الشوف - الإقليم: معركة حزب الله لكسر جنبلاط.. والمستقبل مشرذم

سيحاول حزب الله إلحاق هزيمة مدوية بجنبلاط عبر سلب مقعد مروان حمادة (Getty)
سيحاول حزب الله إلحاق هزيمة مدوية بجنبلاط عبر سلب مقعد مروان حمادة (Getty)


خريطة تحالفات قديمة-جديدة تفرض نفسها في قضاء الشّوف، وتحديداً في مناطق إقليم الخرّوب، المتمثّلة بشحيم وبرجا وكترمايا والجوار. في الاستحقاق الانتخابي المقبل، ستكون هذه المنطقة حاسمة سياسياً لجهة توزيع موازين القوى بين "الاشتراكي" الذي اعتاد على احتلال السّاحة انتخابياً، وبين المحور المتحالف مع حزب الله.

تحالف الممانعة

في عودة مختصرة إلى الانتخابات السّابقة، والتي جرت في أيار 2018، كان من المفترض أن يقف حزب الله إلى جانب الوزير السّابق وئام وهاب، الذي يدور في محوره. لكن في اللحظات الأخيرة، بدّل الحزب قراره ليسحب دعمه تجاه وهّاب وبالتّالي خسارة المقعد المأمول.

أمّا اليوم، فيعمل حزب الله بالتّعاون مع الوزير السابق طلال أرسلان إلى جانب وئام وهّاب وحليفه المسيحي، التيار الوطني الحرّ. وتفيد المعلومات لـ"المدن" بأن الرّباعي يهدف إلى تشكيل لائحة موحّدة مضادة للائحة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.

اقتراب وهّاب من الحاصل الانتخابي عام 2018 جعل حزب الله يدرك أنّه مرشح يمكن الاستفادة منه، ولا يجب هدره، شرط أن يتصارع على مقعد الوزير السّابق والنائب المستقيل مروان حمادة. ولذا، سيصبّ التحالف الرّباعي كلّ ثقله على هذا المقعد لسلبه من جنبلاط. وبالتّالي، إن نجح وهّاب، ستكون خسارة مدويّة لجنبلاط في الشوف، وللمرة الأولى في تاريخه.

أمّا على الصعيد المسيحي، فيسعى التيار الوطني الحرّ إلى صبّ الأصوات لمصلحة الوزير السّابق غسّان عطالله عوضاً عن النائب الحالي ماريو عون، ليكون الفوز بهذا المقعد نتيجة معركة بوجه نعمة طعمة، الذي يعتبر المموّل الأساسي للحزب الاشتراكي. كما أن النائب فريد البستاني يعتبر من الأسماء المتداولة بطريقة ملحوظة كونه يسعى مالياً بشكل كبير ليكون ماريو عون قطعاً خارج المعادلة.

ولكن مصادر سياسية تشير لـ"المدن" إلى أن هذا الأمر قد يكون بعيد المنال بسبب عدم اتزان الاتفاق السياسي بين وهّاب والتيار الوطني الحرّ من جهة، وتراجع الزخم الانتخابي للوطني الحرّ، خصوصاً بعد انتفاضة 17 تشرين، من جهة ثانية.

التحالف السياسي

يؤكّد مصدر مقرّب من الحزب الاشتراكي أن التحالف المثالي في قضاء الشوف، وخصوصاً في مناطق الإقليم، هو ذلك الذي يجمعه مع تيار المستقبل والقوّات اللبنانية مشيراً إلى أنّ هذا التحالف ليس انتخابيًّا بقدر ما هو سياسي.

فالمعركة حاسمة، أمّا ينتصر حلف الممانعة، وبالتّالي تسليم لبنان إلى المحور الإيراني، حسب المصدر نفسه، أو الدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله كنوع من العودة إلى شعار 14 آذار. وانطلاقاً من هنا، يسعى جنبلاط إلى وجود حل وسطي بين رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ورئيس حزب القوّات اللبنانية سمير جعجع، معتبراً أنّه لا يستطيع مواجهة حزب الله من دون المستقبل من جهة، والقوّات لا تستطيع بمفردها مواجهته، من جهة أخرى.

على صعيد الأسماء المطروحة، يتمسّك الاشتراكي بالنائب الحالي بلال العبدالله، معتبراً أنّ نجمه سطع خلال جائحة كورونا، عبر تقديم الخدمات واستحداث المستوصفات، إضافة إلى أنه يحظى بشعبية كبيرة، ليكون الأقوى سنيّاً في المنطقة، رغم الحديث عن إمكانية عزوفه عن الانتخابات، وهو الأمر الذي نفاه الاشتراكي جملة وتفصيلاً.

لكن ترشيح العبدالله يحتاج إلى حوار بين الاشتراكي والمستقبل، إذ جرت العادة أن يطرح الاشتراكي مرشّحه في بلدة برجا، بينما ينفرد المستقبل في شحيم. ومع تغيير المعادلة من قبل جنبلاط في العام 2018 حين طرح مرشّحه في شحيم، بلال العبدالله، قبل الإعلان الرسمي للوائح، ما أدّى إلى صرخة من قبل أهالي شحيم معتبرين أنّ تمثيل المستقبل من حقّهم، يجب الآن عقد تفاهم مع المستقبل بهذا الخصوص.

صراع المستقبل

لا شكّ أن قوّة تيار المستقبل قد تراجعت، نسبة لعوامل عدّة، أهمّها انتفاضة 17 تشرين، وغضب أهل الإقليم من الحريري بعد الوعود التي تطايرت في الهواء، ليعاني المستقبل من استياء ملحوظ من قبل أهالي المنطقة.

ومن جهة أخرى، تفيد المعلومات إلى أنّ النائب محمّد الحجّار، الذي شغل هذا المقعد لسنوات عديدة، لن يترشّح هذا العام، ما يفتح المجال أمام مرشّحين جدد، إمّا من داخل تيار المستقبل، أو من خارجه لكن بغطاء منه.

وما زال خلاف أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري ورجل الأعمال أحمد هاشمية المقرّب من سعد الحريري، على حاله. ويترجم اليوم بطرح الإسم البديل عن محمّد الحجّار. إذ يتمسّك أحمد الحريري بشخصيات من رحم التيار، مثل الدكتور بسّام عبد الملك، وهو مدير عام سابق في وزارة النقل، وله مكانته في الإقليم، وطارق الحجّار وهو ابن شقيق محمّد الحجار، ومقرّب جداً من سعد الحريري.

أمّا هاشمية فيطرح أسماء من خارج عباءة المستقبل، ولكن تحظى بدعم منه، من خلال التواصل مع جماعات عديدة داخل المستقبل، حتى أنه تمّ طرح اسم رجل الأعمال سمير الخطيب، وهو شريك ومؤسس لشركة خطيب وعلمي، وكان مطروحاً لتولي رئاسة الحكومة.

لذا، يصارع تيار المستقبل على ثلاثة لوائح: واحدة يشكّلها أحمد الحريري وتضم شخصيات من داخل التيار، والثانية يشكّلها أحمد هاشمية الذي يبدو حتى الآن ضائعاً، والأخيرة من شخصيات المجتمع المدني تكون مدعومة من تيار المستقبل.

كل ذلك يبقى غير محسوم بانتظار الكلمة الأخيرة التي ستصدر عن سعد الحريري، والذي حتى اللحظة لا يعلم ما هو القرار الأنسب، وأي اتجاه يجب أن يأخذ. لكن تحالفه مع الاشتراكي والقوّات يبقى "مقدّساً" إلاّ إذا برزت تطوّرات سياسية طارئة.

الجماعة الإسلامية: الصراع يصل للإقليم

تمثل الجماعة الإسلامية في جبل لبنان بيضة القبان بالنسبة للقوى التقليدية، حيث تمتلك وفقاً لمطلعين حوالى 2500 صوت تفضيلي جرى تجييرها في الانتخابات الماضية للنائب بلال عبدالله والنائب مروان حمادة، عقب زيارة تضامن قام بها جنبلاط لمقر الجماعة حينها، بعد تغييبها عن لائحة تحالف المستقبل والإشتراكي.

لكن الواقع اليوم مختلف وفقاً للمطلعين، فالمستقبل لن يتخلى عن مقعده السني في الشوف للجماعة ولا الاشتراكي بوارد تغييب بلال عبدالله عن المشهد في المنطقة، لكونه من صقور الحزب. لذا، فإن الجماعة اتجهت بعد مداولات داخلية لترشيح الطبيب الشاب عمار الشمعة من مدينة برجا في محاولة لمخاطبة مشاعر "البرجاويين" في حال جرى تهميشهم عن لوائح القوى السياسية.

وهذه التسمية للشمعة وفقاً لمطلعين تأتي عقب انكفاء الجناح المؤيد للأمين العام عزام الأيوبي في الإقليم، وتصدر المشهد للجناح الأمني (المقرب من حزب الله وحركة حماس) الذي يصارع الأيوبي داخلياً منذ العام 2016. وتشير المصادر أن هذا الفريق يميل للتحالف مع لائحة قوى 8 آذار أي تحالف وهاب – أرسلان والتيار العوني وحزب الله، خصوصاً أن محاولات واتصالات وإشارات لإمكانية هكذا تحالف حدثت في العام 2018، وجرى رفضها بناءً على العلاقة التاريخية مع جنبلاط.

تعليقات: