فضيحتان بجدول أعمال مجلس النواب: إنهم لا يتوقفون فساداً


لم يردع الانهيار المالي الحاصل في لبنان، وزيادة نسب الفقر والعوز بين اللبنانيين، نوابَ الأمة من الإمعان في أساليب الهدر والفساد، التي يمتهنونها في تشريعاتهم وممارساتهم وحتى سياساتهم العامة، والتي أوصلت البلد بشكل أو بآخر إلى واقعه الكارثي الراهن. فجلستهم التشريعية التي عقدت اليوم وانتهت برفعها قبل إقرار كافة المواد المدرجة على جدول أعمالها، ثمة بنود فيها ترقى إلى مستوى الفضيحة، تستهدف تعديل مواد قانونية أتت في صلب موازنات عامة للسنوات 2019 و2020.

بنود اقتصادية ومالية

شمل جدول أعمال جلسة مجلس النواب التي عقدت اليوم، نحو 20 بنداً يتناول الشأن الاقتصادي والمالي، من أصل 35 بنداً، لم يمر بينها بند إصلاحي واحد. ومن بين البنود المدرجة، البند رقم 3، ويتضمن مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 6631 والمتعلق بمساعدة المؤسسات السياحية المرخصة في تخطي الأزمة الاقتصادية. اختار مجلس النواب دعم المؤسسات السياحية في مواجهة الأزمة في حين أن كافة القطاعات الإنتاجية التي تطال لقمة المواطن بشكل مباشر، لاسيما منها القطاعين الصناعي والزراعي، تواجه الأزمة بصعوبة بالغة ما ينعكس ضغوطاً إضافية على المستهلك اللبناني، فلم تحظ بأي دعم أو مساعدة.

شملت سلة جدول الأعمال بنوداً ونفقات كالبند الخامس، ويتضمن فتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة لعام 2021 في باب احتياطي الموازنة، أي احتياطي النفقات الطارئة والاستثنائية، قدره 1200 مليار ليرة، إضافة إلى البند رقم 6 ويقضي بطلب الموافقة على إبرام اتفاق بيع مادة زيت الوقود بين الحكومة العراقية ولبنان.

كما أدرجت بنوداً تثبت سطحية التعاطي مع الملفات الاقتصادية والمالية، ومنها مسألة السوق السوداء إن للدولار أو المواد الاستهلاكية أو حتى الدواء. ومن بين البنود، اقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى مكافحة المضاربات غير المشروعة وجرائم الاحتكار وتشديد العقوبة عليها.

ولم يتم البت باقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى إلزام المصارف العاملة في لبنان بتحويل مبلغ 10 آلاف دولار أميركي وفق سعر الصرف الرسمي للدولار، عن العام الدارسي 2021 - 2022 للطلاب الجامعيين الذين يدرسون في الخارج، وكذلك للطلاب اللبنانيين الجامعيين الذين يدرسون في الخارج قبل عام 2020.

أما اقتراح القانون الذي يرمي إلى إلغاء الرسم السنوي المقطوع، المنصوص عليه في المادة 29 من القانون رقم 173 تاريخ 14/2/2000 (الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2000)، فيعود إلى العام 2000 حين أقرته الحكومة ولم يُنفذ، ويقضي بفرض رسم مقطوع على كل المكلفين بضريبة الدخل باستثناء الموظفين، أي الاعمال التجارية والصناعية وغيرها. والمطلوب اليوم بهذا لاقتراح إلغاء هذه المادة. وهو أمر غير مستغرب في ظل الوضع الاقتصادي الرديء. فتطبيق هكذا بند لم يعد يجدي.

فضيحتان جديدتان

فضيحتان وردتا في جدول أعمال مجلس النواب اليوم. تتعلق الأولى باقتراح قانون يرمي إلى تعديل نص المادة 80 من القانون رقم 144 (قانون موازنة عام 2019) الصادر بتاريخ 31/7/2019، فما هي المادة 80 المُراد تعديلها؟

تتعلق المادة 80 من موازنة العام 2019 بوقف التوظيفات في القطاع العام، لاسيما بعد فضيحة توظيف أكثر من 5000 موظف من المحسوبيات السياسية قبل انتخابات العام 2018، وتضمنت هذه المادة حين أقرت في موازنة 2019 بالإضافة إلى وقف التوظيف، ضرورة إعادة هيكلة القطاع العام المتخم بالموظفين في بعض إداراته، في مقابل نقص بالكوادر البشرية في إدارات أخرى. وبدلاً من إجراء هيكلة للقطاع العام وإعادة توزيع طاقاته البشرية ووقف التوظيف فيه في إطار المحاصصات والزبائنية والتقسيم الطائفي، عمد أحد النواب وهو ميشال ضاهر، إلى التقدم باقتراح قانون يقضي بتعديل المادة 80 لاستثناء المؤسسات العامة والبلديات، ومنها بلدية بيروت ومراكز المحافظات من قرار وقف التوظيف. وذلك بهدف استئناف التوظيفات عشية الانتخابات.

أما الفضيحة الثانية، فتتعلق باقتراح قانون يرمي إلى تعديل المادة (36) من القانون النافذ حكماً رقم 6 تاريخ 5/3/2020 (قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2020)، وتتعلق هذه المادة بشركتي الخلوي. فهي تفرض على كل شركة تحويل إيراداتها اسبوعياً إلى خزينة الدولة قبل إعادة تحويل حاجتها من النفقات. بمعنى أن هذه المادة تلزم شركات الخلوي بتحويل الإيرادات الناتجة عن خدمات الاتصالات المحصّلة إلى حساب الخزينة لدى مصرف لبنان، مقابل تحويل الخزينة المبالغ المطلوبة لصالح تلك الشركات من نفقات مختلفة. وقد أقرت هذه المادة من قبل الحكومة السابقة، باقتراح من وزير الاتصالات السابق طلال حواط، بهدف ضبط الهدر والفساد في موازنات الخليوي.

ما حصل أن جدول أعمال مجلس النواب اليوم أدرج بنداً يطالب بتعديل المادة 36، بهدف العودة إلى الآلية السابقة للإنفاق في شركتي الخليوي، ويطالب عدد من النواب المتقدمين باقتراح القانون بإعطاء حق الإنفاق لشركتي الخليوي في حال موافقة وزير الاتصالات على موازناتها، على أن تقوم كل شركة بتحويل الأموال شهرياً (حصيلة الشهر السابق) إلى خزينة الدولة. وحسب مصدر من لجنة المال، فقد جرى سجال في لجنة المال والموازنة حول هذه المادة، وتم اقتراح أن يُضاف إلى موافقة وزير الاتصالات موافقة وزير المال كشرط لإنفاق شركتي الخليوي. الأمر الذي يجعل من أموال شركتي الخليوي عرضة للتطاول ليس من قبل الشركتين ووزارة الاتصالات فقط بل من قبل وزارة المال إيضاً، ويقول: بتعديل المادة 36 يعود قطاع الخليوي إلى فوضى الإنفاق الذي كان عليه سابقاً. وبدلاً من أن يستفيد من الفوضى فريق واحد ستصبح الاستفادة مقسومة إلى فريقين... ولا يستحون.

تعليقات: