لهذه الأسباب.. ضبط القضاء الـ50 ألف دولار في جب جنين

عبد الله الساعي موقوف وسيُقدّم للمحاكمة
عبد الله الساعي موقوف وسيُقدّم للمحاكمة


أشعل القرار القضائي بضبط مبلغ الـ50 ألف دولار، التي استحوذ عليها المواطن عبد الله الساعي، من حسابه المصرفي الخاص، إثر احتجاز موظفي مصرف BBAC في جب جنين، غضباً كبيراً في مواقع التواصل الاجتماعي، كون الرجل لم يفعل أكثر من انتزاع حقه من المصرف الذي صادر أمواله ككل المصارف مُصادِرة أموال المودعين.

وتحدثت تقارير عن أن النيابة العامة الاستئنافية في البقاع أصدرت، مساء الثلاثاء، قراراً بضبط مبلغ الـ50 الف دولار، الذي استحصل عليه الساعي، ترافقت مع مذكرة توقيف بحقه لاحتجازه أشخاصاً بالقوة وتهديد حياتهم وحيازة السلاح.

فالرجل الذي وصف بأنه "بطل" و"قبضاي"، يدفع الآن ثمن ما قام به للحصول على حقه من المصرف. والثمن يُدفع مرتين، الأولى بسلب حقه منه مرة أخرى، والثانية بمقاضاته وسجنه كعقوبة على ما قام به. وهو قد بدأ الآن، في احتجازه، إضراباً عن الطعام إلى حين الإفراج عنه.

نقاشات عديدة تتصدر مواقع التواصل حول ما قام به الساعي، وما نفذته السلطات القضائية. يدور النقاش أساساً حول قانونية اقتحام المصرف وحجز الموظفين والزبائن والتصرف معهم كرهائن، وهي نقطة تباين بين كثيرين انقسموا حول توصيف الأمر بالـ"بلطجة" و"تهديد حياة أبرياء"، وبين من قال إنه انتزاع لحق بعد عجز السلطة والقانون عن تحصيله. ولم يتردد المؤيدون لفعلته في القول انه سيُحاكم، وفق القانون، لما قام به.

لكن ما لم ينقسم الناس حوله، هو الغضب من القرار القضائي بضبط المبلغ الذي حصّله الساعي من المصرف. أقل تهمة توجه الى القضاء الآن، تقول إنه "متواطئ" مع المصارف، ويأتمر بأمرها، وينفذ سياسة كيدية في حق المودعين، ويمعن في الاستحواذ على أموالهم وتشجيع المصارف على المغالاة في ممارساتها، وهو ما ظهر في الوقفة التضامنية معه، وفي النشاط الافتراضي المؤيد والمتضامن معه.

لكن النقاش يفتقد الى مقاربة أساسية تنطلق من السؤال: ماذا لو أتيح للساعي أن يستحوذ على أمواله من دون عقوبة؟ كيف سيكون المشهد في المقابل؟

هذا النقاش يدور في الأروقة القضائية وفي العقل السياسي والأمني اللبناني. فأي تساهل مع هذا العمل، سيشجع آخرين على القيام بالدور نفسه للاستحصال على أموالهم، وبالتالي، سيضع الأمن المتصل بهذا الجانب في خطر. سيطلق العنان لاستحصال الحق خارج المؤسسات، ولا يمكن ضبط الموضوع بما يؤدي حكماً الى توترات، وربما قتلى في المصارف إذا كان الفرع لا يمتلك المبلغ المالي المطالب به.

من هذا المنطلق، قطع القضاء الطريق أمام أي محاولة للاستحصال على الحق بالقوة. فسجن الساعي، لمدة تتراوح بين 3 و7 سنوات ضمن محاكمة في محكمة الجنايات، لن يردع عن تكرار الحادث، في حال تم السماح له بإبقاء المبلغ المالي معه.

وفي مقابل تضامن المودعين مع الساعي، تضامن موظفو المصارف في جب جنين مع زملائهم في فرع "بنك بيروت والبلاد العربية". ثمة طرفان يعانيان من الأزمة، والطرفان تحيط بظروفهما الإنسانية إشكالية كبيرة. تتحمل الدولة مسؤولية هذه الفوضى والتوتر الأمني.

الطرفان مظلومان، ولا مناص من الحل بالإفراج عن أموال المودعين بالكامل، على الأقل أموال صغار المودعين.

تعليقات: