مطاعم جديدة تتحدّى الأزمة... رسالة بقاء رغم الجحيم

تصوير حسام شبارو
تصوير حسام شبارو


مطاعم تفتح في ظلّ هذه الأزمة! غريب بعض شعب هذا البلد الذي لا يهاب الأزمات، بل يقتنصها ويُثبت حبّه للنجاح، ويجعل الاستسلام في آخر اهتماماته.

في الفترة الأخيرة، فتح عددٌ من المستثمرين اللبنانيين مطاعم جديدة في البلد، ويستمرّون في إطلاق المشاريع، بالرغم من ارتفاع سعر الدولار وال#محروقات، التي تزيد تكلفتها أسبوعياً، لا سيما ال#مازوت وال#غاز، المادتين الأساسيّتين في عمل أيّ مطعم.

في هذا التقرير، شهادات أصحاب مطاعم افتتحوها مؤخّراً في عزّ الأزمة. لكلّ منهم دوافعه. لكن ما يجمعهم هو النظرة الإيجابية تجاه لبنان، وحبّهم للبقاء فيه.

والد جوان ذات الـ22 عاماً، يعمل في مجال المطاعم. لدى تخرّجها في اختصاص التسويق منذ عامٍ ونصف، رسمت في مخيّلتها فكرة مطعم ثنائيّ الأبعاد 2D، وحقّقته اليوم في أول مطعم يتبنّى هذا المفهوم في لبنان.

"كانت فرصة السّفر يسيرة وواردة" تفصح جوان لـ"النهار"، "لكن لبنان بلدي، وإن هجرته، فإلى أين سأذهب؟ وماذا عساي أفعل في الخارج؟، فافتتاح هذا المطعم هو قراري بعدم الهجرة والبقاء في لبنان".

أطلقت الشابة المطعم منذ شهرين. وتبنّت مفهوم المطعم ثنائيّ الأبعاد، الذي يعرفونه في الخارج، بحسب شرحها، لكنّه الأول في لبنان، ويقوم على ديكور باللونين الأبيض والأسود والرسوم، و"كأنّ المكان مكانٌ غير حقيقي".

لم تكن جوان ملِمّة بشؤون المطاعم وعالم الضيافة. و"الدخول في مجالٍ جديدٍ خصوصاً في هذه الأزمة، جعلني أشعر بالخوف في بادئ الأمر"، تروي الشابة. لكنّني عندما أطلقت الورشة، وبدأ العمل، "تحمّست جداً، وشعرت بمسؤولية كبيرة". وتردّدت في تأسيس هذا المشروع لأن كثيراً من المطاعم أقفلت أبوابها، "لكن في النهاية، مَن يقم بمشروع جديد، ويضع جهده فيه، يجب أن ينجح".

وتستطرد الشابة بأنّه "مما لا شكّ فيه أنّ الأرباح ليست واردة حالياً، لكن تفكيري حالياً هو أن أبني مستقبلي في لبنان، وأن أؤسّس حياتي هنا". وتؤكّد أنّ أسعار الأطباق لديها في متناول الجميع، وإقبال الناس على المطعم، "جيّد جداً، وأتلقى تشجيعاً ودعماً كبيرين لهذا المشروع منهم"، وفق جوان.

Cheese on top

"سنبقى في هذا البلد ولن نهجره"، بهذه الكلمات يعبّر أحد أصحاب مطعمCheese on top، جوزف عاجوري عن اندفاعه وثباته في البلد، وعن رؤيته الإيجابيّة فيه. وكان الهدف من افتتاح هذا المطعم، بحسب حديث عاجوري لـ"النهار"، تقديم تجربة جديدة للناس، بعد الحجر الطويل.

عاجوري الذي يمتلك مطاعم عديدة منذ ما قبل الأزمة، فتح منذ شهرين تقريباً مطعمَ برغر جديداً، ميّزه بفكرة بسيطة جداً كانت كفيلة بجذب عدد كبير من الزبائن، وبتسجيل نجاح كبير في وقت قياسيّ: سكب صوص الجبنة على سطح البرغر.

المطعم الكائن في فرن الشباك في سنتر "أبراج"، يزدحم فيه الناس بشكلٍ غريب، إذ كان لعامل الأسعار المقبولة دور كبير في جذبهم، وفق عاجوري. ويضيف أنّ مقارنة الأسعار لديه بأسعار المطاعم الأخرى تبيّن أنّها أقلّ بـ40 إلى 50%. وللتأقلم مع تكلفة الغاز والمازوت المرتفعة، يعدّل عاجوري أسعاره "ضمن سعر المبيع المقبول، وقد تغيّرت الأسعار منذ بداية فتح المطعم". وقد يسّر المطعم وجود 32 فرصة عمل في ظلّ ظروف البطالة الصّعبة.

وعن إمكانيّة تسجيل أرباح مع تقلّبات #سعر صرف الدولار ورفع الدّعم عن المحروقات، يؤكّد عاجوري "أنّنا نسجّل عائدات جيّدة في المطعم بفضل عدد الزبائن الهائل الذي يأتينا، فأحياناً، ينتظر الزبون ساعة ونصف ليأتي دوره".

Lafluf

من ضمن مشروعه المؤلَّف من 22 طبقة و100 مكتب قد بناها في منطقة الشّياح، ضمّ تاجر البناء، موسى شرف، مطعماً كبيراً لتلبية موظّفي هذه المكاتب وعملائها.

ويتحدّث لـ "النهار" بأنّ "فكرة المطعم كانت لإنجاح هذا المشروع باعتباره جزءاً منه. وبعد Lafluf هناك مطعمان سيفتحان أبوابهما في إطار هذا المشروع أيضاً"، نظراً إلى أهمّية هذه المنطقة؛ فهي نقطة التقاء بين مناطق عديدة، وهي واعدة جدّاً واستراتيجية.

أوجد المطعم فُرص عمل لأكثر من 50 موظّفاً، "فنحن أبناء هذا البلد، تغرّبنا لـ20 عاماً، لكن كفانا اغتراباً، ولا مجال للاستسلام، وعلينا الاستمرار والتماشي مع البلد". ويعتمد شرف على المثل القائل "اشترِ على دقّ الرصاص، وبيع على دقّ الربابة"، أي أنّه خلال الأزمات، يُمكن أن يقوم المرء بأعمال يستفيد منها على المدى البعيد.

وفي معرض حديثه، يروي التاجر أنّه دار العالم كلّه، "لكن ليس كلبنان في مثل هكذا مصالح وغيرها. أنا أحبّ هذا البلد و شَبِعنا غربة، وحالياً أبني هذه المشاريع لأولادي ليبقوا في لبنان حتى لا يتغرّبوا".

وعن الصعوبات التي تواجه شرف في ظلّ ارتفاع سعر الدولار الهائل ورفع الدعم عن المحروقات، لا سيّما المازوت والغاز الأساسيين لعمل المطعم، يفيد شرف بأنّ "أصعب الأمور هي تأمين المازوت والكهرباء؛ فالمازوت وحده يحتاج إلى تكلفة قيمتها 400 مليون ليرة شهريّاً. لذلك، علينا أن ندفع من جيبنا في الفترة الأولى".

المطعم الذي بدأ نشاطه منذ 4 أشهر، يشهد حركة زبائن جيّدة، والأسعار فيه أقلّ بنسبة 10 إلى 15% من المؤسّسات المحيطة به، وفق شرف.

تصوير مارك فياض

تصوير حسام شبارو
تصوير حسام شبارو


تصوير مارك فياض
تصوير مارك فياض










تعليقات: