انخفاض أسعار المواد الغذائية: الأرقام والفوارق ورقابة الوزارة


ما إن تم الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة نجيب ميقاتي، حتى انخفض سعر صرف الدولار في السوق الموازية بشكل ملحوظ وسريع، فلامس 14 ألف ليرة، بعد أن استقر لفترة على سعر 20 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد. هذا الانخفاض لم ينعكس فوراً على أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية التي سرعان ما تقفز مع ارتفاع سعر الصرف.

فارق الستة آلاف ليرة في سعر الصرف لم يُترجم تماماً في الأسعار على نحو تلقائي. وعلى الأرجح، ليس من عادة التجار المبادرة إلى خفض الأسعار، وهم المسرعون إلى رفعها حين يجدون أدنى مبرر.

هذا هو التحدي الجديد الذي تواجهه وزارة الاقتصاد في الحكومة الجديدة، بالتوازي مع تداعيات رفع الدعم عن المحروقات، وبعد توجيهات صارمة أطلقتها لخفض أسعار السلع منذ أيام. فهل تنجح بضبط الأسعار والتجار؟


أبو حيدر: وفق سعر صرف 15 ألف ليرة

في هذا السياق، أكد مدير عام وزارة الاقتصاد، محمد أبو حيدر، في حديث مع "المدن" أنه "بعد الاجتماع الذي عقد مع وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، بحضور كل من نقابتي أصحاب السوبرماركت ومستوردي المواد الغذائية، تم الاتفاق على وضع آلية لخفض أسعار السلع بعد انخفاض سعر الصرف". وأعلن، عن "توزيع لائحة جديدة بأسعار السلع على السوبرماركت على سعر صرف دولار السوق الموازية بما يعادل 15 ألف ليرة".

وأشار إلى أن "السوبرماركت الكبيرة في لبنان - والذي يبلغ عددها حوالى 140- باشرت بتعديل أسعارها، وسيلاحظ المواطن الفرق فوراً".

وخلال جولته على المتاجر، اليوم الاثنين، أرسل أبو حيدر لـ"المدن" صوراً ولوائح جديدة توضح انخفاض أسعار السلع والمواد الغذائية، فعلى سبيل المثال: انخفض سعر كيلو السكر من 12950 إلى 8250 ليرة، أي بما يقارب 5 آلاف ليرة، أما الحليب - أحد السلع الأساسية - فانخفض نحو 20 ألف ليرة بزنة 750 غراماً، إذ كان 82 ألف ليرة لبنانية فأصبح 62500 ليرة. أما سعر الزيت فشهد انخفاضاً ملحوظاً بقيمة 55 ألفاً، فبعد أن سجل سعر 8 ليترات 295 ألف ليرة، أصبح بسعر 240 ألف ليرة لبنانية.

كما ناشد أبو حيدر "البلديات بتحمل مسؤولياتها ومراقبة "الدكاكين" الصغيرة، لأن عدد المراقبين في وزارة الاقتصاد لا يتعدى 70 مراقباً".


عيد: أسعار اللحوم انخفضت

من جهته، أوضح أمين سرّ نقابة القصّابين ومستوردي وتجار المواشي الحية، ماجد عيد لـ"المدن" أن أسعار اللحوم انخفضت مع انخفاض سعر الصرف، وبالتالي، تراجع سعر الكيلوغرام الواحد من لحم البقر المستورد وأصبح السعر بين مئة ألف ليرة و140 ألف ليرة لبنانية، بعد أن كان يتراوح بين 160 ألفاً و180 ألفاً، قبل انخفاض سعر الصرف. أمّا بالنسبة إلى لحم الغنم البلدي، فانخفض إلى 250 ألف ليرة لبنانية، بعد أن وصل إلى 320 ألف ليرة لبنانية.

كما شدد عيد على "ضرورة وعي المواطن، كي لا يتم استغلاله من قبل بعض التجار، إذ أن سعر كيلو اللحم البقر يتراوح بين 8 و9 دولارات".

ولفت عيد إلى أنه "في المرحلة المقبلة سنتعاون كنقابة مستوردين مع وزارة الاقتصاد لضبط الأسعار، خصوصاً أن الأسعار العالمية للحوم ترتفع بما يعادل 150 يورو للطن".


بحصلي: الشركات المستوردة عدلت لوائحها

بدوره، صرح نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني البحصلي لـ"المدن"، أنه "تم تعديل لوائح أسعار المستوردين مع انخفاض سعر الصرف، وتم اعتماد سعر وسطي وهو 15 ألف ليرة مقابل الدولار، وذلك قبل صدور بيان من وزارة الاقتصاد حول هذا السعر. وبالتالي، لا بد من ملاحظة المواطن لهذا الانخفاض".

ودعا "المحلات التجارية إلى الالتزام باللوائح، وعدم التأخر بخفض أسعارها تزامنا مع انخفاض سعر الصرف"، مشدداً على أهمية "التجاوب مع دعوة الوزير للتخفيف عن عاتق المواطن".

كما طالب البحصلي "بتثبيت سعر الصرف مقابل الدولار، فلا حل لأزمة انخفاض وارتفاع أسعار المواد الغذائية، إلا الثبات بسعر الدولار".


فهد: تأثير المازوت

وشرح نقيب أصحاب السوبرماركت نبيل فهد "أن الآلية المتبعة لخفض الأسعار ستبقى مستمرة مع الالتزام الكامل فيها، أي عندما تأتي أسعار السلع من الموردين إلى السوبرماركت مخفضة ستقوم الأخيرة بخفض أسعارها فوراً، إذ لا علاقة للسوبرماركت بتسعيرة الدولار، فنحن نعدل أسعارنا وفق لائحة تقدم لنا بالليرة اللبنانية".

كما أضاف "السوق الآن يشهد منافسة بين الشركات. وهذا عامل إضافي لانخفاض الأسعار. فمع انخفاض سعر الصرف، لاحظنا انخفاضاً لبعض الأصناف وصلت إلى 40% ومنها إلى 65%. وبالتالي، لا نؤيد الاتهامات العشوائية بأن الأسعار لا تُخفّض في المحلات التجارية الغذائية".

ولفت فهد إلى أن "أسعار بعض السلع قد لا تنخفض كثيراً، مع رفع الدعم عن مادة المازوت، التي تحتاجها بعض السلع المبردة مثلاً، إلا أنّ ذلك سيكون تأثيره أقلّ من ارتفاع سعر صرف الدولار. أيْ أنّ نسبة الارتفاع ستكون محدودة، وتطال أصنافاً أكثر من أصناف أخرى، لا سيّما البضائع التي تحتاج إلى تبريد".

مع تخبط سعر الصرف وعدم ثباته من جهة، ورفع الدعم عن المازوت وجشع بعض التجار الذين ينتهزون أقل الفرص لرفع أرباحهم من جهة أخرى، امتحان صعب أمام وزير الاقتصاد أمين سلام، الذي صارح المواطنين قبل عدة أيام بأن رفع الدعم عن المحروقات سيكون له تأثير سلبيّ على الأسعار.

أما الحَكَم النهائي، فهو المواطن اللبناني الذي سيواجه على الأرض مدى جدية القرارات التي اتخذتها وزارة الاقتصاد على عاتقها، كما مدى التزام المؤسسات بخفض الأسعار.

تعليقات: