مساعد مدير المخابرات: لا مخازن أسلحة جديدة ولا نشاط عسكرياً جنوبي الليطاني

مساعد مدير المخابرات يروي للمرّة الأولى تفاصيل من اجتماعات اللجنة الثلاثية

شحيتلي: لا مخازن أسلحة جديدة ولا نشاط عسكرياً جنوبي الليطاني.

«لا أرى حروباً في الجنوب بل حلولاً قادمة»، هكذا يقول منسّق الحكومة اللبنانية مع قوات الطوارئ الدولية في الجنوب ومساعد مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد عـــبد الرّحمن شحيتلي في أول حديث يدلي به للصحافة ويقــدّم فيه تفاصيل عـــن اجتماعات اللجنة الثلاثية العسكرية التي تضم ممثلين من الجيش الإســـرائيلي و«اليونيفيل» الى الوفد العسكري اللبناني الذي يرأسه شحيتلي.

قبل التحرير كان الجيش اللبناني موجوداً في منطقة شمالي الليطاني باستثناء منطقة واحدة كانت في عهدة قوى الأمن الدّاخلي معروفة تقع بين شقرا بير السلاسل وصفد البطيخ في شرق مدينة صور، وهي كانت سابقاً تحت الاحتلال الإسرائيلي وبعد انسحابه منها انتشرت قوات الطوارئ الدولية، وبعد إخلاء الأخيرة للمنطقة بقيت مع قوى الأمن من دون انتشار الجيش اللبناني. بعد التحرير صارت القوة الأمنية المشتركة بتصرّف وزير الداخلية، وهي عبارة عن قوى أمن داخلي وجيش تتمركز في ثكنتي مرجعيون وبنت جبيل. يشرح العميد عبد الرّحمن شحيتلي، الذي عمل في جنوب لبنان منذ عام 1991 وكان قائداً للواء الحادي عشر ثم مساعداً للقوة الأمنية المشتركة، بأنّ هذه «القوة كانت تقوم بمهمات الأمن الداخلي للحفاظ على الناس وممتلكاتهم، وكانت المقاومة موجودة وحصل تنـــسيق بينها وبــــين القوّة الأمنية في شكل أن تعمل المقاومة سرياً بلا ظهور مسلّح وألا تتدخّل في الشـــؤون المدنية للناس وأن تحصر عملها في الجهوزيّة لقتال إسرائيل».

يضيف العميد شحيـــتلي: «استمرّ الوضــــع على هذا المـــنوال لغاية حصــول اعتداء تمّوز وصدور القرار ,1701 عنــــدها صـــدر قرار بتشكيل لجنة عســـكرية للتنســــيق مع قــــوات الأمم المتـــحدة لكيفية الانتشار مع الجيش اللبناني بعد الانسحاب الإسرائيلي».

مهام اللجنة الثلاثية

عن كيفية عمل لجنة فكّ الاشتباك الثلاثية يقول بأنها بدأت أعمالها برئاسة قوات الطوارئ الدولية والعميد شحيتلي مترئساً خمسة ضباط لبنانيين، الى لجنة عسكرية من الجيش الإسرائيلي، «بدأنا الاجتماعات بعد صدور القرار ولاحظنا وجود مماطلة من قبل الإسرائيليين وكان لافتاً وضع طاولة مشتركة يجلس إليها كافّة أعضاء الوفود. رفض الوفد اللبناني ذلك لأننا في حالة حرب ولا يوجد حتى وقف للأعمال العدائية».

يتمّ الاجتماع عادة في مركز الأمم المتحدة في رأس الناقورة ويرفض الوفد العسكري اللبناني أي تخاطب مباشر مع الضباط الإسرائيليين ويتمّ ذلك عبر قائد قوات «اليونيفيل» الذي تتوسّط طاولته طاولتي الوفدين فاصلة بينهما.

يروي العميد شحيتلي: «بعد الاجتماعين الأوّلين لاحظنا أنّ الإسرائيليين بدأوا يماطلون في شأن الانسحاب وأنهم يرغبون في تقسيم المناطق الموجودين فيـــها الى بقع صغيرة، علماً بأن هذه المناطق لم تكن تتعدّى الجيوب الصــغيرة لكنّهم ارادوا من خلالها فرض شروط في المفاوضات. لذا عمدنا الى مقاطعة اجتماعات اللجنة وطالبنا بخـــطّة واضحة للانسحاب مع توقيت محدّد يبيّن تاريخ انسحاب آخــــر جنديّ إسرائيلي من الأراضي اللبنانية دون أيّة شروط بحســـب القرار الرقم .1701 بعد أن تمّ ذلك إستؤنفت الاجتمـــاعات».

تنعقد هذه الاجتماعات عند حصول خروقات كبرى للقرار 1701 بناء لطلب قائد قوات الطوارئ الدولية، وهو اليوم الجنرال الإيطالي كلاوديو غرازيانو، الذي يقرّر الاجتماع ويدعو إليه، وقد بلغ عدد هذه الاجتماعات 19 اجتماعاً لغاية اليوم.

أبرز القضايا التي تناولتها اللجنة الثلاثية يفصّلها العميد شحيتلي كالآتي: «في شأن منطقة الغجر قلنا للإسرائيليين بأننا نعطيهم فرصة لاتفاق أمنيّ مؤقت نحفظ فيه سلطة الدّولة اللبنانية وسيادتها على القسم اللبناني من الغجر على أن تتمّ الاستعانة بالأمم المتحدة بغية تنفيذ هذا الموضوع وأن يكون مؤقتاً الى حين إيجاد حلّ لسكّان هذه القرية المتواجدين في الشطر اللبناني فيها. حالياً تمّ الإتفاق على البنود كلّها باستثناء بند يحدّد مدّة الاتفاق، ونحن طلبنا أن تكون مدّة نهاية الاتفاق واضحة، في ما يريدون (الإسرائيليون) ترك الموضوع ملتبساً وهذا ما يعطّل الاتفاق لغاية اليوم». يتابع العميد شحيتلي شرحه لتفاصيل من عمل اللجنة الثلاثية: «اتفقنا على آلية التعاون مع «اليونيفيل» وعلى كيفيّة معالجة الخروقات للقرار 1701 مع «اليونيفيل» من قبل الجهتين، ثمّ انتقلنا بعدها الى موضوع إعادة ترسيم الخط الأزرق خط الانسحاب بناء على طلب «اليونيفيل» لكي نحدّ من الخروقات وذلك لأن الخطّ غير واضح المعالم على الأرض إذ أن حرب تموز في العام الفائت خرّبت معالمه التي كانت موجودة في عام ,2000 كما أن الخطّ لم يُرسم كاملا عام 2000 بل تمّ التأكّد من الانسحاب الإسرائيلي الى خلفه فحــــسب. هذا وتوجد تحفـــّظات على وجود هذا الخطّ في أماكن معينة من قبل الجانب اللبناني كما في العديسة وسهل الخيام ومروحين وأمــاكن أخرى».

التباسات بين الخط والحدود

يضيف العميد شحيتلي: «نحن نعتبر أنّ الانسحاب الإسرائيلي يجب أن يتمّ الى خارج الأراضي اللبنانية كافّة، كما أنّ الخطّ الأزرق في بعض الأماكن لا يتناسب مع الحدود اللبنانية ونحن نتحفّظ على الأماكن التي لا تتناسب بين مرور هذا الخط والحدود».

ماذا عن وضع خرائط جديدة للحدود؟ يوضح العميد شحيتلي: «إنها الخرائط ذاتها لكن يتمّ الاتفاق على كيفيّة استخراج النقاط من هذا الخط وكيفية تحديد هذه النقاط بعلامات ظاهرة على الأرض، كذلك تمكّنا من إظهار حقّنا عبر إظهار العلامات بالدقّة القصوى ودعمنا بذلك موقف الأمم المتّحدة الذي كان منصفاً بحقنا في هذا الموضوع».

لماذا لم يحدّد هذا الخط بدقة منذ عام 2000؟ يجيب العميد شحيتلي: «لأنّ العمل كان سريعا وكانت الأمم المتّحدة تريد التأكّد مع الجانب اللبناني من خروج الجيش الإسرائيلي وتمّ وضع نقاط لكنّها كانت غير كافية لأنّ الخطّ متعرّج في كثير من الأماكن ويحتاج الى نقاط أكثر لإظهاره، كما أن حرب تموز أزالت بعض العلامات نتيجة الأعمال العسكرية». وعن كيفية العمل على هذه الخرائط في حين يجلس كل طرف الى طاولة مستقلّة يقول: «زوّدتنا الأمم المتّحدة بذات الخطّ الرقمي الموجود على شريط ممغنط، وهو ذاته أعطي لنا عام 2000 لاستخراج النقاط منه. وقد لاحظنا بأن الإسرائيليين وضعوا السياج التقني جنوبي الخط الأزرق بغية خلق منطقة عازلة بين هذا السياج وبين الخط الأزرق كي يتمكنوا من الخروج من السياج التقني على راحتهم». يشرح العميد شحيتلي: «الخطّ الأزرق هو خط انسحاب وليس خطّ حدود كما تعتبر الأمم المتحدة، لكننا من جهتنا نرى بأن مصلحتنا تقضي بأن يكون الخطّ الأزرق متوافقاً تماماً مع الحدود وأحياناً لا يحدث ذلك بل تصل نسبة توافقه الى 85 في المئة مما يجعلنا نتحفّظ عليه في بعض الأماكن إذ لا يكون مطابقا للحدود». حلّت هذه المشكلة بعد اجتماعات عدّة وسيبدأ العمل عنـــد توقيع الوفد الإسرائيلي على هذا الحل الذي وقّعه الطرف اللبناني أما الحل فكــــان «في وضع العــــلامات بعد أن يتمّ الاتفاق عليها بين الأطراف الثلاثة، وهذه العلامات ستـــكون عبارة عن براميل زرقاء يدوّن عليـــها بأنها خط الانسحاب».

بين «اليونيفيل» والمقاومة

بالنسبة الى العلاقة مع «اليونيفيل» يقول العميد شحيتلي: «ثمّة جهاز ارتباط مع «اليونيفيل» يتولّى عملية التنسيق اليومي والخروقات اليومية على الخطّ الأزرق أو جنوبي الليطاني، وثمّة اتفاقية مع الأمم المتّحدة ترعى كيفية التعاون والارتباط مع قوات الطوارئ». حصلت بعض التداخلات في الصلاحيات عند قدوم الأفواج الجديدة من قوات الطوارئ «وكان الأمر طبيعيا لأنّ انتشار عدد كبير من الجيش يؤدّي الى سوء تفاهم سواء في حركة الآليات أو في سلوك العناصر، لكن ما لبث ان تم حلّها بسرعة، وقد استمعت «اليونيفيل» لشكاوى الناس وما يزعجها وقد بذلت جهدها من أجل ذلك». انزعاج أهالي بعض القرى من عمليات التصوير التي تتم لم تغب عن الجيش: «نحن أفهمنا قيادة «اليونيفيل» عبر جهاز الارتباط بأن الموضوع مزعج للأهالي وهي وعدت بحل وبالمحافظة على خصوصية السكّان وعدم إزعاجهم خلال تحركاتهم». يضــــيف: «لاحـــظنا خلال تعاوننا مع «اليونيفيل» وخصــوصا في الاجتماعات الثـــلاثية أنهم كانوا كما سبق وطلبنا منهم حكماً محايداً وتبيّن أنه عندما نظــهر حقّنا ونتمسّك به كانوا يساندوننا فيضطر الطرف الآخر الى للقبول».

يعتبر العميد شحيتلي أنّ أهالي الجنوب لم يكونوا يوما ضدّ الجيش اللبناني «الذي لم يشعر يوما أنه يوجد مكان في الجنوب غير مرحّب به فيه»، أضاف: «إنّ أهل الجنوب بانتماءاتهم السياسية كلّها ومهما اختلفوا فإنهم يتفقون على دعم الجيش اللبناني، الـــقرى كلّها مع الجيش أما المقاومة فهذا جمـــهورها في الجنوب وبالــــتالي هذه هي قراهم ومنازلهم وهـــم الســكان ونحن نتــــعامل معهم كما مع سكان أي قرية على الأراضي اللبنانية ونحن مسؤولون عن حمايتهم وهؤلاء ناس ليس لديهم اية نشــــاطات مسلّحة أو تخرق القرار 1701». عن مخازن الأسلحة التي تكتشف بين الحــــين والآخر وآخرها (في 16 الجـــاري) في أحراج مزرعة شانوح الى الغرب من بلـــدة كفرشـــوبا يقول: «إنهاّ مراكز المقاومة القــــديمة قبل اعتداء تموز وبعض الدوريـــات تعثر أحيانا على أسلحة إما مقصوفة أو معـــطّلة أو صالحة وهي من بــــقايا الحرب فتسلّم الى الجيش اللبناني الذي يصــــادرها، لكـــن لا توجد مخازن أسلحة جديدة ولا يوجد أي نشــــاط عسكري في منـطقة جنوبي الليطاني بحسب المعلومات التي لدينا».

في مقابلة «السفير» أبـــدى مسؤول «حزب الله» في الجنوب الشيخ نبيل قاووق استعداد المقاومة الدائم للدفاع عن الأرض قائلا إنها لا تحتاج استئذان أحد، يعلّق العميد شحيتلي: «الأمر سيـــّان في شمالي إسرائيل حيث القـــرى في المســـتوطنات مجهّزة بالســـلاح لدعم الجيش الإسرائيلي عند أيّة مواجهة، نحـــن لم نجهّز شعـــبنا في الجنوب بالأسلحة وإنما ننتظر منه دوما أن يقـــف الى جانبنا عند أية مواجهة مع إسرائيل في حال الإعتداء علينا».

أمن الجنوب للجيش

في تقييمه لعمل «اليونيفيل» في الجنوب يقول العــــميد شحيتلي: «طالما قلت في الاجتماعات الثلاثية أن لا أحد يحـــفظ الأمن جنــــوباً إلا الجيش اللبناني وليس «اليونيــــفيل» ولا إسرائيل أيضاً لا أحد يقوم بذلك إلا الجـــيش اللبناني أما السبب فيكمن أنه من المـــمكن إيجاد بعض الناس لمســــاعدة «اليونيفــــيل» ويمكن أن ينوجد عدد قــليل للتعاون مــــع إسرائيل إنما شعب الجنوب كلّه يقف الى جانب الجيش اللبناني في مهمته، فهو وحده يحفظ الأمن ليـــس من أجـل أحد إلا لبـــنان وأهل الجنوب وليس إرضاء لـ«اليونيفيل» أو لإسرائيل».

يضيف: «الجـــيش اللبناني مهمته الأساسية هي الدفاع عن الحدود الجنوبية بالتعاون مع «اليونيفيل» وحفظ الأمن في منطقة جنوبي الليطاني وهو يقوم بمهمته مهما كان الثمن، وعندما بحثت معنا الأمم المتحدة في الاجتماع الثلاثي في عملية فتح النار في مارون الراس على الجــــيش الإسرائيلي عبّر ممثلو هؤلاء بأن جيشهم لم يتوقع أن يفتح الجيش اللبناني عليه النار طالبا أن تكون المرّة الأخيرة. لكننا أبلغناهم أنه في كلّ مرة سيحاول جيـــشهم الدخول الى الأراضي اللبنانية سوف نفتـــح عليه النار مهما كان الثـــمن رغم طـــائراته ودباباته فلن نسمح له بخرق الأراضي اللبنانية وسنصدّه، وهذه هي أوامر قائد الجيش للقوى الموجودة على طول الحدود».

تعليقات: