أمام محكمة صور الجعفرية
«استراحت» إيمان الحاج، أمس، من دوامة المحكمة الجعفرية. الضغط والسكري ثم فيروس كورونا، أعفت الأم التي لم تبلغ الأربعين عاماً من مناشدة المشايخ والسياسيين والحزبيين التوسط لدى أحد القضاة الشرعيين للتراجع عن قراره بمنع سفرها. طوال ستة أشهر، استماتت في المناشدة، علّها تتمكن من العودة إلى كندا حيث ينتظرها أولادها الأربعة منذ ستة أشهر.
لم يخطر ببال الحاج، حاملة الجنسية الكندية، أن تنحاز المحكمة الجعفرية لمصلحة طليقها خ. الشرقاوي. بحسب أحد أقربائها، رفعت إيمان، عام 2019 دعوى طلاق في محكمة صور الجعفرية لتثبيت الطلاق المدني الذي حصلت عليه من القضاء الكندي قبل أربع سنوات، «بعدما غادر زوجها كندا من دون علمها وتركها وأطفالها وقطع التواصل بهم». حُسن ظنها بالقضاء الجعفري في وطنها الأم دفعها للعودة إلى لبنان، في آب الفائت، لزيارة والدها المريض ومتابعة دعواها العالقة في صور. اعتقدت بأنها مسألة إجراءات لن تأخذ وقتاً طويلاً، فتركت أولادها وحدهم في كندا (أكبرهم في الثالثة والعشرين وأصغرهم في الحادية عشرة). ما إن علم الشرقاوي بعودة طليقته لتحريك ملف طلاقها في صور، حتى سارع إلى رفع دعوى إطاعة ومساكنة ومنع سفر في محكمة الشياح الجعفرية، رغم أنه يقيم في بلدته الخرايب (قضاء صيدا)!
مخالفة الاختصاص المكاني لمحكمة الشياح لم تكن المأخذ الوحيد عليها. طوال أشهر، قدمت الحاج أدلّة تلتمس من القاضي الشرعي موسى السموري العودة عن منع سفرها، من دون جدوى، منها حالتها المرضية وتعرّض طفلها الأصغر لإصابة تستدعي ملازمته ووجوب حضورها أمام الإدارات الرسمية الكندية لتخليص معاملات تتعلق بأولادها. وأبدت استعدادها لتوقيع تعهد بالعودة إلى لبنان لمتابعة المحاكمة. مع ذلك، أرجأ السموري جلسات النظر في دعوى الإطاعة والمساكنة مرات عدة، رافضاً التراجع عن قرار منع السفر. ومع ذلك، لم تلجأ الى السفارة الكندية. مناشدة الحاج وصلت أخيراً إلى مسامع المفتش العام لدى المحاكم الشرعية الجعفرية القاضي حسن الشامي. الأخير قال لـ«الأخبار» إنه بعد اطلاعه على ملفها، من خلال السموري ووكيلها المحامي سليمان بركات ووكيل الشرقاوي المحامي وجيه زغيب، تمكن من إحالة الملف إلى الحكم في جلسة حددت في 25 كانون الثاني الجاري.
لكن، لم يحتمل قلب إيمان الصمود حتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري. أسلمت الروح ليل الاثنين في أحد مستشفيات صور بعد تعرضها لأزمة قلبية. جهات عدة اتهمت السموري بـ«محاباة الشرقاوي ووكيله والتمنع عن استخدام صلاحيته بالتقدير وإصدار حكم سريع يببح سفر الأم رأفة بها وبأولادها». فيما لفت الشامي الذي أكد تضامنه مع الحاج إلى أن وكيلها «ساهم في تأجيل الجلسات بعدما كان يستمهل القاضي للجواب على مطالعات وكيل الخصم».
صورة إيمان الحاج ستعلّق إلى جانب صور أمهات ونساء كثر تعرّضن للظلم في المحاكم الجعفرية. الشامي تعهد بفتح تحقيق في الأداء القضائي في ملف الحاج، فهل ينصفها ولو بعد موتها؟
على باب محكمة الشياح نفسها، علّقت عشرات الاعتراضات على انحياز بعض قضاتها ضد النساء. «الأخبار» حصلت على ملف يتعلق بقيام السموري نفسه باستصدار حكم بمنع السفر لمصلحة زوج سني المذهب بحق طليقته الشيعية! وفي التفاصيل، فإن الزوجة «لجأت إلى المحكمة السنية حيث سجلت زواجها، وحصلت على إباحة بالسفر لطفلها لعلاجه في كندا من دون موافقة الزوج. ولما فشل الأخير في التأثير على قضاتها، لجأ إلى القضاء الجعفري فاستحصل على منع السفر». الشكوى ضد السموري بتجاوز صلاحيته كقاض جعفري، وصلت إلى الشامي. وبعد مراجعته، عاد وأصدر أول من أمس إباحة بسفر الأم وطفلها.
تعليقات: