحويل الوقود إلى السوق السوداء.


لسوق البنزين السوداء تقنيّات مختلفة:


1. خدمة التوصيل الليليّ

تُركن السيارة أمام المحطّة ليلاً، ويسلّم مالكها المفاتيح لسمسار، ووفق شهود، غالباً ما يكون السمسار من العناصر الحزبيّة، يعمل على تعبئة خزّان السيّارة بالوقود ويعيدها إلى صاحبها.

كلفة العملية 150 ألف ليرة، إضافة إلى سعر البنزين، ويُقسم المبلغ بين العامل في المحطة والسمسار.


2. "الغالونات الليليّة"

أكّد أحد زبائن محطّة تقع ضمن نطاق بيروت، أنّه اشترى غالونات من عامل في المحطة، أمّن له البنزين بسعر السوق السوداء وسلّمه البنزين بالغالونات.

ينتشر هذا النوع من البيع في السوق السوداء، لأنّ المحطّات تُقفل ليلاً، ويكون الوقت مثاليّاً لتمرير هكذا نوع من المبيعات.


3. "تجارة البنزين بالدرّاجة الناريّة (الموبيلات)"

تتنقّل "الموبيلات" بسهولة أكبر بين المحطّات، ويعامَلون من قبل الموظفين في المحطّات بطريقة مختلفة عن عمّال خدمة التوصيل أو السائقين الذين لا يمتهنون البيع في السوق السوداء. هؤلاء يملأون خزّانات آليّاتهم أكثر من مرّة يوميّاً. ويعمدون إلى بيع البنزين بـ"الغالون". إنّها الفرصة الذهبيّة للقبضايات المتنفذين في الأحياء، للحصول على أرباح بطريقة غير شرعيّة، في ظلّ هذه الضائقة الاقتصاديّة الرهيبة التي يتحججون بها.


4. "خوّة" مفروضة على صاحب المحطة!

من الروايات الموثوقة التي طالعتنا في الأيام الماضية، تعرّض صاحب محطة للضرب وأولاده في الزهراني، من قبل مجموعة من "الزعران" الذين اعتادوا تعبئة البنزين بشكل يومي لبيعه في السوق السوداء. ولما زاد عددهم عن الحد وتمادى الابتزاز، وواجههم صاحب المحطة، حصل إشكال كبير دخل على إثره الأخير الى المستشفى.

هؤلاء "الزعران" يحاولون فرض شروطهم على صاحب المحطّة بالقوّة، وفي حال رفض ينال نصيبه من الاشكالات في محطته، لاسيما حين يقرر صاحب المحطة المواجهة بالمنطق نفسه.

على أن أصحاب المحطات، كما سلف، ليسوا جميعهم براء من السوق السوداء، بل أنهم وعمالاً في المحطات منغمسون في لعبة تحقيق الأرباح. والعمال ذوو الرواتب الهامشية وجدوا فرصة ذهبية للاستحصال على بعض المال بالتعامل مع زبون أو سمسار، يكفي أن يقوم أحدهم بترتيب صف السيارات المركونة ليلاً حتى ينال نصيبه عن كل سيارة ينجح في تمريرها بسرعة في الصباح.

يسجّل تعدٍّ على المواطنين وأملاكهم يوميّاً، ولم نسمع من وزير الداخليّة في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي أيَّ تصريحٍ عن خطّة أمنيّة لتأمين السلامة المروريّة، وحفظ الأمن على المحطّات، بالرغم من أنّه عضو في الحكومة التي تمسّكت بالدعم الذي سينتهي في أيلول.


المشهد في المناطق


السوق السوداء في الشمال

قال مراسل "النهار" في الشمال إنّ "بعض العناصر الأمنية المسؤولة عن تنظيم الطوابير أمام المحطّات تقف على بُعد أمتار من المحطّات، وتعرض البنزين الموجود في سيّاراتها للبيع لمن لا يريد الانتظار، سعر الـ10 ليترات يتراوح بين 250 و300 ألف ليرة".

وتابع أنّ "سعر الـ10 ليترات في بعض المناطق بلغ 500 ألف ليرة لبنانيّة، ونقاط البيع أغلبها في طرابلس والمنية والبدّاوي وصولاً إلى الضنّيّه والجوار".

وأكّد المراسل أنّ "بيع الغالونات يحصل على الطرقات"، مشيراً إلى أنّ "السوق السوداء بالنسبة الى المازوت رائجة أكثر".

وقال: "يعمل بعض أصحاب المحطّات في الشمال على بيع المازوت إلى المستشفيات والأفران والآليّات الزراعيّة على سعر السوق السوداء"، مضيفاً أنّ "سعر المادّة في السوق السوداء وصل إلى 300 ألف ليرة لبنانية للصفيحة".

أمّا بالنسبة إلى بيع الغاز المنزلي فوصل سعر قارورة الغاز في الشمال إلى 150 ألف ليرة لبنانية بذريعة أنّ مالك مركز التوزيع توجّه إلى الزهراني لتعبئة القواري، وأكّد المراسل أن لا التزام بالسعر الرسمي للغاز (90 ألفاً)


السوق السوداء في عكار

أشار مراسل "النهار" في عكار أنّ "القوى الأمنية ساهمت في حلحلة أزمة المحروقات في محافظة عكار، بعد أن واكبت الصهاريج المحمّلة بالوقود والمتّجهة إليها".

لكنّ السوق السوداء حاضرة في عكار "ونقاط بيع غالونات المحروقات موزّعة على الطرقات، ولا أحد يردع المخالفين".

قال أحد الشبّان (يبلغ 20 عاماً) للمراسل أنّه لا يجد فرصة عمل، وبيع غالونات المازوت أتاح له الحصول على مدخول جيّد. اعتبر الشاب أنّ الأولويّة هي لملاحقة كبار التّجار في السوق السوداء.


المشهد في بعلبك

أفاد مراسل "النهار" في بعلبك الهرمل أنّ "محطّات قليلة تلتزم ببيع مادَّتَي البنزين والمازوت بالسعر الرسمي، وذلك ضمن فترة لا تتجاوز الساعتين وبكميات قليلة"، مشيراً أنّ "باقي المحطّات تلجأ إلى بيع المادة على سعر السوق السوداء، ويصل سعر الصفيحة إلى 400 ألف ليرة تحت حجّة شراء المادّة من السوق السوداء".

واضاف أنّ "بيع الغالونات هو الأكثر شيوعاً في المنطقة ووصل سعر الـ 9 ليترات إلى 300 ألف ليرة لبنانية".

وقد سُجّلت في مدينة بعلبك وضواحيها خلال اليومين الأخيرين أعمال شغب وتكسير في عدد كبير من المحطّات وسقط جرحى.

وأكّد مصدر مطّلع لـ "النهار" أنّ "السوق السوداء يخلقه أصحاب المحطّات عندما يعمدون ليلاً على بيع مادّتي البنزين والمازوت بالغالونات أو عبر مهرّبين بأسعار مضاعفة".

وتابع المراسل أنّ "بعض المطلوبين باتوا من أصحاب المحطّات في المنطقة حيث استُحدث عدد كبير من المحطّات".











تعليقات: