مليون ليرة الحد الأدنى لتأمين بدل انقطاع المياه شهرياً! (Getty)
قدرت منظمة "اليونيسف" في تقرير نشرته منذ أشهر عن أزمة المياه في لبنان، أن "كلفة حصول الأسر على المياه سترتفع بنسبة 200 في المئة شهرياً جراء لجوئها إلى موردي المياه من مصادر خاصة، مما يشكل كلفة باهظة جداً لكثير من الأسر من الفئات الأكثر ضعفاً في لبنان"، واليوم أكدت المنظمة الدولية أن "أزمة المياه تشكل اليوم تهديدا هائلاً للصحة العامة. فقد عجزت أكثر من 45 في المئة من الأسر عن الحصول على مياه الشرب الكافية مرة على الأقل في ثلاثين يوماً".
ويلجأ المواطن اللبناني منذ سنوات إلى شراء المياه من صهاريج خاصة متنقلة، لسد عجز الدولة وفشل وزارة الطاقة والمياه في تأمين المياه، بسبب الهدر والسياسات الخاطئة التي تنتهجها على مدى سنوات، في بلد تعد ثروته المائية من أهم الموارد في الشرق الأوسط. ومع إعلان رفع الدعم عن المحروقات، رفع أصحاب صهاريج المياه سعر "نقلة" المياه. وباتوا يشكون من ارتفاع سعر صرف الدولار الذي يؤدي الى رفع أسعار المحروقات، ما جعل بعضهم يستغل الظروف الخانقة ليسعر على حسب السوق الموازية!
تكلفة باهظة
وبحسبة بسيطة، فإن عائلة مؤلفة من 4 إلى 5 أفراد تحتاج اليوم بالحد الأدنى إلى 10 براميل كل ثلاثة أيام تقريباً، أي 2000 ليتر من المياه شهرياً. وبالتالي، فإن فاتورة "نقلة" المياه بسعة 10 براميل تبلغ 100 ألف ليرة، كحد أدنى. ما يعني أن عائلة متوسطة تحتاج إلى تعبئة خزان المياه 10 مرات شهرياً بكلفة مليون ليرة، أي أعلى من الحد الأدنى للأجور.
أما في بعض المناطق فقد سجل سعر 600 ليتر من المياه مليوناً ونصف مليون ليرة!
أحد أصحاب الصهاريج الخاصة في منطقة الطيونة، أشار في حديث مع "المدن"، إلى أن "نسبة الطلب على تعبئة الخزانات ارتفعت كثيراً هذا الشهر، ولم يعد باستطاعتنا تلبية حاجات الناس. وسترتفع فاتورة "سيترن" مياه الخدمة مع ارتفاع أسعار المحروقات".
أما المواطن ربيع فارس، فيقول، إن "المياه التي تؤمنها الدولة إلى مدينة بيروت مقطوعة كلياً منذ قرابة الأسبوعين. مضيفاً "كيف يمكن العيش بهكذا ظروف؟ لا مياه ولا كهرباء، أبسط مقومات العيش غير متوفرة، وتكلفة تعبئة المياه تعادل تقريباً نصف راتبي!".
تقنين قاسٍ
من جهته، صرّح المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، جان جبران، في حديث مع "المدن"، أن "هناك مشكلة كبيرة تعاني منها المؤسسة مؤخراً، بسبب الشحّ في الأمطار، إذ أصبحنا على مشارف شهر كانون الأول ولم تمطر سوى مرة واحدة هذا العام. يترافق مع ذلك تقنين قاس للكهرباء وشح كبير في مادة المازوت، ما يفرض تقنيناً قاسياً لضخ المياه".
وتابع، "توفر مؤسسات المياه، حالياً حوالى ساعتين كل يومين من التغذية كحد أقصى في بيروت، وتصل إلى انقطاع شبه تام في مناطق عدة خارج بيروت، لا تكفي لملء نصف الخزان المشترك لأي مبنى".
وقد أدت الأزمة الاقتصادية من جهة، وسوء الإدارة المزمن لقطاع المياه من جهة أخرى، فضلاً عن تخفيض الجهات المانحة والمنظمات الدولية بتقديم الدعم المادي لهذا القطاع، إلى عجز مؤسسات المياه الرسمية عن ضخ المياه إلى المنازل، هذا عدا عن أزمة مياه الشرب. وحسب احصاءات غير رسميّة، يتعرّض أكثر من ثلثي السكّان للحرمان من المياه الصالحة للشرب والصرف الصحّي.
هذا الانهيار الذي وصلت إليه مؤسسات المياه، حسب خبراء، سيكون له تداعيات خطيرة إنسانياً وغذائياً وصحياً. وبهذا، لا يسعنا إلا أن "نشكر" وزارة الطاقة والمياه (وأحزابها) على المأساة التي أوصلتنا إليها!
تعليقات: