مزارعو التبغ يرفضون تسليم محاصيلهم: شتلة الصمود بأبخس الأثمان

أسعار هذا الموسم بين 35 و50 ألف ليرة للكيلو الواحد (المدن)
أسعار هذا الموسم بين 35 و50 ألف ليرة للكيلو الواحد (المدن)


تناوب مزارعو تبغ من زبقين وجبال البطم وصديقين ودير قانون رأس العين، على جر طرود تبغ كانت أُدخلت للتو إلى مركز "العاصي" بين كفرا وصديقين، بعدما حسموا أمرهم في رفض تسليم محصولهم، وإقناع زملاء لهم بهذا القرار، احتجاجاً منهم على الأسعار الزهيدة جداً بنظرهم، لسعر كيلو التبغ الوسطي، الذي لم يتخط 45 ألف ليرة لبنانية، وهو سعر لا يغطي نصف كلفة الانتاج، المقدر بـ5,4 ملايين كيلوغرام في الجنوب، والذي انخفض أكثر من ثلاثين بالمئة، حسب عدد كبير من المزارعين، الذين عزفوا عن زراعة حقولهم.

استحقاق خطير

قرار رفض التسليم، انتقل إلى سائر المراكز المعتمدة من قبل إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية "الريجي" في كل من كفرمان، الصوانة، الضهيرة، مرجعيون، عيترون وميس الجبل، وهي تعد واحدة من كبرى البلدات، التي تزرع التبغ تاريخياً إلى جانب عيترون ورميش وعيتا الشعب وصديقين والطيبة ومروحين، وأكثر من 180 بلدة وقرية أخرى على امتداد الجنوب، حيث يعمل في هذه الزراعة الموسمية ما يقارب خمسة عشرة ألف عائلة، يعتمد في معظمها على إنتاج التبغ، الذي مر بمراحل ذهبية على مدى العقود الثلاثة الماضية، قبل ابتداء تدهور الوضع الاقتصادي العام 2019.

تدني الأسعار لهذا العام، قياساً بحجم التكاليف الباهظة لزراعة التبغ، وارتفاع أكلاف المعيشة، يضع هذه الزراعة التي يباع إنتاجها إلى إدارة الريجي منذ العام 1935، أمام استحقاق بالغ الخطورة. وينذر بتوقف المزارعين إلى حد كبير عن الاستمرار في هذه الزراعة "المرّة".

وكان سبق قرار العدد الأكبر من المزارعين عدم تسليم محصولهم بناء لـ"بريم" الأسعار الذي وصل إليهم قبل انطلاق عملية التسليم، رفضهم تسلم بطاقة النقليات، التي تخولهم نقل طرود التبغ من بلداتهم وقراهم إلى مراكز التسليم المعتمدة والموزعة على الأقضية.

دولاران فقط

ويحمّل هؤلاء إدارة الريجي ونقابتهم مسؤولية الاتفاق الذي جرى على "بريم" الأسعار مع وزارة المالية. وهو لا يتناسب برأيهم مع الحد الأدنى لتكلفة زراعة التبغ، مؤكدين بأن سقف إنتاج التبغ في الجنوب هو خمسة ملايين كيلوغرام، إلا أن انتاج الموسم الحالي، بعد عزوف مزارعين عن الزراعة للأسباب نفسها، قد انخفض بنسبة كبيرة. وبالتالي، فأنه يمكن رفع الأسعار إلى مئة ألف ليرة للكيلو الواحد على الأقل، خصوصاً وأنه سيحصل فائض من الأموال المرصودة أصلاً للخمسة ملايين كيلوغرام.

المزارع أسعد عبد النبي بزيع، الذي كان منهمكاً بمساعدة زملاء له في إعادة طرود التبغ، كان جرى إحضارها من بعض القرى، قال لـ"المدن": "أتينا لتسليم التبغ اليوم، وتفاجأنا بأن سعر الكيلو يساوي دولارين فقط، فيما تباع علبة السجائر الوطنية "سيدرز" بعشرة آلاف ليرة. وكما تعلمون، هذه الزراعة هي الوحيدة الملتصقة بالدولة، ويُسلم إنتاجها إلى إدارة الريجي، وهي شركة احتكارية بطبيعة الحال. ويحق لها رفع أسعار السجائر، فيما نحن لا يحق لنا أن نستفيد من تعبنا".

وأضاف بزيع: "شتلة الصمود التي يتغنون بها، بحاجة إلى مقومات لاستمرار المزارعين في هذه الزراعة. وبالتالي، فإن المزارعين باتوا غير قادرين على مواصلة زراعة حقولهم بالتبغ، بعد ارتفاع حراثة الدونم من خمسين إلى ثلاثمئة ألف ليرة تقريباً، وأجرة العامل ارتفعت من 30 ألفاً إلى أكثر من مئة ألف ليرة، والسماد والخيش والخيطان والبذار وسواها، التي يشتريها المزارع على أساس سعر صرف الدولار في السوق السوداء". مشيراً إلى أن "سعر المئة ألف ليرة للكيلو الواحد الذي نطالب به، هو سعر غير عادل أيضاً".

النقابة ووزارة المالية

من ناحيته، رئيس نقابة مزارعي التبغ، حسن فقيه، أوضح لـ"المدن": "المزارعون يعيشون في ظروف صعبة، ويدفعون تكاليف باهظة لإنتاج محاصيلهم من التبغ. وأقمنا منذ أسابيع سلسلة من اللقاءات مع المزارعين، وأطّلعنا على الوضع منهم، فيما كنا في الوقت عينه نتابع مع المسؤولين والراعين لهذه الزراعة، إضافة إلى التشاور اليومي مع إدارة الريجي. ومن الواضح أن أسعار الموسم الماضي وهذا الموسم لم تعد ملائمة، خلافاً للمواسم السابقة، خصوصاً وأن معاناة المزارعين تتخطى ذلك، إلى حرمانهم من الضمانات الصحية والاجتماعية".

وأضاف فقيه: "أسعار هذا الموسم بين 35 و50 ألف ليرة. وهي أسعار غير غير عادلة. وتفاوضنا مع إدارة الريجي التي راسلت وزارة المالية، وكان مدير عام الريجي ناصيف سقلاوي كان أكثر من متجاوب. ولكن المشكلة عندما كنا نفاوض المالية كان سعر الدولار بـ13 ألف ليرة، أما اليوم فيتعدى العشرين ألفاً. وبرأيي، إذا حصل المزارع على مئة ألف فهو قليل أيضاً".

تعليقات: