قاووق: نعطي الفرصة للدولة لتجربة ما بعد القرار 1701

يعتبر مسؤول «حزب الله» في الجنوب الشيخ نبيل قاووق أنه بعد 7 أعوام على التحرير، «الذي شكّل مصدر قوة للبنانيين وللعرب في مواجهة إسرائيل»، حققت المقاومة في الحرب الأخيرة نصراً جديداً «من خلال المحافظة على التحرير الذي تحقق عام 2000 خلافاً لإرادة المجتمع الدّولي».

هذه المعادلة التي ينطلق منها الشيخ قاووق تقابلها وجهة نظر لبنانية أخرى تعتبر بأن النصر الأخير، إن تحقق، كان لـ«حزب الله» وليس للشعب اللبناني بأكمله، يجيب الشيخ قاووق: «تمكّن الشعب اللبناني أخيرا من أن يحقق معادلة طالما كانت من المستحيلات. شكّل لبنان دوما ساحة مستباحة لإسرائيل فتمكنت المقاومة من توفير المعادلة التي تردعها من تحويل البلد الى حديقة خلفيّة لجيشها».

يشرح مستعيداً تاريخ الجنوب: «منذ عام 1948 وأهل الجنوب عرضة للاعتداءات الإسرائيلية وليس أمامهم إلا شكوى الدولة اللبنانية الى مجلس الأمن الدولي، لكن من خلال المقاومة حقق أهلنا الثقة بالوطن القوي والقادر الذي حاز على إعجاب العالم».

«لن نطلب إذناً للمقاومة»

الخروقات الإسرائيلية الجوية وعمليات اختطاف المواطنين، وآخرها الأسبوع الماضي اختطاف المواطن من شبعا ثم إعادته، تشير الى ان الردع ليس ناجزا، يجيب قاووق: «إن تصاعد وتيرة الاستفزازات والخروقات الإسرائيلية هو دليل إضافي على نوايا إسرائيل العدوانية وهي توضع برسم المجتمع الدولي والقرارات التي عجزت عن وقف الخروقات الإسرائيلية ومن انتزاع وقف إطلاق النار تطبيقاً للقرار الدولي الرقم .1701 من هنا إن المقاومة معنية بالدفاع عن شعبها وهي لا تزال تعطي الفرصة للدولة لتجربة ما بعد القرار 1701 لكن هل بدلت المقاومة أولوياتها؟ رغم التجاذبات الداخلية لا تزال أولوية «حزب الله» هي استكمال تحرير الأرض واستعادة الأسرى والدفاع عن لبنان إزاء أي عدوان إسرائيلي».

وهل المقاومة مقتنعة تماماً بالقرار 1701 أم أنها قبلته على مضض لتحاول نسفه من الداخل؟ يجيب: «إن القرار 1701 يتحدّث عن حصر السلاح بالجيش اللبناني وما توافق عليه الحكومة اللبنانية، البيان الوزاري ينصّ على شرعية سلاح المقاومة التي تقوم بواجب وطني عندما تواجه عدواناً وهي لا تطلب عندها موافقة أحد».

لكنّ الجيش اللبناني موجود على الحدود والدفاع عنها هي مهمته أليس كذلك؟ يجيب: «لم تخرج المقاومة من الجنوب لتعود إليه وهي قادرة على ان تقوم بواجبها الى جانب الجيش عندما يكون هنالك داع لذلك».

كيف؟ «عندما يتعرض الجنوب الى عدوان فمن واجب المقاومة الدفاع». الى اي مدى قيّد القرار 1701 حركة المقاومة؟ يبتسم الشيخ قاووق ويردّ: «قبل عدوان تموز 2006 كانت المقاومة موجودة في مختلف القرى من دون مظاهر مسلّحة وتواجدها له طابع سرّي، وهذا عنصر أساسي في قوّتها، وهذا ما هي عليه المقاومة حالياً. بعد التحرير عام 2000 كانت القوى الأمنية اللبنانية متواجدة في مختلف القرى الحدودية بمشاركة الجيش اللبناني وكانت تقوم بمهامها في حفظ الأمن وفي بسط سلطة الدولة وليس صحيحاً أن المناطق الحدودية كانت خارج سلطة الدولة من جيش وقوى أمن داخلي حيث كانا في ثكنة مرجعيون كما في ثكنة صور وسواها من المراكز العسكرية جنوب الليطاني، وبالتالي لم يتبدّل شيء و«حزب الله» لم تكن لديه يوماً سلطة بديلة عن الدّولة وهذا ما هو عليه اليوم». يضيف: «إن المقاومة التي تمتلك قدرة عالية على التكيف مع مختلف الظروف والمتغيرات، وقد نجحت وبامتياز في أن تكيّف تواجدها مع المستجدات السياسية والأمنية مما منحها مزيداً من القوة».

السلاح

ماذا عن مخزن الأسلحة الذي اكتشفته القوى الإسبانية العاملة في إطار قوات الطوارئ الدولية بالتعاون مع الجيش في أحراج مزرعة شانوح الى الغرب من بلدة كفرشوبا؟ يقول: «بين الحين والآخر يكون اكتشاف لقنابل عنقودية ألقتها إسرائيل أو مخلفات الحرب من قذائف وصواريخ مختلفة تركت في ساحة المعركة وليس أكثر. أغلب ما يعثر عليه هو بقايا أسلحة استخدمت في الحرب». العلاقة بين «حزب الله» و«اليونيفيل» «تتسم بالإيجابية وبالتواصل المباشر مع قيادتها في حال حدوث أي خلل ميداني».

يتابع: «سعى بعض أركان قوى 14 شباط (يقصد قوى الأكثرية في 14 آذار) الى استدراج «اليونيفيل» الى الأزمة الداخلية اللبنانية في محاولة للاستقواء بهم وقد باءت بالفشل. يهمنا أن تبقى قوات «اليونيفيل» ملتزمة بمهامها في مجلس الأمن الدولي وألا تتورّط في الأزمة الداخلية لأننا لا نريد لها أن تكون مع الموالاة ولا مع المعارضة. ومن الأمور التي تيقّظ لها قادة «اليونيفيل» الحديث المسموم لسمير جعجع (رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية) الذي حذّر من استهدافها ومن عرقلة مهامها، متنبئا أنها قد تبدأ بخلافات بين «اليونيفيل» والسكان، واتضح لاحقاً أن الخلفيات من هذه التحذيرات كانت محاولة لاستدراج «اليونيفيل» الى تفاصيل التجاذبات السياسية الداخلية». أما عن خروقات بعض الوحدات مثل التقاط صور للمنازل والطرقات «فإن حلَّ ذلك يتم بين البلديات وقيادة الطوارئ ولا مشاكل لغاية اليوم لم تتمّ معالجتها».

ملابسات التعويضات

شرح قاووق في حديثه الى «السفير» الملابسات الحاصلة لدى بعض المواطنين المتضررين جرّاء الحرب في شأن التعويضات وبدلات الإيواء التي قدّمها الحزب «لم ينتظر «حزب الله» الفريق الحاكم الذي كان يستغلّ أوجاع الجنوبيين ويعمل على استثمارها لتحقيق مكاسب على حساب مصالح لبنان واللبنانيين. كان المشروع الأول هو مشروع الإيواء الذي أنجز بالكامل وطال جميع أصحاب المنازل المهدّمة باستثناء تلك التي تشغل صيفاً، وقد طاول القرى المسيحية والسنية والدرزية والشيعية على حدّ سواء. المشروع الثاني هو مشروع تعويضات الترميم وشارف على نهايته. أما المشروع الثالث فيتمثل في تقديم المساعدة وليس في التعويض عن الأضرار في المؤسسات التجارية والصناعية وهو عبارة عن هدية. و«حزب الله» بالتعاون مع الهيئة الإيرانية يقدّم مساعدات لأصحاب الآليات المنتجة التي تضررت، كما سيتم تقديم مساعدات لأصحاب المواشي، وفي مرحلة لاحقة لأصحاب البساتين المتضررة، الى مساعدات مالية لقاء الأضرار الزراعية».

عن شكاوى بعض المواطنين من تفاوت في المبالغ المدفوعة بسبب الوساطات يقول: «هنالك باب للمراجعات. سيعاد التدقيق في بعض الحالات من قبل اللجان الفنية. نحن أعطينا ترميماً كاملاً وما يعطيه مجلس الجنوب هو إضافة. وأشير الى أن الدولة لا تدفع من موازنتها إنما من الهبات التي قدّمت للمتضررين، والمطلوب ألا تأسر الدولة هذه الهبات».

هل يتوقــــع تصعيداً في الجنوب هذا الصيف؟ يجيب الشيخ قاووق: «أضحت المقاومة أقوى مما كانت علــيه قبلاً والعدو أضعف مما كان عليه وهذا ما يسهم في تراجع احتمالات الحرب. جيش إسرائيل يتخبّط ولم يخرج من صــــدمة الهزيمة بعد وبالتالي فهو لم يستعد جهوزيته للحرب، وكلّما كانت المقاومة أقوى كلّما انكــــفأ العدوّ أكثر. يهمنا أن يبقى العدو في حالة قلق وأن لا تكشف المقاومة عناصر قوّتها وأن يبقى العدوّ غارقاً في عماه وهذا مصدر قوّة للبنـان».

أخيرا كان سؤال عن عدم نجاح «حزب الله» في اكتساب إجماع اللبنانيين حول سلاحه المقاوم بعد التحرير فأجاب الشيخ قاووق: «استطاعت المقاومة أن تكرّس نجاح استراتيجيتها الدفاعية بشهادة جيوش العالم وقادة الجيش الإسرائيلي ولجان التحقيق. إلا انّ فريقاً إرتضى لنفسه أن يكون جزءاً من المشروع الأميركي. ولمن دواعي الخجل أن يمرّ على لبنان فريق حاكم يمتدح إسرائيلياً وأن تتحرك تسيبي ليفني (وزيرة الخارجية الإسرائيلية) في أوسع حملة ديبلوماسية في العالم مستنفرة الجهود لحماية الفريق الحاكم في لبنان، ولقد وفّر علينا أولمرت (رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود) الكثير عندما صرّح أمام لجنة فينوغراد بأنه يراهن على إضعاف المقاومة من خلال الفريق الحاكم في لبنان. نحن نعلم بأن المقاومة منذ انطلاقتها لم تحظ بإجماع لبناني ومنذ عام 1982 لم يتغير شيء، من كان مع المقاومة بقي معها ومن لم يكن بقي أسير مواقفه السابقة، لكن هؤلاء باتوا اقلّ وقد استطاع «حزب الله» أن يحظى بتعزيز حضوره الشعبي في لبنان وخارجه».

تعليقات: