الوزير السابق بشارة
انتظرنا طويلاً قرار تعديل أسعار الأدوية المستوردة على أمل استقرار السوق وتوافر الدواء في ظلّ استمرار دعم أدوية الأمراض المزمنة ورفع أسعار بقية الأدوية بصورة معقولة كي يتحمّلها أصحاب الدخل المحدود والذين يعيشون الضائقة المعيشية بكلّ أبعادها، لا سيما بعد فشل الحكومة ومجلس النواب ومعهما القضاء في استرداد دولار واحد من الأموال المنهوبة والمهرّبة، والتي يتمّ غسلها في الخارج بالتواطؤ مع بنوك ومؤسسات أجنبية تتحدث عن الشفافية وحقوق الإنسان وتمارس النهب في الصالونات وردهات البنوك.
إنّ الأسعار التي طرحت بالأمس بالتفاهم بين وزارة الصحة ونقابة الصيادلة وكارتيل الأدوية، شكلت صدمة حادة للمرضى وعائلاتهم كما لسائر اللبنانيين الذين باتوا يلمسون لمس اليد تصميم التحالف الحاكم على تهميشهم وإفقارهم وتهجيرهم والإجهاز على أيّ حركة معارضة تناهض الاحتكار والاستغلال وصرف النفوذ، تلك الممارسات التي يتمسك بها التحالف الحاكم رافضاً التخلي عنها في كلّ الظروف، مستخدماً أساليب المكر والخداع للحفاظ على امتيازاته وثرواته التي تعكس حجم السرقات في البلد ورقعة الفقر التي تتوسّع يوماً بعد يوم.
وإزاء استفحال سياسة الاحتكار والإذلال لا بدّ للنقابات، والجمعيات، والشخصيات التقدمية، والأحزاب المتصلة بالجماهير، وكلّ المتضرّرين، من تنظيم مؤتمر شعبي ضخم يعارض هذه السياسة الإرهابية تمهيداً لإسقاطها، بناء على دراسات علمية موضوعية تفرض في النهاية التعامل مع الدواء كسلعة اجتماعية خاصة تستدعي الدعم والاحتضان مع هامش ربحي عادل لكلّ من الصيدلي والمستورد، وليس كسلعة عادية مشلوحة في أسواق يسودها الجشع والقهر والفوضى.
وإذا كان أصحاب الأمراض المزمنة لا يملكون عقارات صغيرة في باريس يؤجرونها بأسعار خيالية للبنك المركزي كي يتمكنوا من تأمين الدواء، من دون منّة من أحد، فيجب أن نتذكر دائماً أنّ هؤلاء فقدوا كلّ شيء بعد أن سطت مصارف لبنانية على أموالهم ومدّخراتهم بعلم حاكم مصرف لبنان، وهيئة التحقيق الخاصة التي يترأسها هذا الحاكم، ولجنة الرقابة على المصارف، التي أيضاً يهيمن عليها «بالتعاون» مع جمعية أصحاب المصارف نفسها.
لكلّ ذلك من أراد الترشح للانتخابات عليه أولاً المساهمة الفعلية في استرداد أموال اللبنانيين التي أودعها «الفساد» في الخارج، فتلك الأموال المهربة هي سبب أساسي وراء ارتفاع الأسعار وحرمان المواطنين من حبة الدواء ولقمة الغذاء.
تعليقات: