لا يحتاج تركيب الألواح الشمسية إلى ترخيص من الوزارة
تتزايد الطلبات على تركيب نظام تأمين الكهرباء من الطاقة الشمسية، كردّ فعل طبيعي على العتمة شبه الشاملة التي تقدّمها مؤسسة كهرباء لبنان، بالتوازي مع تصاعد أرقام فواتير المولّدات الخاصة. وفي معرض البحث حول أهمية نظام الطاقة الشمسية، تحضُر التجربة الأردنية التي استطاع خلالها الأردنيون تأمين الطاقة الكهربائية وبيع الفائض للدولة، التي استطاعت بدورها تصدير هذا الفائض. فهل يستطيع اللبنانيون تكرار التجربة؟
المواطنون يبيعون الدولة
لا ينحصر مشروع الكهرباء من الطاقة الشمسية بتأمين الطاقة للمنازل والمؤسسات على مستوى فردي. بل يقبل المشروع إمكانية التطوير بالتعاون مع الدولة فيما لو أرادت وزارة الطاقة اعتماد مشاريع مفيدة. والتجربة الأردنية ليست بعيدة من لبنان الذي يريد استجرار الكهرباء الأردنية لتعويض انحدار التغذية بالكهرباء إلى نحو ساعتين يومياً.
فالأردن شجّعت اعتماد الأفراد على الطاقة الشمسية، وتم ربط الشبكات الفردية بشبكة الكهرباء العامة، فيبيع الفرد فائض إنتاجه لمؤسسة الكهرباء العامة، الأمر الذي ساهم بتحقيق فائض على المستوى العام، أمكنَ تصديره. وسجّلت بيانات هيئة تنظيم قطاع الكهرباء، أن المشترك الذي يستهلك بين 300 إلى 500 كيلواط ساعة شهرياً، استطاع توفير ما بين 40 إلى 70 بالمئة من فاتورته الشهرية. فيما المشترك الذي يصل استهلاكه إلى نحو 750 كيلواط ساعة، فاستطاع تخفيض نحو 30 بالمئة من الفاتورة.
ومع كل هذه الإيجابيات، لا يبدو أن وزارة الطاقة اللبنانية مهتمة في وضع دراسة علمية يمكن تنفيذها، تشجّع اعتماد اللبنانيين على الطاقة الشمسية وبيعها لمؤسسة الكهرباء. فعلى الأقل، يجب تجهيز البنية التحتية للشبكة الحالية، فضلاً عن تأمين نظام عدادات خاص، يتيح قراءة وتنظيم الطاقة الآتية من المنازل نحو الشبكة، وتلك الآتية من الشبكة نحو المنازل، وهذا ما يعرف بنظام التبادل الذي يوجب استخدام عدادات جديدة من نوع "نت ميترينغ" net-metering، وهي غير مستخدمة في لبنان.
على أن وزارة الطاقة ما زالت ترى نفسها غير معنية بهذا المشروع. وجل ما قدّمه وزير الطاقة وليد فياض، هو التذكير بوجود "برنامج فيه 12 مشروعاً، وكل مشروع ينتج 15 ميغاوات".
الحصول على التراخيص
تروّج بعض شركات تركيب ألواح الطاقة الشمسية إلى أنها تؤمّن الحصول على تراخيص من وزارة الطاقة لتركيب الألواح، فيما القانون لا يوجب الحصول على ترخيص من الوزارة. فالمادة 26 من القانون رقم 462 الصادر في العام 2002 والذي ينظّم قطاع الكهرباء، تنص على أن إنتاج الطاقة بقوة تقل عن 1.5 ميغاوات، لا تحتاج إلى إذن مسبق من الوزارة، شرط مراعاة مقتضيات البيئة والصحة العامة والسلامة العامة. أي أن على الراغب بتركيب الألواح الشمسية، الحرص على تثبيت القواعد الحديدية التي توضع عليها الألواح وضمان عدم حصول أي احتكاك في الأسلاك والتوصيلات الكهربائية، وكذلك ضمان عدم تعريض عائلته إلى أي مخاطر ناجمة عن انفجار البطاريات في حالات التركيب الخاطىء، أو وضعها في أماكن خطرة، كوضعها في الشمس أو بالقرب من مصادر النار.
التجربة ليست مشجّعة دائماً
فورة تركيب الألواح الشمسية هي ردّ فعل يجب أن تُهدِّئها الأرقام العلمية. فحسب الإختصاصي في تركيب نظم الطاقة الشمسية، ميشال صفير، فإن من يريد اعتماد هذا الخيار عليه البدء بسؤال نفسه حول "عدد ساعات التغذية التي يريدها، وهل يريدها في الليل أم النهار". من هنا تبدأ الحكاية.
ووفق ما يقوله صفير لـ"المدن"، فإن "عدد ساعات التغذية المُرادة يحدد كمية الألواح الشمسية وحجمها وعدد البطاريات المطلوبة، فالبطاريتان تعطيان بين ساعتين و3 ساعات يومياً كمعدل وسطي".
المرحلة الأهم بالنسبة للناس في هذا التساؤل هي الكلفة. فالمنزل الذي يشغّل "براداً واحداً وتلفازاً وجهاز تبريد واحد وغسالة، يحتاج إلى نحو 5 آلاف دولار لتركيب نظام جيّد". أما الاعتماد الكلّي على الطاقة الشمسية، فيعني "بناء محطة شمسية بتكلفة تتراوح بين 8 إلى 10 آلاف دولار. ويحتاج الشخص إلى نحو 5 أعوام لتغطية الكلفة، ونحو 10 أعوام للاستفادة المجانية. مع الإشارة إلى أن البطاريات تحتاج إلى التبديل كل 3 أعوام كمهلة وسطية". مع الإشارة إلى أن تكلفة المشروع هي بالدولار النقدي (الفريش). ويحذّر صفير من استسهال اللجوء إلى الخيارات الأوفر، كتركيب نظام كامل بنحو 2000 أو 3000 دولار.
التجربة بالنسبة إلى صفير غير مشجعة دائماً، لأنه "لا يمكن الاستغناء كلياً عن كهرباء الدولة والمولدات الخاصة. فساعات الشمس في الشتاء غير مضمونة لتوليد كهرباء كافية، وما يمكن للألواح توليده في النهار، يُستَهلَك في ساعات بعد الظهر حين تغيب الشمس، وبالكاد يبقى للمساء طاقة تكفي لساعتين أو ثلاثة. وفي هذه الحالة، على الناس الانتباه إلى أن تفريغ البطاريات من الطاقة بشكل نهائي، يقصّر عمرها الافتراضي. فمن الواجب استهلاك 75 بالمئة فقط من الكهرباء والإبقاء على 25 بالمئة منها في البطاريات، وهذا ما لا يمكن التحكم به دائماً".
ما سبَّبَ الاقبال على الطاقة الشمسية، برأي صفير، هو "الخوف من جهة، والرغبة بتجربة شيء جديد من جهة ثانية، تماماً كما حصل بفورة تركيب سخانات المياه على الطاقة الشمسية، التي سرعان ما أظهرت بعض العيوب". ومع ذلك، ينصح صفير من يستطيع مادياً، اعتماد خيار الطاقة الشمسية لأنه مفيد، ولكن عدم توسيع دائرة التوقّعات.
وعن التجربة الأردنية، يرى صفير أن نجاحها "مرتبط بما تقدّمه الدولة من تسهيلات للمواطنين، فضلاً عن أن كهرباء الدولة موجودة، والمنازل لا تعتمد على الطاقة الشمسية بنسبة 100 بالمئة".
تعليقات: