الترميم وإعادة الإعمار يسيران سوياً
لم يحل تصنيف أميركا للمؤسسة ضمن المنظمات الإرهابية دون استمرارها في عملها الإنمائي
اعتاد المواطنون في الضاحية الجنوبية حركة إعادة الإعمار، وباتت جزءاً من يومياتهم، وخصوصاً في ما كان يسمّى المربع الأمني. فبعد مرور نحو عامين على عدوان تموز 2006، صارت ورش العمل مشهداً يومياً في نهارات الضاحية. شاحنات وحفّارات وإشارات تحذيرية... وعمّال على السطوح وسقّالات الخشب.
ورغم أن المشهد بات اعتيادياً، إلا أن المقيم في المكان لا يسعه إلا ملاحظة التغييرات التي تطرأ يوماً بعد يوم على المحيط. أبرز التغييرات لون برتقالي، أو قرميدي، بات يمّيز الكثير من المباني التي أعيد ترميمها... والتي وصل عددها المعلن قبل نحو شهرين إلى 890 مبنى كما تشير لافتات وزّعتها «جهاد البناء» على بعض تلك المباني.
لكن لمعرفة حجم العمل على الأرض كان الأمر يستحق جولة إعلامية اختار المسؤولون في «جهاد البناء» تنظيمها احتفالاً بالعيد العشرين لتأسيس المؤسسة في 17 حزيران الجاري، واختار المنظمون خط سير محدداً، ليجد ابن الضاحية نفسه، كما الآخرون من الإعلاميين، مدهوشاً وكأنه يرى الأعمال للمرة الأولى.
من نصب الشهيد صلاح غندور في بئر العبد، مروراً بساحة الشورى، وصولاً إلى شارع الشيخ راغب حرب في حارة حريك. مسافة لا تحتاج إلى أكثر من ربع ساعة سيراً على الأقدام، لكنها تختصر عمل «جهاد البناء» وابنتها التي تكاد تتفوق عليها «وعد» منذ اليوم الأول لانتهاء العدوان.
حيّ بكامله يعاد إعماره في الشارع الذي كان يؤدي إلى ساحة الشورى. تسير فيه وسط حركة بناء وترميم... وحياة. فبعض المحال التي اكتمل بناؤها أو ترميمها فتحت أبوابها. وفي شارع الشيخ راغب حرب الذي دمّرت معظم مبانيه أيضاً يمكن المارّ ملاحظة إعادة إعمار إلى يمين الشارع وترميم إلى يساره.
ربع ساعة تحكي عن عمل متواصل بدأ التحضير له خلال العدوان، والعمل عليه منذ اليوم الأول لانتهائه.
لم يجد موظفو «جهاد البناء» مكاتبهم بعد أن دمّرت بناية روتكس في حارة حريك، فعملوا مع مئات المتطوّعين في مدرسة الإمام المهدي قرب السفارة الكويتية، ثم انتقلوا إلى سنتر الساحل، ومنذ ثمانية أشهر وهم يقيمون في شقة قرب بلدية الغبيري.
يبتسم المسؤول الإعلامي عادل الحاج حسين وهو يعتذر عن ضيق المكان الذي لا يتسع لعدد العاملين، كما لحجم ما تقوم به المؤسسة من أعمال «رغم ضيق المكان لم يؤثر الأمر على العمل، لأننا معتادون على التنقل الدائم في المناطق».
عمل جهاد البناء لا يقتصر على الترميم وإعادة الإعمار، رغم أنها انطلقت لهذه الغاية في عام 1985 لترمم آثار متفجرة بئر العبد، ثم آثار الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، وأبرزها عدوانا 1993 ونيسان 1996. لكن مع الوقت لحظت المؤسسة التي حصلت على علم وخبر في عام 1988 (تعديل في عام 1995) العمل التنموي فاتجهت إلى القيام بدورات تأهيل وتدريب على مهن حرفية، إضافة إلى إيلاء قسم كبير من الاهتمام للجانب الزراعي.
من هنا يأتي الحديث عن إنجاز ترميم الأقسام المشتركة (مصاعد، أدراج، واجهات...) لـ940 مبنى من أصل 945، كواحد من إنجازات كثيرة تلت العدوان الإسرائيلي الأخير: «الناس تحكي عن بدلات الإيواء والترميم، لكننا نفتخر أيضاً بدورات التوعية والمساعدات التي قدّمناها لمزارعين في القرى ضمن مشروع إغاثة المزارع».
تحصين للماعز في قرى العرقوبتحصين للماعز في قرى العرقوبشمل هذا المشروع مختلف المناطق اللبنانية، ولحظ توزيع أدوية للماشية وللنحل وحملات تلقيح، إضافة إلى دورات تأهيل وتوعية للمزارعين الذين يعانون مشكلات كثيرة، أبرزها الخوف من «المجازفة في التوجه نحو زراعات جديدة غير التي اعتادوا عليها».
أما أبرز المشاريع التي تفاخر المؤسسة بها فهي: مشروع زرع 5 ملايين شجرة خلال خمس سنوات في إطار برنامج لمكافحة التصحرّ الذي يهدد 60% من مساحة لبنان «لذلك بدأنا نشاطنا الأخير بزراعة الشجرة الرقم مليون و700 ألف». يذكر أن جهاد البناء، وعملها التنموي، كانت أدرجتها الولايات المتحدة الأميركية، في شباط 2007، على لائحة المنظمات الإرهابية، في خطوة عدّتها المؤسسة استمراراً لعدوان تموز.
تعليقات: