مشهد المصنع أمسمشهد المصنع أمس
يعتمد لبنانيون كثر على السوق السورية لشراء حاجياتهم اليومية، بسبب فارق الأسعار. السلطات السورية فرضت على الخارجين من بلادها ضريبة سيدفعها العرب القادمون إلى لبنان براً مضاعفة. أما السوريون، فقد خُفض أكثر من ثلث الضريبة عنهم
المصنع ــ
لم تعد نقطة الأمن العام اللبناني في منطقة المصنع الحدودية تشهد زحمة عابرين، بعدما أعلنت السلطات السورية أنها فرضت على كل من يقرر الخروج من أراضيها دفع 500 ليرة سورية، أي ما يعادل عشرة دولارات أميركية. وكذلك بالنسبة لمن يريد الخروج عبر المطارات السورية، إذ يتوجّب عليه دفع 1700 ليرة. ويبدو أن هذا الأمر حدّ من نسبة العابرين اللبنانيين إلى سوريا، وخاصة لعائلات. وقد أُلحقت بهذا القرار ضريبة تطال كل سيارة سياحية، حيث بات على صاحب كل سيارة تعبر نقطة الجمارك السورية دفع 200 ليرة سورية عند المغادرة.
هذا القرار الجديد يجعل الضريبة مضاعفة على العرب الذين يقصدون لبنان براً. فهؤلاء يدفعون هذه الضريبة عند خروجهم من سوريا إلى لبنان، ثم يعودون ليدفعوها مجدداً خلال عودتهم إلى بلادهم عبر الحدود السورية الأردنية. وهذه هي الحال بالنسبة للبنانيين الذين يريدون عبور سوريا إلى الأردن أو أي بلد عربي آخر.
أبو سمير (لبناني) قصد سوريا هو وعائلته قبل القرار بيوم واحد، لأكثر من هدف: الاستشفاء أولاً، لأنه مريض في السكري، وزيارة أقاربه وشراء بعض الحاجيات تالياً. وعند عودته طلبت منه السلطات السورية في الأمن العام أن يدفع 500 ليرة عن كل شخص من أفراد أسرته. «أنا وزوجتي وولداي اللذان يبلغ عمر أحدهما عشر سنوات والثاني 11 سنة. طلبوا منا 2000 ليرة سورية، ولم يكن قد بقي معي سوى 800 ليرة أجرة السيارة». لم تنفع توسلاته التي أرفقها بقوله إنه عندما قصد سوريا لم يخطر بباله قرار كهذا، «ولم أحسب له حساباً. خيّروني إما أن أرجع إلى سوريا أو أن أدفع»، فما كان منه إلا أن اتصل بأحد أقاربه في لبنان وطلب منه أن يُحضِر المبلغ له، منتظراً قرابة 3 ساعات هو وزوجته وأولاده. وحين دفع المبلغ سمحوا له بالخروج.
اعتراضات حسين تختلف عن اعتراض أبي سمير، لأن الأول أردني يقصد لبنان للسياحة مع عائلته، مستقلاً سيارته الخاصة. يبدأ اعتراضه على القرار الذي يشمل «كل من يخرج من الأراضي السورية»: نحن ستة أشخاص. عبرنا الأراضي السورية، وعندما وصلنا إلى جديدة يابوس، طلب منا عناصر الجمارك أن ندفع عن السيارة 2000 ليرة. هذا ليس له علاقة بالتأمين والفيزا. وعند وصولنا الى الأمن العام، طُلِب منا دفع 500 ليرة عن كل شخص». لم تنتهِ قصة حسين عند عبوره من سوريا إلى لبنان. فهو سيعبر الأراضي السورية مجدداً عندما يريد العودة إلى دياره في الأردن، ويتوجب عليه، حسب القرار السوري، أن يدفع عنه وعن عائلته وسيارته المبلغ ذاته الذي دفعه عند مغادرته سوريا باتجاه لبنان.
وليد ز، سوري الجنسية، اختلف الأمر معه إيجاباً عما كان عليه سابقاً، حيث خفض القرار ذاته الضريبة التي كان مفروضاً على كل مواطن سوري دفعها عند خروجه براً من الأراضي السورية من 800 ليرة إلى 500. «الوضع اليوم أفضل من السابق» يقول وليد، «والفرق الذي وفّرته الحكومة علينا ندفعه أجرة سيارة». ويعلّق وليد على القرار بالقول: «من ساواكَ بنفسه ما ظلمك. صار اللبناني يدفع الضريبة ذاتها التي يدفعها السوري».
وفيما لم تطل هذه الضريبة سائقي سيارات الأجرة العاملين بين لبنان وسوريا، إلا أن القرار حدد المدة التي يُسمح لسيارات الأجرة اللبنانية بقضائها داخل الأراضي السورية بيوم واحد فقط، «كي لا تنافس سيارات الأجرة اللبنانية مثيلاتها السورية»، بحسب ما ذكر مصدر سوري. وقد اعترض سائقو سيارات الأجرة على القرار لأن فرض 500 ليرة سورية على كل فرد يعبر الحدود إلى لبنان سيؤدي إلى خفض حركة العبور بين البلدين، مما يزيد من مفاقمة مشكلات السائقين الاقتصادية، ولا يجدون من حل لها سوى بالعودة عن هذا القرار.
وقد أشار مصدر سوري لـ«الأخبار» إلى أن سلطات بلاده تدرس إمكان إعفاء المواطنين الأردنيين واللبنانيين من هذه القرارات. وحتى ذلك الوقت، بدأ عدد كبير من اللبنانيين يبحثون عن حلول بديلة لتخطي القرار، أبرزها محاولة الاتصال بالجهات السياسية الحليفة أو الموالية لسوريا، لتأمين بطاقات تسهيل مرور، وهي التي تُعفي حاملها من كل الضرائب التي ينبغي على غير السوري دفعها على الحدود.
تعليقات: