تجعل عوامل كثيرة الناس يعانون بسبب ال#استحمام في فصل الشتاء، مثل غياب التغذية بالتيار الكهرباء من مؤسسة كهرباء لبنان، ارتفاع تَكلِفة الاشتراك بالمولّدات، وانقطاع #مياه الدولة في بعض المناطق. نتحدّث هنا عن أدنى حقوق الإنسان التي سيتناوب أفراد العائلة الواحدة في فترات زمنيّة مختلفة للتمتّع بها، بحسب إمدادات الكهرباء الضروريّة لتسخين المياه للاستحمام، وغير الموجودة ابتداءً.
نعرض بعض القصص التي تعيشها لبنانيّات، عاد بهنّ الزمن، كغيرهنّ من المواطنين، إلى الوراء، في أمورٍ يخجل المرء من التطرّق إليها لبداهتها في هذا العصر.
"في ماي سخنة؟ داير القازان؟ إجت الكهربا؟" أسئلة يكثُر سماعها بين الأُسَر على أبواب الشتاء.
سلوى (مصفِّفة شعر) تعمل لحسابها، وتعيش مع أمّها وأختيها الاثنتين. تشترك في مولّد المنطقة بـ5 أمبير، وتدفع في مقابل ذلك مليوناً و700 ألف ليرة، بالرغم من أن "القازان" لا يعمل بهذه الطاقة المنخفضة، خصوصاً أن التيار يصل إلى المنزل أضعف قوّةً. و"ننتظر #كهرباء الدولة التي تأتي لمدة 3 ساعات تقريباً كلّ 7 ساعات أو 10 ساعات لنشغّل القازان"، تورد سلوى. هذا التسخين يكفي لحمّام شخص واحد فقط، أو "قد نتقاسم المياه الساخنة، فيسحتمّ شخصان فقط بسرعة فائقة. لكننا إذا جلينا بالماء الساخن، فلن يسعنا الاستحمام".
وتسرد سلوى أنّه إذا ما اضطرَّت إلى أن تستحمّ، ولم يكن هناك مياه ساخنة ولا كهرباء "فنحن ننتظر يومين من دون استحمام؛ فمن المؤكَّد أنّ الكهرباء ستأتي".
وفي أوقات قد يُقطع التيار الكهربائي لأكثر من 6 ساعات متواصلة، فتنفد مياه خزانات المنازل، و"نصبح بلا ماء ولا كهرباء"، وحينها، تقول سلوى "إمّا أن نشتري نقلة مياه بـ 300 ألف ليرة، وإمّا أن نبقى بلا مياه إن لم يتوافر المال، بانتظار الكهرباء لوصل ماء البير في المبنى بالخزانات".
في إطار المعاناة نفسها، لدى غيتا، الاشتراك يغطّي تشغيل القازان فقط، و"عليّ إطفاء جميع الأجهزة الإلكترونية الأخرى لتشغيله" توضح غيتا (أمّ لثلاثة أولاد). اشتراك المولّد لديها يبلغ 10 أمبير بـ3 ملايين ليرة. وعندما تريد تسخين القازان، إذا اضطُرّ الأمر، تطفئ غيتا البراد والغسّالة وحتى المدفأة وجميع الأجهزة الأخرى وتبقي على لمبة واحدة وإلّا "بِيْتِكّ القازان ولن نكون قادرين على الاستحمام"، وفق غيتا. لمن لا يمكن لغيتا إطفاء البراد لاحتوائه على الموادّ الغذائيّة، وإلّا تُتلف و"لا ينقصنا خسائر".
ومع الانقطاع المستمرّ للمياه، تشتري غيتا "نقلة" المياه (10 براميل) بـ 150 ألف ليرة، وتكفيها ليومين فقط، فـ"مياه الدولة لا تأتي. كيف نجلي ونستحمّ ونشطف ونغسل الثياب؟". ففي مرّة من المرّات، اضطُرَّت غيتا إلى أخذ الغسيل لدى أختها لكي تغسل.
وتتخوّف من قدوم الشتاء، "إذ كيف سننظّف الأواني بمياه باردة؟". هي تنتظر كهرباء الدولة التي تأتي فجأة لمدّة 4 ساعات يومياً، لكي تشغّل القازان، و"إلّا فلا ماء ساخناً". لكن المياه الساخنة هذه تكفي لكي يستحمّ شخصان، وبالتالي، يُمكن أن يستحمّ شخصان فقط في اليوم، والشخصان الآخران يؤجّلان حمّامهما لليوم التالي، و"بتنا نستحمّ بالدور"، بينما في الصيف كانت غيتا وعائلتها تستحمّ يومياً بالماء البارد، أمّا اليوم، فـ "يوم إيه، يوم لأ" في ظلّ هذه الظروف.
وإذا ما أرادت ابنة غيتا الاستحمام بعد نشاط رياضيّ، ولم يكن هناك مياه ساخنة، تلجأ غيتا إلى تسخين مياه الشرب لابنتها بوساطة الغاز، وتكتفي الابنة بـ"دوش" سريع بعد الرياضة. "عدنا إلى أيّام "الكيلة"، تقول غيتا. لكن مشكلة انقطاع المياه هي الكارثة الكبرى بالنسبة إلى غيتا، إذ "بقينا 4 أيام هذا الأسبوع من دون مياه الدولة، فهي تأتي مرّة كلّ أسبوع لبضع ساعات فقط، حتى اضطررنا إلى شراء نقلة مياه أمس"، وتضيف بأسى: "هذه حقوقنا الغائبة، وسيحرموننا الهواء في الأيام المقبلة".
أمّا ميرنا (أمّ لثلاثة أولاد) فتروي أنّ "المياه تنقطع بشكل متواصِل، ونحن نعاني بشكل كبير". فتكلفة الـ10 براميل من المياه 200 ألف ليرة وتغطّي يومين فقط.
أمّا كهرباء الدولة، فهي "غائبة تماماً عن حياتنا، لذلك لا نشغّل القازان، ونستحمّ بمياه باردة، أو نستخدم كهرباء الاشتراك".
الاشتراك لدى ميرنا هو 5 أمبير، وتكلفته تبلغ مليوناً ونصف المليون ليرة. أوقاته معروفة، لكنّه لا يسخّن تسخيناً كاملاً بـ5 أمبير. لذا، يعمل القازان لدى ميرنا إذا أطفأت جميع أجهزة المنزل، وبالرّغم من ذلك، تفتر الماء ولا تسخن، "منمشّي حالنا وقت الضرورة". وأحياناً، تسخّن ميرنا المياه بالغاز إذا كان الاستحمام مستعجَلاً عند غياب الاشتراك، وتعبّئها في إبريق ماء.
وتنقطع الماء ليومين وتأتي يومين، بحسب ميرنا. و"المشكلة في غياب المياه قبل غياب الكهرباء، ولن يسعنا عمل أيّ شيء في المنزل،لا غسيل ولا استحمام، فالأسبوع الماضي أخذت غسيلي لدى ابنتي المتزوّجة لغسله".
تلك كانت نماذج من معاناة لبنانيين من أجل أبسط الحقوق في القرن الـ21.
تعليقات: