دعوى قضائية لإبطال نتائج انتخابات الاتحاد العمّالي


في عزّ الانهيار الاقتصادي والمالي، انتخب الاتحاد العمالي العام في التاسع من الشهر الماضي قيادة جديدة له في مشهد باهت ومعدّ مسبقاً، وفي تكرار للسيناريو الذي يسيطر على الجسم النقابي الأول في لبنان منذ سنوات، بعد فقدانه دوره الطليعي بالدفاع عن العمال وتحوّله إلى واحدة من أدوات قوى السلطة وأبواقها.

تقدم إلى الانتخابات 20 مرشحاً لاختيار 12 عضواً في قيادة الاتحاد. سريعاً انسحب سبعة مرشحين، فيما صمد المرشح بول أسطفان، رئيس نقابة خبراء التخمين المنضوية في اتحاد نقابات عمال جبل لبنان الشمالي، فارضاً إجراء الانتخابات ومطيحاً بالتزكية التي عملت عليها القيادة السابقة مع المرجعيات السياسية والطائفية. وشارك في الاقتراع ممثلون عن 35 اتحاداً مناطقياً وقطاعياً، من أصل 52 اتحاداً. وبنتيجة محسومة سلفاً، فازت لائحة رئيس الاتحاد بشارة الأسمر (ضمّت ممثلين عن حركة أمل والحزب السوري القومي الاجتماعي وتيار المستقبل وحزب الله والمردة وتيار العزم)، فيما نال إسطفان «صفر أصوات»، بعد تغيّبه عن جلسة الانتخاب، وتقاسم الفائزون التعيينات في هيئة مكتب الاتحاد.

غير أن إسطفان تقدم، في 14 كانون الأول الماضي، بمراجعة اعتراض لدى مصلحة العمل والعلاقات المهنية في وزارة العمل، متهماً أربعة من الفائزين (الرئيس الأسمر والأعضاء شربل صالح وجورج علم وجورج حرب) بمخالفة القانون بـ«عدم إجراء انتخابات في نقاباتهم أو اتحاداتهم قبل الاشتراك في انتخابات الاتحاد العام». وطلب من الوزارة إعطاءه صوراً طبق الأصل عن محاضر انتخابات النقابات والاتحادات التي يمثلها المطعون بهم منذ عام 2018، داعياً إلى «إبطال فوزهم وإعلان فوزه كونه أول الخاسرين». ولمّا لم تجب الوزارة على الاعتراض، لجأ إسطفان إلى قاضي الأمور المستعجلة في بيروت كارلا شواح التي سطّرت محضر تبليغ للوزارة تطالبها بتسليم الطاعن المحاضر خلال 24 ساعة. إلا أن التسليم لم يحصل.

إسطفان أوضح لـ«الأخبار» أنه يحضّر لدعوى قضائية ضد الاتحاد العمالي العام بتهمة تزوير الانتخابات، وسأل: «ألا يكفي الحركة النقابية تفتيتاً وتهميشاً من قبل السلطة وتفريخ نقابات وهمية ووضع اليد على قرار الاتحاد ليأتي اليوم من يزوّر إرادة العمال؟». ولفت إلى أن «من مظاهر مخالفة القانون تخطي جميع الأعضاء المنتخبين سن التقاعد، فيما أحدهم تخطّى الـ86 عاماً، كما أنهم أنفسهم يترشحون في كل دورة بصفة عمالية مختلفة».


الأعضاء المنتخبون تخطّوا سن التقاعد ويترشّحون في كل دورة بصفة عمالية مختلفة

الأسمر، من جهته، برّر لـ«الأخبار» عدم إجراء انتخابات في نقابة عمال وموظفي مرفأ بيروت التي يرأسها إلى «الظروف التي نشأت عقب انفجار مرفأ بيروت». وأضاف أن أياً من أعضاء النقابة، وهم من مشارب سياسية مختلفة، لم يبد أي اعتراض على التأخير، مشيراً إلى أن «كل النقابات تأخّرت عن إجراء انتخاباتها بسبب كورونا، ومؤكداً بأنه سيُجري الانتخابات في نقابته قريباً.

وفيما يستند إسطفان في طعنه ودعوى التزوير إلى عدم إجراء الانتخابات الداخلية في النقابات، ينفي الأسمر «أي تأثير لذلك على قانونية الانتخابات. لأنه لم يشارك أي ممثل عن نقابة عمال وموظفي مرفأ بيروت في الانتخابات، لا ترشحاً ولا اقتراعاً، بصفته مندوباً لهذه النقابة». أما مشاركته في الانتخابات فكانت «بصفتي ممثلاً منتدباً عن اتحاد المصالح المستقلة».

رئيس الاتحاد أكّد أن العملية الانتخابية «شرعية. وقيادة الاتحاد نالت موافقة وزارة العمل على إجراء انتخابات هيئة مكتب الاتحاد، وقد جرت الانتخابات بإشراف مندوبين عن الوزارة وقّعوا على محضرَي الانتخاب وتوزيع المهام بين الفائزين». علماً أن الوزارة لم تصادق بعد على نتائج انتخاب هيئة مكتب الاتحاد في انتظار البت في نتائج الطعن المقدَّم، الأمر الذي يجعل الأسمر رئيساً للاتحاد بناءً على الدورة السابقة وليس الأخيرة، عملاً بمبدأ استمرارية المسؤولية.

وعن الاتحادات والنقابات الوهمية، يقر الأسمر بأنها «موجودة في الموالاة والمعارضة. وهناك أشخاص يدّعون أنهم نقابيون وهم ليسوا عمالاً، منهم النقابي المعارض مارون الخولي، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان، وبول إسطفان الذي هو خبير تخمين وليس عاملاً». لذا، «ضميرنا مرتاح... هالعجينة من هالخميرة».

تعليقات: