في خمسينيات القرن الماضي كان سائق سيارة تاكسي عمومي يدعى (أبو خالد) ينقل الركاب من القدس إلى الخليل وبالعكس
وذات يوم من أيام صيف حار انطلق أبو خالد بركابه من القدس باتجاه الخليل وعلى مفرق (بيت فجار) أشار له راكب فتوقف، وقال للركاب في الكرسي الخلفي
- دبروه عندكم، حرام الدنيا حر كثير..
فاعترض أحد الركاب وكان يرتدي طقماً وكرافة أنيقة، وقال للسائق:
- المقعد الخلفي فيه ثلاثة ركاب ومكتمل
فزجره أبو خالد قائلاً:
- لا تفتح تمك بحرف واحد يا أفندي، بدو يطلع غصب عنك .. وإذا ضليت تحكي، بفج راسك (ولوّح بمفتاح الجنط)
صمت الرجل الأفندي مرغماً وصعد الراكب..
انطلق أبو خالد بسيارته إلى أن وصل إلى (بيت امر) فأشار له راكبٌ آخر، فتوقف، وقال للركاب في المقعد الخلفي:
- دبروه عندكم، حرام.. الدنيا حر كثير..
فعاد نفس الرجل الأنيق ليعترض، وكرر أبو خالد تهديده
- شو ما رح تسكت يا أفندي إلا فج راسك.. انكب سكوت ولا كلمة
صعد الرجل الخامس فجلس مع الركاب وزاد ضيقهم كوع هذا بصدر ذاك وعظامهم تكاد تتحطم، حتى وصلوا إلى الخليل.
وفي اليوم التالي ما إن صفّ أبو خالد سيارته في كراج القدس حتى أحاطت به الشرطة وكلبشوه وساقوه إلى المحكمة لأسباب مجهولة
رغم صراخه وسؤاله المتكرر: ليش، شو مساوي..
فكان الرد مختصراً:
- هلأ القاضي بيقلك شو عامل!…
وعندما وقف أمام القاضي كانت المفاجأة.. إنه نفس الرجل الأفندي الأنيق الذي كان معه يوم أمس، وأهانه وهدده بمفتاح الجنط ..
قال له القاضي:
إيه يا أبو خالد بعدك بدك تفج راسي بمفتاح الجنط!؟
فضحك أبو خالد وقال:
والله يا سيدي مبارح كان مفتاح الجنط بإيدي واليوم صار بإيدك.
وأنت ومروتك يا راعي المروّه …
فضحك القاضي حتى كاد يسقط عن كرسيه، وقال:
- روح انقلع من وجهي ولا عاد تعيدها..
منقول فواز حسين حرفيش كانون ثاني 2022
الحكمة من القصة:
إذا صار مفتاح الجنط بإيدك طوّل بالك وهدّي شوي. اليوم المفتاح بإيدك، بكرا بيصير بإيد غيرك والحياة دوارة …
وعمر المفتاح ما دام لأحد.
تعليقات: