رحيل عبّاس مظلوم سلّط الضوء على جرحى انفجار المرفأ

ضحية انفجار مرفأ بيروت الراحل عبّاس مظلوم (حسام شبارو)
ضحية انفجار مرفأ بيروت الراحل عبّاس مظلوم (حسام شبارو)


سنة وثلاثة أشهر من القهر والألم والمعاناة، هو الذي كان يعمل كلّ ما في وسعه لتأمين ما تحتاجه عائلته، وإذا فجأه يقعده انفجار المرفأ بعدما أصابت شظاياه عموده الفقريّ، ليجد نفسه عاجزاً عن إعالة أولاده الخمسة، لا بل أبسط الأشياء، لم يعد قادراً على القيام بها، إذ أصبح يحتاج إلى من يعينه في كلّ تحرّكاته... هو عبّاس مظلوم الذي أطبق اليوم عينيه إلى الأبد لينضمّ إلى ضحايا انفجار قتلوا مرّات عدّة على "يد" دولتهم.


مات "قهراً"

عبّاس كان يعمل في مطعم في الجمّيزة حين دوّى الانفجار الكارثيّ، لتتغيّر حياته ويبدأ رحلة العلاج التي لا أمل منها في معاودة سيره، خضع كما قال ابن عمه علي لـ"النهار"، لعمليات جراحية عدّة، كان آخرها قبل فترة قصيرة، ليخرج بعدها من المستشفى ويعود إلى منزله حبيساً بين سريره وكرسيه المتحرّك، وعلى الرغم من أن وضعه الصحّي لم ينذر بقرب رحيله، صدمنا صباح اليوم بإطباق عينيه إلى الأبد عند الساعة السادسة".

هو القهر الذي لم يعد يتحمّله قلب عبّاس، فتوقّف عن الخفقان ليفارق الحياة تاركاً خمسة أولاد أكبرهم يبلغ من العمر ثماني سنوات، كانوا همّه الوحيد، وإذ بهم يحرمون من سندهم في دولة لا تبالي لا بالشهداء ولا بالجرحى.

رحل عباس من دون أن تلتفت دولته إليه، على الرغم من أنّه أحد ضحاياها، كان يتعالج كما قال علي على حسابه، مشدّداً "لم تتكفّل الدولة بقرش واحد، وآخر عملية أجراها كلّفته 4500 دولار، فحتّى الضمان توقّف عن تغطية تكاليف علاجه".


"نُقتل كلّ يوم"

سلّط رحيل مظلوم الضوء من جديد على معاناة جرحى انفجار المرفأ، منهم ابن برجا محمد الدقدوقي، الذي تركت النكبة بصماتها في عينه اليسرى وساقه اليمنى اللتين فقدهما، وعطّلت حركة يده اليمنى، عدا عن الندوب في مختلف أنحاء جسده ورأسه، هو الذي كان في وظيفته حيث يعمل سائق شاحنة في المرفأ حين دوّت "الكارثة".


لم تشارك الدولة في علاج ابن بلدة برجا الوالد لـ3 أبناء كما قال لـ"النهار" شارحاً "لولا وقوف بعض الجمعيات الى جانبي وتركيب ساق لي لما علمت بما كنت سأفعل، وقبل فترة خضعت لعملية جراحية في عيني التي ما زلت لا أبصر فيها، حيث تكبّدت فرق الضمان 7 ملايين ليرة من دون أن تفكر وزارة الصحة في مساعدتي ومتابعة حالتي، الآن أحتاج إلى علاج فيزيائي، أيّ دولة هذه التي تقتل شعبها يوميّاً، الأولى بتفجيره وبعدها برفض معالجته"، مشدّداً: "بسبب دولتي أصبحت أعاني من اعاقة دائمة، وبدلاً من أن تخصّص راتباً شهريّاً لي لكي أتمكّن من تأمين حاجات ابنائي، لأن ليس باستطاعتي العمل، يتعامل المسؤولون وكأنّ لا جرحى سقطوا نتيجة تورّطهم أو تقصيرهم في هذه الفاجعة".


الوجع كبير

منذ الانفجار لا تزال الشابة لارا حايك (43 سنة) في غيبوبة على سرير المستشفى، هي الأخرى لم تلتفت دولتها إليها، ولم تتكفّل بعلاجها سوى لشهرين عندما كانت كما قالت والدتها نجوى لـ"النهار"، "في مستشفى الجامعة الأميركية قبل أن يتمّ نقلها إلى مستشفى بحنّس، حيث غطّى الضمان الاجتماعيّ، الذي تستفيد منه لارا نتيجة عملها في شركة، التكاليف مدّة سنة، لنبدأ التفكير بكيفية تأمين المال لعلاجها" مصدر خاص أخذ الأمر على عاتقه مدّة ستة أشهر، لكن ماذا بعد ذلك؟ عن ذلك علّقت والدتها بغصّة "نعيش كلّ يوم بيومه، تعبت جدّاً من التفكير، وما يحزنني أكثر أن وضع ابنتي الصحّي يتراجع، الألم كبير ولا دولة تسأل".



تعليقات: