الدكتور هاني سليمان
• بشارة مرهج : سليمان لا يجد معنى لحياته ان لم يتصدى للقمع والفساد والاحتلال.
• غالب غانم : التزامك مبارك لأنك لم تقع في العصبيات التي قال فيها رسول الله "ليس منا من عاش على عصبية او مات على عصبية "
• علي فياض : هو عضو في مجموعة ممن قضوا أعمارهم وقد باتوا شيباً على حلم ان يروا فلسطين حرة والأمة موحدة عزيزة قادرة.
• طلال حيدر : ركب البحر الى غزة رافعاً راية قدمه في وجه صهيون الذي أصابها برصاص صار وساماً يعلق على صدر المندورين للحرية.
في حفل توقيع رواية "ضمير متصل " للدكتور هاني سليمان الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد من جائحة كورونا والوضع الاقتصادي فقد غصت "دار الندوة" بحضور عدد من النواب وحشد كبير من المثقفين والكتّاب والمفكرين وممثلون عن الأحزاب والفصائل والجمعيات اللبنانية والفلسطينية أقيمت ندوة تحدث فيها رئيس مجلس إدارة "دار الندوة" الوزير السابق الأستاذ بشارة مرهج، والدكتور غالب غانم رئيس مجلس القضاء الأعلى سابقاً، والنائب الدكتور علي فياض، وكانت كلمة للشاعر طلال حيدر الذي حال المرض دون حضوره فشارك بكلمة أرسلها الى الندوة.
مرهج
افتتح الندوة الأستاذ بشارة مرهج بكلمة جاء فيها: كتاب هاني سليمان "الضمير المتصل" لا يمكن تصنيفه في خانة المذكرات ولا هو سيرة ذاتية او شخصية بل هو بعضُ من هذا وبعض من ذاك وبعض من ومضات خافقة تطل عليك من الماضي معطوفة على نفحات اخرى يحلو بها الكتاب ويتألق، اما التطلعات التي تبرز من ثنايا الصفحات فلعلها تصدم القارئ او بالأحرى تثير اعجابه خاصة بعد ان تعلّمه ما لم يعلم عن شخصية هاني المتفردة المحببة الى قلب عارفيه ومقدريه .
وأضاف مرهج: المعروف عن د. هاني صراحته الكلية ورأيه الحر الذي يفضي أحياناً الى حرج لا يلبث ان يتوارى عندما يعرف المتلقي حسن النوايا وصدق المقاصد. فهو حريص على حرية الغير حرصه على حريته ومن هنا حساسيته العالية تجاه القمع أوقع على زيد أو عمرو اما حلقات التسلط فليس واردا ان يخشاها لا بل هو لا يجد معنى لحياته إن لم يتصد لها. لكنه يخشى الموت البطيء القادم مع الخنوع والانسياق. لذلك تراه في حالة مواجهة مستمرة ، قميصه ممزقة، ينزف دماً في شوارع بيروت أو اقاصي الجنوب أو مقابل غزة مع مطران ناهز التسعين اسمه هيلاريون كبوجي .
وتابع مرهج قائلا: ابن البقاع اصبح بحارا وفارساً وحامل قنديل وسط الظلام الحالك الذي يلف فلسطين فان جف زيت الاشقاء فاضت يد هاني بالدم والحب والالفة. هتفت له فلسطين مثنى وثلاث فقد أودع حياته ثناياها ورباها وقبابها ومحرابها. لا جزاء ولا شكورا هذا هو هاني إذ اندفع وفّى واذا ربض فلشراره ينتظرها، وكما في حياته الصاخبة المتدفقة خيراً وصفاء وترفعاً كذلك هو في كتاباته المنهمرة خارج المألوف لا تهمة الحبكة الروائية ولا الانساب التراتبية وانما تهمه الصفحات تثرى حافلة بالحقائق وزحمة المشاعر وصدق المواقف باحثاً بشوق عن دفئ العلاقة وعمقها وصراحتها. انه مهاجر لا يعرف كيف يبرح مدارج الطفولة أما كلماته فتنهال على أرض عطشى لتملأها مسكاً وحبورا.
غانم
ثم تحدث الدكتور غالب غانم فقال: عاد بي كتابك يا صاحبي، الى أمكنة حبيبة وأزمنة خضيبة وأناس حالمين. الى الأرياف وأطيابها والضفاف ونهضاتها والأفكار ورحباتها.
قرأت فيه ما تطمئن اليه نفسي، وما تستيثغه ذائقتي. نسبتك او نسبت نفسك ، الى هؤلاء الطافحة سيرهم واقلامهم بالصدق العصاميون الأصلاء والمناضلون الانقياء. الطالعون من بساطة القرى وشقاوتها وهم يصعّدون لها النشيد بعد النشيد ويغمرونها بالعرفان بعد العرفان. رافعوا الرايات في وجه جمحات ذوي الُرجعى وفي وجه التياهين والمستكبرين . عاقدو المواثيق مع سلطان العلم ونعيم العقل. المفسحون في قلوبهم مطارح للآخر وللإختلاف والتلون الذي يجعل التكامل أندى وأجمل وأكثر إنصافاً. الطوافون في مغاني لغتنا الحسناء يزيدون غرارها طيباً على طيب.
هؤلاء الذين طالما بحثت عنهم وتشرفت الى منادمتهم وقراءتهم، أيقنت، عبر الأثر الذي نحفو به في هذا الملتقى، انك من ذوي قرباهم، وقل، في حالات جمة، من روادهم وطلائعهم.
وتابع د. غانم قائلا: ما السيرة، يا أخ الوفاء للعروبة؟ العروبة الجامعة الا الجامحة، العادلة المعتدلة، الحضارية الديمقراطية ... ما السيرة ان لم تكن حضورا في موكب، ومنكباً في غمرة مناكب، وواحداً في كل، ونجمة في ثريا، وربابة في سمفونيا.. ما رأيتك تمشي منعزلاً منذ غازلت البندقية وانت طفل، وتشممت الكرامة الحيدرية وانت فتى، وتنافست مع الاتراب والانداد ، ومع محمد قاسم خصوصاً، لتسجيل الرقم الأعلى في عداد التظاهرات، ووقفت مع الأوفياء لذكرى الرئيس جمال عبد الناصر تعاضدون نجله جمال وتنتشون بأمانيه ومآتيه ويرجع صوته الذي غمر بلاد العرب من الماء الى الماء. ووجهت النداء ليشد زملاؤك المحامون إزرك في الدفاع عن شلة من أشهر المعترضين العالميين... وطرقت مع الرفاق أبواب كبار المسؤولين سعياً الى فك السلاسل لا عن ثوار محتجزين وحسب، بل عن قرارات المسؤولين انفسهم. وتصدرت مع المطران هيلاريون كبوجي "سفينة الاخوة الإنسانية" القاهرة البحر والصعاب الكأداء، لكسر الحصار على غزة، وثنّيت مغامرتك البطولية على "أسطول الحرية" وثلثت نحو بغداد، مع الرفاق ومنهم معن بشور الذي قال لرأس النظام انه خائف منه وخائف عليه في آن... وها أنت لا تزال ، وأربعتنا صارت أخرفة وأشتيه، ومفازات وحرائق تشد القبضة الى القبضات، وتدفع القهر الذي نحن فيه دفعا، وترهق القلم لينزّ حبراً ملتزماً واسطراً مشتعلة وتنتظر سفينة أخرى.
التزامك مبارك لأنك لم تقع في العصبية. آمنت ولم تكفر مستلهماً قول الرسول العربي: ليس منا من عاش على عصبية، وليس منا من مات على عصبية.
وقال د. غانم : اعي ما قلته في اليمين واليسار كل الوعي قبل انتسابك الى الجامعة اللبنانية بشطرة من الزمن كان تصنيقي من لدن زملاء في هذه الجامعة، وأحزاب، اميل الى اليمين منه الى اليسار ، مع اني لم امتط صهوة حزب واذا كان اليسار في صورة أخرى من صوره تمرداً على نظام يأبي الخروج من الشرانق ويأبى التغيير والنمو والازدهار.. وتمراً على نظام يلفظ النخبة الحرة ليستبدلها بالطغمة الخانعة والخاضعة.. كما يوحي بعض كلامك وتمرداً على نظام يتبرم بالمختلف والمبدع والمتخطي.. فأنا وانت، يا صديقي الدكتور هاني، اول اليساريين.
فياض
النائب الدكتور علي فياض جاء في كلمته : عرفت الرجل بصورة عرضية، لكنه كان يستوقفني فأتأمله، بصوته البعلبكي الجهوري الذي فيه شيء من السطوة ، وملامحه التي كنت اعتقد انها قاسية، وتترك انطباعاً بالجرأة وقوة الشكيمة، ثم تابعته محامياً يسارياً مناضلاً، ثم فوجئت به استاذاً جامعياً وزميلاً في معهد العلوم الاجتماعية.
وأضاف د. فياض: وهو في الأصل ، عضو في مجموعة سياسية من الاوادم التي تحترف العمل الشعبي والأنشطة الثقافية والاجتماعية، وهم قضوا أعمارهم وقد باتوا شيبة ، على حلم ان يروا فلسطين حرة والأمة موحدة وعزيزة وقادرة.
من اوكاموتو الى كارلوس وبن بلا والمطران كبوجي وأسطول الحرية الى غزة، الرجل لا يمل نضالاً واندفاعاً، وفي السبعين، اعتقد ان أفقه النضالي لا يزال مفتوحاً ، ولا تنطبق عليه قصيدة محمود درويش حين قال: "في الستين لن تجد الغد الباقي لتحمله على كتف النشيد ويحملك".
وقال د. فياض" ولأن حضارتنا في الأصل هي حضارة لغة، عليها قامت الهوية واليها استند الدين، وان عقلنا فرعُ لغتنا. نحن نحتاج الى ما يتواصل ويتكامل ويتفاعل بين الضمائر بما تدل عليه من مكونات في هذه الامة، وهي نقائض التفاصيل والتعارف والتلاقي فالصراع القومي – الإسلامي الذي ساد عقوداً كان عبثياً والان الصراعات الطائفية والمذهبية انما هي عبث بعبث . علينا ان ننهيها بأي نحوٍ من الانحاء.
وختم د. فياض قائلا: في النص ورد أسماء عزيزان على قلبي حاتم حيدر ومسعود الشابي الأول والد صديقي العزيز الدكتور جود حيدر، وشاعر ورجل فاضل، اوصاني في التسعين من عمره ان اهتم ببدنايل وعندما اجبته مستغرباً ، بأني نائب مرجعيون – حاصبيا في اقصى الجنوب، علق قائلا : انت نائب الأمة جمعاء.
والثاني هو المفكر التونسي القومي الذي كان استثنائياً في قدرته على انتاج الأفكار والتخطيط للمستقبل، والذي جمعتني به صحبة شخصية وفكرية استثنائية امتدت على سنوات من الحوار بين قومي صلب والإسلامي معتدل – ثم على حين غفلة ، غادر هذه الدنيا دون ان أتمكن من وداعه.
حيدر
الشاعر طلال حيدر قال في رسالته: في عاصمة الحلم العربي آنذاك التقينا مع معالي الصديق الأخ بشارة مرهج والحبيب معن بشور وهما يذكراني بانتمائيين الى انبعاث هذه الامة من رمادها من آل حيدر، فقلت لهما انتظروا فبعد عشر سنوات على الشخص حتى تتأكدوا انه زبط. فقد كنت خائفا على الاتين من عائلات الزعامات التقليدية ان لا يستطيعوا اختراق جدار القوقعة العائلية لينتموا الى هذه الامة المطعونة بخناجر أبنائها،
كما اقسموا بالدم المثأر لو طرفت عين على القدس في ساحاتها قتلوا
وروع القدس أشلاء ممزقة فأسأل ولو خجل التاريخ ما فعلوا.
كان الفتى هاني يومها هاجما على الزمن الأتي سلاحه خبز ودمع، خبز مجبول بعرق الأيام، ودمع على ما آلت اليه هذه الامة لأنه لم يشهد الامجاد العربية، الا على ورق الكذابين.
وأضاف الشاعر حيدر: من يبدأ هكذا ينتهي كما هو الان، لم تفت الهزائم العربية من عضده وظل ساكنا خارج زمنه، ساكنا دائما في زمن الحلم يمد يده ليقطف الآتي واضعا يده على الحروف كما قلت " زمن البكي جاي على كل البيوت افتحي يا قدس بوابك قوليلو يفوت،" يقول لي معاً معاً سنكون في القدس .
انا الساكن في اليأس الفرحان راحوا على حيط البكي ورجعوا الحزننين،
ونسيو صلاح الدين قاعد عم يدور على سيفو بدير ياسين .
هاني ركب البحر الى غزة رافعا راية قدمه في وجه صهيون الذي أصابها برصاص صار وساما يعلق على صدر المندورين للحرية.
4/11/2021
الدكتور غالب غانم
النائب الدكتور علي فياض
الشاعر طلال حيدر
الأستاذ بشارة مرهج
تعليقات: