المعلّم» صابر القادري
كلّ الذكريات تجمعت مع المعلم صابر القادري كما كانوا ينادونه في «كفرشوبا» هو من المنتوج الثقافي الأول ومن المعلمين الأوائل. حفر بقلمه على صفحة عقلي الحروف الأولى كما حفر في عقول أجيال أخرى.
عرفته كفرشوبا وغيرها من القرى المجاورة والبعيدة معلماً منذ منتصف القرن الماضي بدءاً من العام 1955 صابر القادري (مواليد 1937). من الوجوه البيضاء يصعد إلى مخيلتي في هذه اللحظات شهيداً مبللاً رأسه بالدماء وإلى جانبه زوجته المبادئ تتكئ عليه بجسدها الممزق بالرصاص. ثيابهما مصبوغة باللون الأحمر. وبجانبهما ابنتهما الشهيدة «الحية» وحدها عانقتهما. كانت في توق كبير هي وأخوتها لاستكمال الحياة الطبيعة الهادئة لكنهما رحلا دون أن يأتمنوهم على تاريخ وتراثه الموزّع الذي يتمثل في أرواح تلامذته وعارفيه. الصاعقة وقعت خلال لحظات وحشية أثناء غياب العقول. شاهدت مجموعة من المسلحين لم تساعدها الذاكرة كما عددهم لأن عقلها أثناء الجريمة «ربط فمها». نطقت ابنته لمرة واحدة: «لماذا قتلوه». وأخذت تصرخ وتلهث وصمتت لكن تلامذته لن يسكتوا عن الجريمة البشعة.
صابر القادري (المعلم) لم يكن يحمل رشاشاً كاتماً للصوت ومتسرباً في القمة لقتلهم. فهو تطوع منذ نعومة أظافره تربوياً. منادياً بالوحدة على مستوى الأمة. يجمع الأفكار الممزقة في العقول ويجمع المحايات ليمحو الكراهية. خمسون سنة وهو يمضي في طريق ممتلئة بنقاط الدموع منادياً في كل مجالسة بالوحدة والتعاون عند أي خلاف على مستوى «الضيعة» صابر القادري من الرجال الذين وضعوا أسساً للدعوة القومية في منطقة العرقوب ماذا أكتب عنك يا صابر؟!! وأنت الآن أمام عيني وعيون من عرفوك المرآة التي تحطّمت في عصر الظلمة. عصر المذاهب والطوائف. عصر ضوء النهار الشاحب على كلّ العروبين الوحدوين الذين تأكلهم الأزمة وظلامية الحياة!!!
تحية إليك في زمن عانينا سوياً مع المناضل الشهيد طارق عبد الله، حيث كانت قوات العدو الصهيوني داخل المناطق الآهلة بالسكان في الجنوب والعرقوب وحسبنا الأمر عند تلك المحطة ينتهي لكنها لم تكن كذلك!!!
تعليقات: